ألمانيا منزعجة من إيران وتلوح بفرض عقوبات جديدة عليها
٨ فبراير ٢٠١٠أعربت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن انزعاجها الشديد من قرار القيادة الإيرانية البدء بإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب محليا؛ وجددت التلويح باللجوء إلى فرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران. وقالت ميركل إن برلين "ستراقب في الأيام القادمة بدقة خطوات القيادة الإيرانية".
ميركل: طهران غير مستعدة للتعاون
وذكر الناطق الرسمي باسم الحكومة الألمانية أولريش فيلهلم، ردا على سؤال لـ "دويتشه فيله" حول الموقف الرسمي من استمرار تجاهل إيران الرد على عرض الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن اليورانيوم عالي التخصيب، أن المستشارة تجد في تصريحات قادة إيران وقراراتهم في الآونة الأخيرة "تأكيدا على أن طهران لا تريد القبول بعرض الوكالة الدولية للطاقة الذرية وغير مستعدة للتعاون معها".
وتابع فيلهلم أن ميركل أكدت على أن موقف حكومتها المزدوج من الملف الإيراني لم يتغير. ويقوم الموقف الألماني على مواصلة حضّ طهران على القبول بالعرض المقدم إليها وتنفيذ رغبة المجتمع الدولي من جهة، وانتهاج طريق زيادة الضغوط عليها بواسطة العقوبات الاقتصادية مع الشركاء الآخرين في مجموعة الست من جهة أخرى؛ وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا.
ومن جانبه واصل وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله التنديد بالموقف الإيراني مشددا على أن المجتمع الدولي "سيرد بصورة محددة" على خطط طهران النووية. وقال فيسترفيله في برلين، بعد عودته من ميونيخ حيث شارك في مؤتمر الأمن، إنه لا توجد "أي إشارة على الإطلاق تدل على تراجع إيران؛ وهذا يعني أن علينا كمجتمع دولي البحث سوية في اتخاذ عقوبات جديدة (ضدها)". وأضاف رئيس الدبلوماسية الألمانية أن من حق إيران "استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، لكن يتوجب عليها في المقابل ضمان الشفافية لأن المجتمع الدولي لا يمكن أن يقبل بأن تتسلح نوويا".
وعود كلامية وآمال خادعة
وكان الرئيس محمود أحمدي نجاد قد رفع منسوب الأمل بالوصول إلى حل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عندما تحدث بنفسه عن استعداد بلاده لعملية التبادل، أي إرسال ما تملكه من يورانيوم منخفض التخصيب إلى الخارج للحصول على يورانيوم عالي التخصيب. كما أرسل وزير خارجيته منوشهر متقي، في اللحظة الأخيرة، إلى ألمانيا للمشاركة مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي في نهاية الأسبوع الماضي لهذا الغرض. لكن الأخير اكتفى، وعلى مدى يومين، بإطلاق "وعود كلامية" وامتنع عن إرسال جواب رسمي إلى الوكالة الدولية بعد الاجتماع مع مديرها الجديد يوكيا أمانو.
وصدم الرئيس أحمدي نجاد العالم، أول من أمس، بإصداره أمرا إلى مسؤولي هيئة الطاقة الذرية الإيرانية بالبدء في رفع درجة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المئة، الأمر الذي اعتبره سياسيون ومراقبون ألمان ودوليون "تمثيلية" مكشوفة لكسب المزيد من الوقت. وعلى الأثر صدر عن رئيس الهيئة علي أكبر صالحي بلاغ جاء فيه أن بلاده على استعداد لوقف زيادة التخصيب إذا قبل الغرب بالشروط الإيرانية وأهمها عملية التزامن؛ أي قيام الغرب بتسليم طهران اليورانيوم العالي التخصيب في نفس الوقت الذي يتسلِّم منها اليورانيوم المنخفض التخصيب.
فيسترفيله لممثلي الاقتصاد: تسلّح إيران نوويا سيكون أكثر كلفة
وكشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية أندرياس بيشكه أن فيسترفيله التقى مع ممثلين عن الاقتصاد الألماني، في اليومين الماضيين، لإبلاغهم بأن حكومته لم تعد تستبعد اتخاذ عقوبات اقتصادية إضافية ضد إيران، وأن عليهم الاستعداد للتجاوب مع قرار كهذا. وتعتبر ألمانيا أكبر شريك تجاري أوروبي لإيران رغم العقوبات المفروضة عليها حتى الآن. وقد اقترب حجم التبادل التجاري بين البلدين من أربعة بلايين يورو عام 2008.
ونقلت صحيفة "دي فيليت أم زونتاغ" عن الوزير فيسترفيله قوله إنه أبلغ ممثلي الاقتصاد والصناعة في ألمانيا أن حكومته لا تستطيع استبعاد توسيع العقوبات ضد طهران. وقالت الصحيفة إنه رد على سائليه بأنه يعرف الكلفة التي ستترتب على الاقتصاد وبلده بسبب ذلك، لكنه أبلغهم أيضا بأن " امتلاك إيران للقوة النووية سيكلف الاقتصاد الألماني والعالم أجمع أكثر من ذلك بكثير".
وبعد أن مال موقف روسيا أكثر فأكثر إلى الموقف الغربي إزاء إيران في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ، لم يتضح بعد موقف الصين من التصريحات الإيرانية الجديدة، خصوصا أن بكين كانت قد دعت إلى الحوار مع طهران والتحلي بالصبر تجاهها. لكن المراقبين هنا يعتقدون أنه سيكون صعبا على الصين أن تغرد طويلا، وحدها، خارج السرب إذا أجمع مجلس الأمن الدولي على فرض عقوبات إضافية على إيران. ويرى هؤلاء المراقبون أن قرار الرئيس الإيراني برفع معدل التخصيب في بلده وبناء منشآت تخصيب جديدة سيُحرج الصين ويزيد الضغوط عليها.
الكاتب: اسكندر الديك
مراجعة: أحمد حسو