أسلحة القذافي في خدمة تنظيم القاعدة؟
١٨ مايو ٢٠١١تتناقل وسائل الإعلام صور الثوار الليبيين وهم يقاتلون قوات العقيد معمر القذافي التي دُحرت من شرق البلاد تاركة وراءها دبابات وآليات عسكرية، جزء منها محطم وآخر لايزال صالحا للاستعمال. ويظهر في تلك الصور شباب يحمل رشاشات أو صواريخ مضادة للطائرات والآليات العسكرية. ويقول قادة المعارضة الليبية إن معظم المقاتلين هم من المدنيين الرافضين لحكم العقيد القذافي. ومن هذا المشهد حذر المراقبون من إمكانية استغلال تنظيمات إرهابية وعلى رأسها تنظيم القاعدة لـ"حالة الفوضى" القائمة للحصول على تلك الأسلحة المتراكمة هنا وهناك.
وقد ازدادت حدة المخاوف مع إعلان حكومات في المنطقة عن استقبال مقاتلي تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لقوافل من الأسلحة المسروقة من مخازن السلاح المهجورة الخاصة بالعقيد الليبي معمر القذافي. وعبر قيادات في مالي وتشاد والجزائر عن اعتقادها أن أسلحة منهوبة قد تكون قد وصلت الى قواعد التنظيم في شمال مالي. كما حذر الرئيس التشادي من مخاطر تسلح التنظيم الإرهابي الذي قد يصبح القوة الأكثر تسلحا بالمنطقة.
ويقول عبد الحميد غمراسة، الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، إن السلطات الجزائرية عبرت هي الأخرى عن خشيتها من وقوع تلك الشحنات في يد عناصر متطرفة، وجاءت هذه التحذيرات بناء على تقارير أمنية جزائرية، أكدت تسرب أسلحة من ليبيا إلى شمال مالي، وحصول عناصر القاعدة قرب الحدود الجزائرية المالية" على كميات منها.
يشار الى أن "تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" انبثق عام 2007 عن "الجماعة السلفية الجزائرية للدعوة والقتال"
القاعدة تستفيد من استمرار النزاع في ليبيا
وتسعى الجماعات المسلحة النشطة في منطقة الساحل الإفريقي إلى استغلال الصراع الداخلي الحالي في ليبيا لدعم قدراتها العسكرية، كما يقول الخبير عبد الحميد غمراسة في حوار مع دويتشه فيله. ويضيف أن ليبيا باتت الآن " بزار سلاح مفتوح في ظل الفوضى وانسحاب القوات الليبية من نقاط مراقبة الحدود، وهذا ما يشكل فرصة ليس فقط للتنظيمات الجهادية، بل حتى لمهربي الأسلحة وتجار المخدرات والبشر". وفي هذا السياق يشير كميل الطويل، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية المسلحة الى "أن القاعدة تعيش وتزدهر في مناطق يغيب فيها حكم الدولة القوية " محذرا من " أن تتحول ليبيا لصومال أخر، وهو الامر الذي سيساعد القاعدة على تنشيط وجودها هناك في ظل انهيار الدولة وتحول النزاع في ذلك البلد إلى ما يشبه الحرب الأهلية".
ويؤكد الباحث كما الطويل في حورمع دويتشه فيله وجود " مخاوف من أن يطول أمد النزاع في ليبيا ما قد يساعد تنظيم القاعدة على تعزيز حضورها في شمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء". ويضيف " أن هناك تقارير عديدة من أجهزة استخبارات ودول في المنطقة، وحتى من حكومات غربية، تؤكد أن شيئا ما قد حصل عندما انفرط عقد النظام الليبي في مناطق شرق البلاد وسقطت المنطقة في يد الثوار".
غير أن مايك مولن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة قال نهاية الشهر الماضي إنه ليس هناك ما يشير الى وجود عناصر لتنظيم القاعدة في صفوف المعارضة الليبية المسلحة، مخالفا بذلك ما يشاع حول تدخل جماعات متشددة في الصراع داخل ليبيا.
سيناريوهات كارثية
تحركات تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تجعل المراقبين يتخوفون من" سيناريوهات كارثية" لعمليات محتملة للتنظيم في حال حصوله على أسلحة متطورة، خاصة وأن التنظيم أعلن في مناسبات عديدة انه يريد استهداف مصالح غربية ومحلية. وهذا التخوف عبرت عنه جهات دولية عديدة، من بينهم بيتر بوكارت، مدير الطوارئ بمنظمة هيومان رايتس ووتش والذي قضى أسابيع في توثيق ترسانة الأسلحة المنهوبة في ليبيا ، حيث وجد أن "هناك ما يكفي (من الأسلحة) في عين المكان وسيكون من السهولة لمن يريد ذلك الحصول عليها"، في اشارة أيضا إلى تنظيم القاعدة والمنظمات المسلحة الأخرى.
ويذهب الباحث في شؤون الجماعات المسلحة، كما الطويل إلى أبعد من ذلك عندما يستخلص " أن بعض الأسلحة مثل صواريخ سترلا أو الصواريخ المحمولة على الكتف والمضادة للطائرات قد وجدت طريقها إلى تنظيم القاعدة في مالي" غير أن خبراء يعتقدون أنه حتى مع احتمال قيام القاعدة ببعمليات بعد مقتل بن لادن فإن مدى الصواريخ المنهوبة هناك غير كاف لاستهداف طائرات كبيرة من مواقع نائية تتحصن بها الجماعات المسلحة في منطقة الساحل الإفريقي.
يوسف بوفيجلين
مراجعة: عبدالحي العلمي