جامعات ألمانيا تفتتح أبوابها أمام الطلبة وتعيد لهم الأمل!
١٩ أكتوبر ٢٠٢١في وطنها الأم في مدينة فالنسيا الإسبانية، لم تر الطالبة إلينا سيلفستر حانة شرب من الداخل منذ عام ونصف تقريباً. الحانة الأولى التي ارتادتها الطالبة بعد هذه المدة كانت في ألمانيا: "لقد نسيت تماماً ما يعنيه الاختلاط بالآخرين" ، كما تقول. "كنا في حالة إغلاق لأشهر، وكان يتعين علينا الدراسة من المنزل. كان هناك حظر تجول، ولم يكن يُسمح لنا حتى بالخروج إلى الشوارع في بعض الأحيان".
الآن انتقلت الطالبة الإسبانية التي تدرس تخصص علم الفلك إلى مدينة بون من أجل قضاء فصل دراسي بالخارج. خطوة جاءت في وقتها المناسب، إذ بعد ثلاثة فصول دراسية عاشها الطلبة في ظل الوباء، عادت الحياة للجامعات في ألمانيا من جديد.
لم يختلف وضع ما يقرب من ثلاثة ملايين طالب في ألمانيا عن وضع الطالبة من إسبانيا، إلينا سيلفستر. فقد أدى الإغلاق الأول في مارس/ آذار 2020 إلى إبعادهم عن الحياة الجامعية. ومنذ ذلك الحين، انتشر التعلم عن بعد والدروس عبر الإنترنت. كما عاش حوالي 320 ألف طالب أجبني في هذا البلد أيضاً في ظل عزلة تامة خلال تفشي الجائحة.
الوحدة والبعد عن الوطن الأم
تقول إيزابيل كابوس من مكتب شؤون الطلبة في ألمانيا: "خلال فترة الوباء، اضطر الطلبة الأجانب للجلوس أمام شاشاتهم في بلد أجنبي لفترة طويلة ولم يكن بوسعهم التعرف على أحد". وتابعت "كانت هذه الوحدة مؤلمة للغاية، ومن المهم أن تظهر فرص للتواصل مع الآخرين مرة أخرى". تؤكد كابوس،على شيء واحد مهم حتى يعيد للطلبة القادمين من الخارج الشعور بالراحة في ألمانيا من جديد، وهو: "الحضور إلى الجامعات".
يعي أندريس مونيوز، من مبادرة الطلبة المعروفة بـ "Gauss-Friends " أيضاً مدى أهمية الحضور الفعلي في الجامعات للطلبة الأجانب: "أثناء الوباء، شعر بعض الطلبة بالعزلة وواجهوا صعوبات في تكوين صداقات. ولم يكن لديهم أي تواصل مع الطلبة الألمان وبالتالي لم تكن هناك فرص للتحدث باللغة الألمانية خلال الحياة اليومية. ونتيجة لذلك، واجه الكثيرون منهم مشاكل في اجتياز الامتحانات ".
مونيوز نفسه جاء إلى ألمانيا من المكسيك قبل سبع سنوات للدراسة. بصفته عضوآً في مجلس إدارة مبادرة مساعدة الطلبة الأجانب " Gauss-Friends" ، فهو الآن يساعد الأجانب الآخرين على إيجاد طريقهم إلى جامعة براونشفايغ التقنية. وعن هذه التجربة، يقول: "في الماضي، كان مفتاح نجاحنا هو الاستمرارية". وتابع "كل يوم ثلاثاء، سواء أثناء فترة الامتحانات أو أثناء عطلة الفصل الدراسي، نفتح غرف النادي الخاصة بنا ويلتحق الطلبة الجدد القادمون من الخارج إلينا".
في ظل الوباء، كان على مونيوز وزملائه من المبادرة، مواكبة التغيرات الطارئة ومواصلة عملهم مع الطلبة بشكل رقمي. غير أن المحادثات عبر الإنترنت وساعات الإساشارة عبر الهاتف، لم تكن كافية، كما قال: "لقد لاحظنا أن العقبات كانت كبيرة للغاية بحيث يتعذر على الكثيرين الإبلاغ عنها بدلاً من مجرد المجيء إلينا في الموقع كما في الماضي". بالكاد تم قبول العروض الرقمية. لا يمكن رقمنة بعض المساعدات. عندما سمح الوضع الوبائي، واصل مونيوز وزملائه مد يد العون للطلبة الأجانب.
