إيران وتنظيم القاعدة - علاقات عدائية أم استراتيجية؟
١ مايو ٢٠١٣بالنسبة للشرطة الكندية فقد "حصل كلا المتهمين بالتخطيط لعملية إرهابية في كندا، أحدهما فلسطيني وآخر تونسي، على دعم من عناصر في تنظيم القاعدة في إيران" وأشارت في الوقت نفسه إلى أنه "ليس هناك ما يشير إلى أن القيادة في إيران على صلة بذلك". من جهتها نفت إيران بقوة أن تكون لها أي صلة بالرجلين.
وكان وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي قد اعتبر ذلك "أمرا سخيفا". فيما اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبراست التصريحات الكندية تجاه إيران بأنها "لا أساس لها من الصحة". وقال:" من المعروف على نطاق واسع أنه لا يوجد توافق سياسي أو أيديولوجي بين إيران والجماعات المتطرفة وخاصة تنظيم القاعدة".
حقيقة أن طهران أكدت مرات عديدة على أنه ليس لتنظيم القاعدة أي هامش أو إمكانية لممارسة أي نشاط داخل أراضيها أو التخطيط لعمليات في الخارج انطلاقا من إيران. غير أن خبراء في شؤون مكافحة الإرهاب على غرار الأمريكي سيث جونس من معهد راند للأبحاث السياسية ينطلقون من موقف آخر ويعتبرون أن "هناك أدلة كثيرة على وجود علاقة بين إيران وتنظيم القاعدة الإرهابي"، كما جاء في مجلة "العلاقات الخارجية"، استنادا إلى الخبير الذي اعتمد في ذلك على وثائق تتضمن عقوبات أصدرتها وزارة المالية الأمريكية ضد عناصر من تنظيم القاعدة في إيران.
"عناصر تنظيم القاعدة فرت من أفغانستان إلى دول مثل إيران"
ويشير خبراء في شؤون الشرق الأوسط إلى أنه عقب الاجتياح الأمريكي لأفغانستان عام 2001 لم تفر عناصر القاعدة وعائلاتها إلى باكستان فقط، بل هرب المئات من أعضاء التنظيم وأسرهم إلى إيران. عدد كبير منهم تم طرده فيما بعد من البلاد وآخرون يعيشون حتى الآن تحت الإقامة الجبرية.
حسب جونس فقد قام الإيرانيون "خلال عام 2009 و2010 بتخفيف قيود الإقامة الجبرية عن بعض نشطاء تنظيم القاعدة. ولكن على أساس ألاّ يخططوا لعمليات إرهابية انطلاقا من إيران أو داخل الأراضي الإيرانية نفسها وبأن لاّ يتصرفوا بشكل مثير. وطالما أن تنظيم القاعدة يلتزم باحترام قوانين اللعبة فبإمكان عناصره أن ينعموا ببعض حرية التحرك التي تخول لهم جمع التبرعات والاتصال بالخلية المركزية في باكستان وتنظيمات أخرى تابعة للقاعدة في دول أخرى"، حسب جونس. ويلفت الخبير الأمريكي النظر إلى أن السلطات الإيرانية كانت قد سمحت لمقاتلي القاعدة بعبور الأراضي الإيرانية. وهذا هو أيضا ما أكده بدوره الرئيس السابق لإدارة مكافحة الإرهاب في المخابرات البريطانية (إم آي6) ريتشارد باريت، والذي قال في تصريح لوكالة رويترز: "كانت هناك تحركات كثيرة بين العراق وباكستان ولا أستطيع أن أتصور أن الإيرانيين لا يعلمون بها." غير أن بايرت استبعد في الوقت نفسه وجود تحالف استراتيجي أو تعاون بين طهران وتنظيم القاعدة، ملاحظا أن ذلك "ليس تحالفا استراتيجيا. فوجود القاعدة قد يلاءم الإيرانيين لأن ذلك يسمح لهم بأن يكون لهم عين عليها"، وقال: "لا أعتقد أن الإيرانيين سيتقبلون الأمر بسهولة إذا تبين أن القاعدة كانت ترسم مخططات من على أرضهم."
"علاقة عداء بين طهران وتنظيم القاعدة"
من جهته، يستبعد فالتر بوش، وهو خبير في الشؤون الإيرانية من المؤسسة الألمانية للعلوم والسياسية، في حديث مع DWأن يكون "لعناصر تنظيم القاعدة أية حرية في ممارسة أنشطة ما وخاصة في المجالات التي من شأنها أن تمس المصالح الإيرانية". ويصف بوش العلاقة بين طهران وتنظيم القاعدة بأنها "علاقة عداء" وستبقى كما هي، على حد تعبيره.
مرارا أعربت إيران وتنظيم القاعدة عن موقفهما الرافض للطرف الآخر، وقد ارتفعت وتيرة العداء بين الطرفين مع اندلاع الأزمة في سوريا، حيث تقاتل جماعات متطرفة ضد نظام الأسد هناك. وكان أيمن الظواهري، الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة، قد هاجم في رسالة صوتية مطلع أبريل/نيسان إيران بسبب دعمها لنظام الأسد. وقال الظواهري حينها إن "إيران قد أظهرت وجهها الحقيقي". وهناك مؤشرات تدل على أن تنظيم القاعدة لا يحظى بأي دعم شعبي في إيران.
وكانت السلطات الإيرانية قد خاضت حربا طويلة ضد الجماعة المتمردة "جند الله" التي تنشط في الأقاليم الإيرانية ذات الأغلبية السنية على غرار سيستان وبلوشيستان المتاخمة للحدود مع أفغانستان وباكستان، وتمكنت من سحقها وتفكيكها"، كما يقول بوش. ويستبعد خبراء إيرانيون على معرفة كبيرة بإقليم بلوشيستان مثل عبد الستار دوشوكي في حواره مع DWأن تنشط عناصر القاعدة في هذا الإقليم، لافتا النظر إلى "الوجود القوي لقوات الأمن الإيرانية فيه، حيث إنها تراقب الوضع هناك عن كثب".