ألمانيا: عودة مرض الزهري الجنسي إلى الظهور مجددا
١٨ يوليو ٢٠١٢ساد اعتقاد لمدة طويلة في ألمانيا، أن مرض الزهري ينتمي لحقبة الماضي، وأنه لم يعد موجودا في لائحة أمراض القرن الـحادي والعشرين. لكن هذا المرض الجنسي المعدي، عاد إلى الواجهة من جديد، إذ رصد معهد روبرت كوخ الألماني حوالي 3700 حالة مصابة بالمرض عام 2011. وهي زيادة بلغت 22 في المائة مقارنة مع عام 2010، بحسب المعهد المكلف بمعاينة ورصد الأمراض المعدية.
ولمرض الزهري أعراض وأسماء عديدة من بينها السفلس وداء الإفرنجي، وكان يطلق عليه أيضا "المرض الفرنسي" و"وباء الشهوة". ويذكر أن شخصيات مشهورة مثل فريديريك وهاينه وبودلير ونيتشه كانت مصابة بمرض الزهري، الذي يطلق عليه أيضا حرباء الطب.
ويعتبر الرجال، أغلب من يتعرض للإصابة بهذا المرض، مثلما أكدت الدكتورة فيفيان بريمر من معهد روبرت كوخ في حوار مع DW. وقد ذكرت بريمر أن نسبة المصابين من الرجال تبلغ حوالي 93 في المائة. وأضافت أنّ "جزءا كبيرا من هذه النسبة هم رجال يمارسون الجنس مع رجال آخرين"، وكثير منهم، لديهم اتصال جنسي مع شركاء متعددين. وهذا يرفع نسبة خطر الإصابة بالعدوى بشكل أكبر.
انتقال العدوى عن طريق الجراثيم
انتقال العدوى عن طريق الجراثيم
ويعتبر الزهري من الأمراض المنقولة جنسيا التي تسببها الجرثومة الملتوية اللولبية الشاحبة من سلالة البكتيريا الشاحبة (Treponema Pallidum)، وينتقل المرض أساسا عن طريق الاتصال الجنسي. ومن بين أعراض الزهري الأولية التي يمكن ظهورها، نجد تضخم الغدد اللمفاوية في منطقة المغبن أو الأربية- وهي منطقة بين البطن والفخذ- أو تقرح في منطقة الأعضاء التناسلية. لكن، في الغالب لا تصاحب هذه الأعراض أي آلام، مما يدفع بالمصاب إلى تجاهلها وعدم أخذها على محمل الجد.
ويقول البروفسور نوربرت بروكماير، من المستشفى الجامعي لمدينة بوخوم، إن "هذه الأعراض تختفي بعد أسبوع أو أسبوعين حتى دون الخضوع إلى أي علاج". وهذا ما يدفع بالبعض إلى الاعتقاد بأن المشكل قد حُل. ويشدد البروفسور بروكماير على أن منافذ الجرثومة المسببة للمرض إلى الجسم ليست فقط الأعضاء التناسلية. ويوضح بروكماير ذلك بقوله: "نفس الشيء ينطبق بطبيعة الحال على ممارسة الجنس عن طريق الفم، حيث تتكون قرح صغيرة في الشفاه والحلق واللسان، وحيثما وصلت الجرثومة المسببة للمرض".
مراحل تقدم المرض
وكما كان الأمر في السابق، مازال البنسيلين هو الدواء الذي يصلح لمعالجة الزهري. فعندما يتم تشخيص المرض في وقت مبكر، يلجأ الطبيب إلى حقن البنسيلين في مناسبة واحدة للمصاب. أما إذا لم يعالج المرض بشكل فوري، فإنه يحافظ على طابعه المُعدي، ويمر عبر مراحل مختلفة. وقد يصاب الجسم كله بطفح جلدي وقروح، بما في ذلك باطن اليدين والقدمين.
وحتى بعد مرور عقود على الإصابة بالعدوى، يمكن لمرض الزهري في حال عدم معالجته، أن يصل إلى مرحلته الثالثة التي تتميز بظهور أعراض أخرى من بينها إصابة الأوعية الدموية، وظهور قرح والتهابات في العصب البصري، إضافة إلى نزيف داخلي خطير. لكن المرحلة المروعة في تقدم المرض تبقى هي المرحلة الرابعة التي تعرف ظهور أعراض الهلوسة والخرف والشلل أيضا، مما قد يؤدي إلى الموت.
إمكانية علاج مرض الزهري
ويمكن في الوقت الحالي علاج مرض الزهري حتى في مراحله المتقدمة، وهو ما لم يكن ممكنا في السابق. ويقول بروكماير "كان الناس يحملون مسبب مرض الزهري في السابق - كما يتم في الوقت الحالي حمل فيروس داء فقدان المناعة المكتسبة الإيدز (HIV)- طوال حياتهم". لكن، وخلافا لداء الإيدز، فإن الواقي الذكري لا يحمي من الإصابة بمرض الزهري إلا بشكل جزئي، لأن الجرثومة المسببة للمرض يمكنها أن تتسرب إلى الجسم من خلال الأغشية المخاطية أو من خلال شقوق صغيرة لتنتشر بعد ذلك في كامل الجسم.
ويرحب بروكماير بالحملة التي يقوم بها المركز الاتحادي للتوعية الصحية للتعريف بالأمراض المعدية وطرق انتقال عدواها. وقد وسع المركز الاتحادي للتوعية الصحية في ألمانيا هذا العام قائمة الأمراض المعدية، لتشمل بعض الأمراض المنقولة جنسيا، وذلك في محاولة لرصد مشهد الصحة الجنسية في ألمانيا باعتبار أن التوعية هي أفضل طرق الوقاية.
غودرون هـايزه / عـادل الشروعـات
مراجعة: عبد الرحمن عثمان