حلقة الوصل بين الطلبة الأجانب
على سبيل المثال لم يترك، غورودوت برابهاكار القادم من الهند بمفرده. عندما وصل ألمانيا في سبتمبر/ أيلول عام 2020 للدراسة والحصول على درجة الماجستير. يتذكر برابهاكار ذلك اليوم: "اصطحبني أحد الأصدقاء من مبادرة " Gauss-Friends" من محطة القطار". وتابع "كانت هذه مساعدة كبيرة لي. لم أضطر إلى حمل حقائبي الكبيرة بمفردي".
في وقت لاحق ، زار الطالب الهندي جميع العروض التي تخصصها مبادرة "Gauss-Friends" للطلبة الأجانب الجدد: جولة الحرم الجامعي، وجولة المدينة وحتى الندوات التي تقام عبر الإنترنت حول كيفية التسجيل في امتحانات الجامعة عبر الإنترنت. أكد برابهاكارعلى أهمية مثل هذه المبادارت للطلبة الأجانب الجدد، "بدون هذه المساعدات، لم يكن دخولي إلى ألمانيا سهلاً".
لا يقتصر الإهتمام بالوافدين الجديد من الخارج على المبادرات الطلابية مثل مبادرة " Gauss-Friends". فقد لعبت الجامعات المعنية نفسها واتحادات الطلبة دوراً مهماً على أرض الواقع، كما توضح كابوس من مكتب شؤون الطلبة في ألمانيا. "يوجه الزملاء أنفسهم في عملهم إلى المتطلبات في الموقع ويحصرون على معرفة ما يحتاجه طلبتهم." في ظل هذا الوباء، حرصت مكاتب الخدمات الطلابية على التأقلم بسرعة مع الوضع الراهن وشرعت في رقمنة عروضها وخدماتها المقدمة للطلبة.
على نفس النهج، سار اتحاد الطلبة في فرايبورغ أيضاً. بمساعدة ورش العمل وبرنامج مقهى اللغة والرحلات الاستكشافية والرحلات الدراسية، وجد الأشخاص من مختلف الثقافات نقطة التقاء هنا. هناك ناد دولي منفصل لهذا الغرض. يقول مدير المشروع أندرياس فوجيلي: "كان الإغلاق الأول صفعة على الوجه". من فعاليات المخيم التي تستمر عدة أيام إلى الفعاليات الأخرى حول فرايبورغ - تم إلغاء جميع الفعاليات المخططة للفصل الصيفي في عام 2020. ولكن بعد ذلك "قمنا بعمل جيد جدًا وبشكل ناجح عبر الإنترنت من أجل جمع الطلبة الأجانب معاً ومواجهة الشعور بالوحدة لدى الكثيرين منهم".
عودة الأمل
الجامعات الألمانية متفائلة أيضاً بشأن الفصل الشتوي، وذلك بالنظر إلى ارتفاع معدل التطعيم بين الطلبة واللوائح الحكومية الجديدة. يسعى مؤتمر رؤساء الجامعة الألمان في التدريس بالحضور الفعلي لأطول فترة ممكنة. أولئك الذين تم تطعيمهم أو اختبارهم أو تعافوا من الفيروس، تمكنوا من الإلتحاق بجامعاتهم مرة أخرى منذ أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
انطلقت فعاليات مبادرة"Gauss-Friends" مرة أخرى. قال مونيوز: "لقد انفتحنا مرة أخرى مع قاعدة الجيل الثالث لبضعة أسابيع ، ونحن على وشك بدء العمليات مرة أخرى". هناك العديد من الحلول الرقمية الجديدة التي لا نريد الاستغناء عنها هنا. يضيف تطبيق "Gauss Friends" الجديد الذي يحتوي على معلومات حول الدراسة في براونشفايغ ميزات جديدة إلى المجموعة. ويقول مونيوز إن الفعاليات لا يزال من الممكن عبر الإنترنت في المستقبل.
تشعر سيلفستر، طالبة علم الفلك، بالراحة حيال الأسابيع القادمة من دراستها في الخارج في بون. وتقول: "لا أعرف بالضبط ما أتوقعه. كل شيء يمكن أن يتغير الآن، على سبيل المثال إذا كانت هناك موجة جديدة من الوباء". "يبدو أن جميع الدورات التدريبية الخاصة بي ستتم عبر الحضور الفعلي."على عكس الفصول الثلاثة الماضية، يمكنها الخروج الآن في المساء ورؤية الجامعة من الداخل مرة أخرى وهذا يمنحها الأمل: "هناك الكثير من الحرية - أشعر أنه يمكنني القيام بأي شي".
مارلون يونغوهان/ إيمان ملوك