ألمانيا: انتقادات لـ"حوافز الترحيب" بالعمالة الاجنبية
٣ أغسطس ٢٠١٠لا زال الجدل محتدما في ألمانيا حول مقترحات من مسؤولين في الحكومة الألمانية باستقطاب المزيد من العمالة الأجنبية المتخصصة وذلك بهدف تغطية العجز في العمالة الماهرة، الذي تشكو منه بعض القطاعات الاقتصادية في البلاد. يأتي ذلك في أعقاب اقتراح تقدم به وزير الاقتصاد الألماني راينر برودرله (الحزب الديمقراطي الحر) يكمن في تقديم نوع من الدعم المالي للخبراء الأجانب يسمى بـ"حوافز الترحيب" لجذبهم للعمل في ألمانيا. ويعارض الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أكبر أحزاب المعارضة، بالإضافة إلى بعض النقابات والهيئات المختصة بتشغيل العمالة تلك المقترحات التي يرون أن من شأنها الإضرار بالعمالة المحلية وزيادة البطالة في البلاد. وفي هذا الصدد طالب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، زيغمار غابريل، بدعم العمالة المحلية بدلا من استيرادها من الخارج. وقال غابريل في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) اليوم الثلاثاء: "أنا لست ضد الهجرة، لكن قبل أن نجذب المزيد من العمالة الأجنبية بحوافز ترحيب حمقاء يتعين علينا تحسين تدريب الشباب، الذين يعيشون في بلدنا"، مشيرا في الوقت نفسه إلى ضرورة فعل المزيد من أجل تحسين فرص تدريب العاطلين عن العمل.
مطالب بضرورة تأهيل ابناء المهاجرين أولاً
وأشار غابريل إلى أن هناك نحو 40 بالمائة من الشباب المنحدرين من أصول مهاجرة في ألمانيا غير حاصلين على شهادات مهنية، بحسب بيانات أحدث تقرير للتعليم. وأضاف أنه حتى الطلاب القادمين من دول خارج الاتحاد الأوروبي "الذين نقوم بتدريبهم في جامعاتنا بألمانيا بتكاليف مرتفعة" يتم إعادتهم مرة أخرى إلى بلادهم عقب انتهاء دراستهم بسبب نقص الشروط القانونية الخاصة بتشغيلهم في ألمانيا. ووصف مطالب برودرله ووزيرة التعليم الألمانية أنيته شافان بجذب المزيد من العمالة الأجنبية الماهرة إلى ألمانيا بأنها "غير مسؤولة وطائشة". وأكد غابريل أن تحسين فرص التعليم والتدريب هو مفتاح مكافحة النقص في العمالة الماهرة في ألمانيا، وقال: "إننا بحاجة إلى مزيد من التعليم المبكر للأطفال وتحسين النظام المدرسي وتوفير دعم كاف للطلاب".
وفي السياق نفسه طالبت نقابة الصناعات المعدنية الألمانية الحكومة والأوساط الاقتصادية بتوفير المزيد من فرص التدريب المهني لسد النقص في العمالة الماهرة. وقالت ريغينا غرونر، العضوة في مجلس إدارة النقابة، في تصريحات لـ"د.ب.أ" اليوم الثلاثاء: "لا يزال ينقصنا فرص التدريب وليس الشباب، الذين يريدون أن يتدربوا". وأشارت غرونر إلى أن عروض التدريب لا زالت أقل من الطلب في كثير من المجالات الوظيفية رغم نقص العمالة الماهرة.
وكانت الحكومة الألمانية قد أعلنت أمس الاثنين عدم عزمها تعديل القواعد الخاصة بالهجرة، وإنما تريد تنفيذ ما خططت له من تأهيل الباحثين عن وظيفة بشكل جيد. وأوضح نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية كريستوف شتيغمانس أن الحكومة لا تعتزم إعادة النظر في قواعد الهجرة، التي اعتمدتها قبل عام ونصف وأن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لا تؤيد بأي حال من الأحوال ما يطالب به وزير اقتصادها من دفع "حافز ترحيب" للأجانب القادمين من خارج ألمانيا للعمل بها.
اقتراح وزاري لا يلقى دعما حكوميا
وقد اقترح وزير الاقتصاد برودرله تقديم نوع من الدعم المالي للخبراء الأجانب لجذبهم للعمل في ألمانيا. لكن تلك المقترحات قوبلت بانتقادات ليس من قبل بعض أحزاب المعارضة فقط، وإنما أيضا بالإضافة من قبل جهات حكومية أخرى مثل الوكالة الاتحادية للعمل، حيث تطالب بالاعتماد على الخبرات المحلية خاصة في ظل وجود أعداد كبيرة من العاطلين في البلاد. وفي هذا الصدد قال رئيس الوكالة الاتحادية للعمل، فرانك يورغن فايزه، في تصريحات للنسخة الألمانية من صحيفة "فاينيشيال تايمز" في عددها الصادر أمس الاثنين: "لا يمكننا أن نسمح بأن يكون لدينا عاطلون عن العمل فقط لأنه لم يتم استغلال مواهبهم". ورأى فايزه أن مسألة الاستعانة بعمالة أجنبية متخصصة ينبغي أن تكون خطوة ثانية وليست أولى في حل مشكلة نقص العمالة الماهرة. وأشار إلى أن الكثير من النساء المؤهلات لا يستطعن الالتحاق بسوق العمل بسبب عدم توفر أماكن كافية للأطفال في دور الحضانة. وطالب فايزه أرباب العمل بالمساهمة في حل تلك المشكلة حتى يتسنى لهؤلاء النساء الحصول على فرصة عمل وبالتالي سد النقص في عدد العمالة الماهرة.
(ش.ع / د.ب.أ)
مراجعة: عبده جميل المخلافي