ألمانيا تريد تعديل الاتفاقيات الأوروبية لحل أزمة الديون
٨ ديسمبر ٢٠١١يتصاعد الضغط على المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من عدة جهات أوروبية لإنقاذ اليورو، ويتساءل الكثيرون إلى متى ستظل المستشارة ترفض اعتماد سندات أوروبية مشتركة لحل أزمة الديون الأوروبية. غير أن الحكومة الألمانية تعتبر أنه يجب معالجة الأسباب الحقيقية للأزمة، وهذا لن يتحقق بين عشية وضحاها، كما صرحت المستشارة ميركل قائلة: " الحكومة الألمانية أوضحت دوما أن أزمة الديون الأوروبية لا يمكن حلها في فترة وجيزة. التغلب على أزمة الديون الحكومية عملية قد تستغرق سنوات".
برلين تريد تعديل الاتفاقيات الأوروبية
وترفض الحكومة الألمانية إصدار سندات أوروبية مشتركة، كما يطالب بذلك عدة مسؤولين أوروبيين مثل رئيس المفوضية الأوروبية خوسي مانويل باروزو. وتؤكد المستشارة الألمانية ميركل على أهمية إصلاح الاتحاد النقدي الأوروبي لتحويله إلى اتحاد مالي من أجل تخطي الأزمة.
وقالت ميركل خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاثنين الماضي في باريس "نرفض السندات الأوروبية، وعليه سنعقد شهريا اجتماعا لمجموعة دول اليورو إضافة إلى الدول المهتمة بذلك لتوطيد قوتنا التنافسية وتحفيز النمو". وأوضحت أن "العنصر المحوري" في "اتحاد الاستقرار" الذي تدعو إليه ألمانيا سيكون تحديد "سقف جديد للديون الأوروبية"، مجددة عزمها على إقناع شركائها بضرورة مراجعة الاتفاقيات الأوروبية لتضمينها المزيد من الانضباط في الميزانية.
وحتى وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله يتمسك بالموقف الألماني الرافض، ويشرح بأن توزيع ضمانات الديون على المجموعة الأوروبية لا تسمح به الاتفاقيات الأوروبية، وقال "إن الاقتصاد الألماني سيتعرض للإجهاد إذا تحملنا ضمان ديون جميع الدول الأوروبية".
وأكد شويبله في الوقت نفسه على ضرورة تنفيذ قواعد ميثاق الاستقرار النقدي والنمو الأوروبي وإجراء تعديلات في معاهدات الاتحاد الأوروبي ، وقال إنه "يتعين أن يكون هناك مؤسسة أوروبية تراعي أن يتم ضبط موازنات الدول الأعضاء إذا لم تطابق القواعد السارية. إننا بحاجة إلى تعديلات سريعة في المعاهدات من أجل تلك النقاط".
"المشكلة ليست في الديون، ولكن في هيمنة البنوك "
غير أن حكومة المستشارة ميركل تتعرض لانتقادات حادة من قبل أحزاب المعارضة الألمانية التي تحملها المسؤولية في الرفع من حدة أزمة الديون الأوروبية. وأوضح زعيم حزب اليسار الألماني المعارض غريغور غيزي أن سبب الأزمة لا يكمن في المديونية الحكومية، بل في سلطة البنوك وشركات التأمين. وحث غيزي على تحويل البنوك الخاصة الكبيرة إلى القطاع العام، موضحا أن هذا هو السبيل لمكافحة الأزمة المالية بفاعلية. وقال إن الإجراءات الحكومية المتخذة إلى حد الآن أدت إلى تقليص الحقوق الاجتماعية والتفقير والنيل من الحقوق الديمقراطية. وأضاف غيزي أن "هذا لم يعد مقبولا. في ايطاليا واليونان يتم تعيين موظفين تكنوقراط بدون انتخابات وتغييرات. يتم إرسال أعضاء حكومات ببساطة إلى بيوتهم، ويتم تعيين أناس يرغب فيهم الاتحاد الأوروبي. إننا نشهد تفكيكا كارثيا للديمقراطية".
وعلى كل حال فان الكثير من الخبراء يشددون على أن تجاوز أزمة الديون الأوروبية بحاجة إلى تكاثف الجهود بين ألمانيا وفرنسا لإصلاح الاتحاد النقدي. وهذا ما تحقق في خطوة أولى الاثنين الماضي عندما وافقت المستشارة ميركل والرئيس ساركوزي على إدخال تعديلات على اتفاقيات الاتحاد الأوروبي.
إذن أسباب أزمة الديون عميقة، وهي بحاجة إلى حلول جذرية، كما أشارت إلى ذلك المستشارة الألمانية، حين قالت إن "كل من لم يدرك أن سندات اليورو لا يمكن أن تشكل الحل لهذه الأزمة لم يفهم طبيعة الأزمة". وكررت ميركل معارضة حكومتها إصدار سندات اليورو مشتركة لجميع دول منطقة اليورو، موضحة أن مثل هذا التشارك في الديون لا يمكن أن يتم إلا بعد عملية اندماج أوروبي معمقة.
محمد المزياني
مراجعة: أحمد حسو