اعتداء دورتموند يكثف الأضواء على حجم "داعش" في ألمانيا
١٣ أبريل ٢٠١٧ما أن أُعلن عن توقيف مشتبه به من الناشطين في المشهد السلفي المتطرف بألمانيا على خلفية الاعتداء على حافلة نادي دورتموند، حتى ساد الاعتقاد بأن هجوم الثلاثاء يدخل في حساب تنظيم "داعش" الإرهابي في ألمانيا. ورغم إشارة المدعي العام الألماني إلى عدم وجود أدلة كافية تؤكد تورط المشتبه به في الاعتداء، إلا أنه يبقى في السجن على ذمة التحقيق بتهمة الانتماء إلى تنظيم "داعش" في العراق. إذ تشير معلومات السلطات الأمنية إلى أن المتهم المفترض، وهو عراقي الجنسية كان يقود مجموعة مسلحة تابعة لداعش في العراق وقامت بعمليات عسكرية وأخرى تخص الخطف والقتل لحساب التنظيم المتطرف.
وإذا كانت عملية التحري والبحث عن منفذي الاعتداء قد عادت إلى نقطة الصفر، لكن ذلك لم يمنع أن حجم تواجد تنظيم "داعش" المتطرف في ألمانيا بات تحت الأضواء، من حيث عدد أعضائه وتشخيص نشاطهم التنظيمي والإيديولوجي.
في هذا السياق يقول الباحث والخبير في شؤون الإرهاب شمس الحق في حوار مع DW عربية إن "داعش" قوية في ألمانيا ولديها المئات من العناصر التابعة للتنظيم، بحسب رأيه. وقال الباحث الألماني من أصل باكستاني إن "عدد المتطرفين يصبح أكبر بكثير في حال إضافة السلفيين وتنظيم 'نصرة الحق' وغيرهم من الأجنحة المتطرفة والتي لها وجود فاعل في ألمانيا، وذلك بحسب تأكيدات الأجهزة الرسمية الألمانية"، التي أكدت أن عدد المتطرفين الخطرين في ألمانيا هم 650 متطرفاً ينتمون لـ"داعش" ولتنظيمات متطرفة أخرى.
وبالإضافة إلى الأعضاء الفاعلين هناك "العديد من المتعاطفين مع "داعش" داخل ألمانيا إلا أنه أمر لا يمكن حصره". وقال الخبير الألماني إن "مركز تواجد تنظيم داعش في ألمانيا يتركز في ولاية شمال الراين فيستفاليا، حيث تشهد هذه الولاية تجمعاً للمتطرفين".
وعن طبيعة عمل أعضاء "داعش" في التنظيم، يعدد الباحث في شؤون الإرهاب أبرز المهام الموكلة لأعضاء التنظيم والتي تتلخص في "قتل غير المسلمين وإشاعة الفوضى وتجنيد أعضاء جدد وخاصة من اللاجئين الجدد وجمع أموال وتبرعات مالية من أجل تمويل عملياتهم الإرهابية"، حسب قوله. وأوضح الخبير أن إدارة الأموال وتجميعها هو جزء مهم للمتطرفين، خاصة ضمن النطاق الأوروبي.
"توخي الحذر في التعامل مع إعتداء دورتموند"
وقال شمس الحق إنه قبل تحديد نوعية الهجوم المتبع في دورتموند، يجب أن نكون حذرين في تحديد المصدر، فهو وإن كان يعتقد أن لتنظيم داعش يداً فيه، إلا أن التصريحات الرسمية ما تزال غير واضحة، خاصة بعد تأكيد السلطات الألمانية أن المشتبه به لم تثبت بعد أي صلة بينه وبين الإرهاب.
من جانبه آخر، يحذر الباحث الألماني في شؤون الإرهاب بيتر نويمان في حديث مع صحيفة "فرانكفورتر الغماينة تسايتونغ" في عددها الصادر يوم الخميس من التسرع في تحديد طبيعة اعتداء دورتموند كعمل إرهابي، لكنه لا يستبعد كلياً تورط جماعات جهادية في العملية. بيد أن نويمان لا يستبعد أيضاً تورط جماعات يمينية متشددة أو جماعات متشددة أخرى في الاعتداء والتي تستخدم اسم الجهاد الإسلاموي للتمويه وإبعاد الشكوك عنها.
لكن شمس الحق يشير إلى أنه لو أتضح فعلاً أن تنظيم "داعش" هو المسؤول فقد تكون نوعية الهجوم حديثة العهد في ألمانيا، إلا أن أوروبا شهدت انفجارات مماثلة، كما هو الحال في باريس مثلاً .
ويعبر الخبير الألماني نويمان عن شكوكه بالكشف عن وجود إشارات غير مألوفة في الرسائل التي تعلن المسؤولية عن الحادث والتي تم العثور عليها في مكان الحادث مقارنة مع إعلانات داعش المعتادة بخصوص مسؤوليتها عن الاعتداءات. ويشير الباحث الألماني الذي يعمل أستاذاً محاضراً في أبحاث الإرهاب بكلية "كينغس كوليج" اللندنية، إلى أن صيغة الرسائل تكرارها والمكان الذي وضعت فيه ليست مألوفة من قبل عناصر "داعش" حتى الآن. كما أن أسلوب الكتابة مختلف كلياً عن بيانات سابقة نشرها التنظيم المتطرف على مواقعه المعتادة، حسب تعبير نويمان.
رسائل إعتداء دورتموند"الغامضة"
ويحدد الباحث الألماني في حديثه مع الصحيفة الألمانية الاختلافات في هذا السياق في عدة مجالات في الرسائل، فمثلاً يستخدم عناصر داعش مصطلح "الخلافة" عندما يتحدثون عن المناطق التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف، فيما جاء في الرسائل التي تم العثور عليها في دورتموند مصطلح "خليفة"، وهو مصطلح بات مألوف الاستخدام في ألمانيا، خصوصاً في وسائل الإعلام.
إلى ذلك يشير الباحث نويمان أيضاً إلى المطالب التي تضمنتها الرسائل والتي جاءت متواضعة جداً مقارنة بأهداف "داعش" المعلنة كالمطالبة "بإبادة الكفار"، فيما جاءت في الرسائل المفترضة مطالب تخص فقط إنهاء مهمة الطائرات الحربية الألمانية المشاركة في الحرب على "داعش" في سوريا والعراق إلى جانب المطالبة بإغلاق القاعدة الجوية الأمريكية في رامشتاين بجنوب غرب ألمانيا.
ويضيف نويمان: "لغرض تحديد طبيعة الاعتداء بشكل سليم، كونه اعتداء يُحسب على الجماعات الجهادية، فلابد من وجود دلائل أخرى أكثر وضوحاً كتحديد هوية منفذ الهجوم بشكل لا يقبل الشك". كما يعتبر الباحث نويمان أيضاً الإعلان عن مسؤولية الاعتداء من قبل "داعش" أو من قبل الجماعات المرتبطة بها على المواقع المألوفة للتنظيمات المتطرفة على الشبكة العنكبوتية من الأمور المهمة لتحديد هوية المنفذين.
أما شمس الحق فيرى أن ألمانيا مطالبة بذل مزيد من الجهود من أجل مكافحة الإرهاب، لأن القوانين الألمانية ما تزال ليست بالشدة المطلوبة من أجل مكافحة التطرف في ألمانيا، كما أن الإجراءات الأمنية تستغرق وقتا طويلاً، "من المفروض الإسراع في ترحيل الإرهابيين وكل من يثبت تطرفه من ألمانيا".
ح.ع.ح/ع.ج