إدوموند غريب: اختفاء القذافي قد لا ينهي الصراع في ليبيا
١٤ مايو ٢٠١١فتح تواري العقيد معمر القذافي عن الأنظار بعد الغارة التي أدت إلى مقتل أحد أبنائه وثلاثة من أحفاده في الثلاثين من شهر ابريل /نيسان الماضي، فتحت الباب أمام الكثير من التكهنات عن احتمال إصابته بجروح، وحتى ظهروه منذ يومين في شريط تلفزيوني غير مباشر والرسالة الصوتية المسجلة التي قال فيها إنه على قيد الحياة وإنه في "مكان لا تستطيعون الوصول إليه وقتلي فيه"، لم يخفف من حدة هذه التكهنات. كما أنها تكشف تنامي الاعتقاد في داخل ليبيا وفي العواصم الغربية، بأن وضع نهاية للصراع الحالي الدائر في ليبيا لا يتم إلا بمقتله أو انهيار نظامه من الداخل، كما يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة واشنطن في حوارمع دويتشه فيله.
وما يزيد في الضغوط على نظام القذافي هو قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات توقيف بحق ثلاثة مسؤوليين كبار، أحدهم القذافي، كما أكد وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني. وأعتبر فراتيني أن نهاية شهر أيار/ مايو تشكل موعداً حاسماً بالنسبة للزعيم الليبي لاختيار مخرج آخر، المنفى خصوصاً، لأنه بعد صدور مذكرة توقيف فإن الوضع سوف يتغير. وقال الوزير الإيطالي "اعتبارا من هذا التاريخ لن يكون بالإمكان تصور مخرج لنظام" معمر القذافي وبلاده "ومن المحتم بعد صدور مذكرة توقيف أن تصبح الأسرة الدولية برمتها مرغمة قانونياً وليس عسكرياً على ملاحقة القذافي، كما كان الأمر مع ميلوسوفيتش وملاديتش" زعيمي صرب البوسنة الذين تمت ملاحقتهما من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
لكن أستاذ العلاقات الدولية في جامعة واشنطن يرى أن "هذه المذكرة ستزيد من هذه الضغوط على نظام القذافي لكنها لن تكون المشكلة الأكبر في ظل الهجمات التي يتلقها من قوات حلف الناتو والثورة التي يواجهها في الشرق وانشقاق الكثير من حلفائه عنه".
معركة النصر الأخيرة؟
وعلى الرغم من أن غارات حلف شمال الأطلسي الأخيرة على العديد من المواقع الحكومية حول مدينة مصراتة الإستراتيجية مكنت الثوار الليبيين من السيطرة عليها، إلا أن الحلف والمعارضة نفسها ما زالا حذرين من إمكانية تحقيق نصر سريع. إذ أن الكثير من المراقبين يرون أن تحقيق مثل هذا النصر في معركة السيطرة على البلاد بالكامل وعلى العاصمة طرابلس في المقام الأول، يرتبط بتصعيد الضغط على القذافي وانهيار نظامه من الداخل. ومن أجل الوصول إلى هذه الغاية لا بد للحلف أن يكثف من غاراته على طرابلس، لكن لمثل هذه الخطوة مصاعب سياسية كبيرة، أولها أن التكليف الذي منحته الأمم المتحدة يهدف إلى حماية المدنيين وليس تغيير النظام.
انتقادات دولية
ويصطدم حلف شمال الأطلسي في غاراته بمصاعب من نوع آخر، كما يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة واشنطن إدموند غريب، تتعلق بردود الفعل الدولية التي بدأت تواجهها هذه الغارات التي أدى بعضها إلى استهداف مدنيين، كالهجوم الأخير على البريقة، والذي أدى، كما أُعلن، إلى مقتل أحد عشر إماماً وبعض شيوخ القبائل، الذين كانوا يحاولون الاتصال بالمجلس الوطني الليبي الانتقالي وإيجاد حل سلمي. ويقول غريب: "كل هذه الهجمات التي قُتل جراءها ضحايا مدنيون بدأت تترك أثارا سلبية على طبيعة مهمة الناتو في ليبيا وعلى الهدف الأساسي منها وهو حماية المدنيين، فمقتل المدنيين وتدمير البنى التحتية لا يمكن وصفه بحماية المدنيين".
كما أن التكثيف من الغارات الجوية للوصول إلى إسقاط القذافي مرتبط من جانب آخر بمصاعب إيجاد الموارد لتعزيز حملته في ضوء إصرار الولايات المتحدة على تقليص دورها في المهمة في ليبيا والموارد الأوروبية المحدودة. وفي الوقت نفسه ستجد بريطانيا وفرنسا صعوبة في تكثيف غاراتهما دون الاستعانة بطائرات وموارد أخرى مستخدمة في الحرب في أفغانستان وهي مهمة تتصدر أولويات حلف شمال الأطلسي.
بداية النهاية، ولكن؟
لكن إدموند غريب يستدرك بالقول: "حتى لو تم التوصل إلى قتل القذافي فإن المشكلة في ليبيا لن تنتهي، كما ذكر احد زعماء المعارضة، محمد بن غليون، الذي حذر المعارضة من التحرك عسكرياً لأبعد من منطقة بن جواد وباتجاه منطقة سرت". ويعلل غريب ذلك بأن هذا "سيثير الكثير من الحساسيات التاريخية والخلافات القبلية والمناطقية والجهوية الموجودة أصلاً في ليبيا".
ولذلك فإن أستاذ العلاقات الدولية يتوقع أنه حتى لو سقط نظام العقيد معمر القذافي، "فإنه سيكون هناك الكثير من الصراعات المناطقية والقبلية التي ستسمر في ظل وجود قوى أخرى خارج إطار النظام لها القدرات على الاستمرار من خلال شن حرب عصابات أو غير ذلك". وبحسب غريب فإن السبيل الوحيد لتلافي ذلك هو القيام بمحاولة حقيقية للتواصل مع جميع القوى الليبية وجميع القوى التي لديها تمثيل ودعم على الأرض في ليبيا".
عماد مبارك غانم
مراجعة: منصف السليمي