أحداث العنف الطائفي في مصر ـ تقصير في حماية الأقباط؟
٢٧ يوليو ٢٠١٦تصاعدت وتيرة أحداث العنف الطائفي في مصر خلال الآونة الأخيرة، مما جعل كثير من المنظمات الحقوقية وبعض الأحزاب السياسية في مصر تدق ناقوس الخطر، محذرة من تطور الأوضاع إلى الأسوأ. فبعد أحداث العنف التي شهدتها قرية "طهنا الجبل"، والتي أسفرت عن مقتل شخص وإصابة 3 مسيحيين بينهم امرأة، شهدت قرى بمحافظة المنيا الواقعة جنوبي القاهرة ثلاث حوادث أخرى ذات بعد طائفي على مدى الشهور القليلة الماضية على غرار الاشتباكات التي اندلعت في قرية الكرم في شهر مايو/ أيار الماضي بعد تردد أحاديث عن علاقة بين مسيحي ومسلمة.
ويُرجع جورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر (منظمة حقوقية شبة رسمية) تنامي هذه التوترات الطائفية إلى عوامل منها ما هو ثقافي واجتماعي وتنموي. وقال إسحاق في حوار مع DWعربية "للمشكلة بعد ثقافي، وهنا أذكر الخطاب الذي يُوجه إلى الناس ويثير نعرات التعصب، ثم بعد اجتماعي حينما يتم التحريض على عدم تعامل أبناء الأمة الواحدة مع بعضهم البعض. وهناك بعد ثالث تنموي يكمن في معاناة المناطق التي تشهد مثل هذه الأحداث من تردي الخدمات"، حسب إسحاق.
"الحلول العرفية ليست حلاً"
وانتقد إسحاق لجوء المؤسسات الحكومية المعنية للحلول العرفية لتسوية المشاكل الناتجة عن هذه الأحداث الطائفية، وقال "المشاكل التي حدثت في الشهور الأخيرة تم حلها بطرق عرفية. وحل مثل هذه المشاكل بالعادات العرفية خطير جدا". وتابع عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان "العادات العرفية قد تنفع في حل مشاكل بين زوج وزوجته أو بين عائلتين بينهما خصام، لكن مثل هذه الأحداث التي تُرتكب فيها الجرائم فيجب أن يكون القانون هو الفيصل فيها"، مشددا على أن "الجرائم لا تخضع للمساومة، فمن ارتكب جريمة قتل أو حرق فيجب أن يعاقب كما ينص على ذلك القانون".
وفي نفس هذا الاتجاه، أدانت بعض الأحزاب المصرية مواقف الدولة المصرية تجاه أحداث العنف الطائفي. ووصف بيان صادر عن حزب "العيش والحرية" يوم الجمعة الماضي، المواقف الحكومية بالمتقاعسة، والمعادية لكافة الأصوات التي تطالب بمحاسبة المسؤولين والمعتدين، فيما طالب حزب "مصر القوية"، في بيان، السلطات المصرية باحترام الدستور وتطبيقه، مشيراً إلى أن "مسلسلا من أحداث العنف الطائفي لا يكاد يتوقف قليلا حتى يعاود الظهور مرة أخرى ولكن هذه المرة بوتيرة شديدة الارتفاع"، حسبما جاء في البيان.
"تطبيق القانون هو الحل"
وأضاف بيان نفس الحزب، أن النظام الحالي يدعي إلى احترام دولة القانون و"يسير على نهج من سبقوه في اللجوء إلى جلسات الصلح العرفي، والتي تساهم في إعادة إنتاج أجواء التوتر، وخلق بيئة حاضنة لتحول أي نزاع مدني بين مواطنين إلى اعتداءات طائفية وأعمال عنف". وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد حذر مما أسماه "محاولات الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين" في بلاده بعد الحوادث الطائفية التي شهدتها محافظة المنيا خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقال الرئيس المصري "لا يليق بنا أن نقول هذا مصري مسلم وهذا مصري مسيحي.. هو مصري له مال لنا وعليه ما علينا." وأضاف "هناك دولة اسمها دولة القانون... من يخطئ يحاسب بالقانون من أول رئيس الجمهورية إلى أي مواطن". لكن جورج إسحاق يرى أن "هذا الكلام يجب أن يُطبق على أرضع الواقع وألا يبقى مجرد كلام".
وأكد الحقوقي المصري في حواره مع DWعربية أن "الحكومة المصرية مُقصرة في حماية الأقباط باعتبارهم أقلية في مصر"، مشددا في نفس الوقت على ضرورة تفعيل مبدأ المواطنة الذي ينص عليه الدستور المصري بتكاثف جهود المجتمع المدني والأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة لمحاصرة ظاهرة العنف الطائفي في البلاد، حسب تعبير إسحاق.