الإنترنت ـ فضاء المواطن الصحفي في وجه إعلام السلطة
٤ مايو ٢٠١٢
"أثبتت شبكة الإنترنت خلال الثورة أنها قادرة على أن تكون شرارة الحراك الشعبي السياسي، ولكن من أجل بناء الديمقراطية، نحن بحاجة إلى وسائل أكثر من ذلك"، هذا ما قاله المدون المصري طارق عمرو الذي شهد الإطاحة بالدكتاتور حسني مبارك وساهم على ما يبدو بجزء منها أيضاً بدوره كمدوِّن على شبكة المعلومات.
طارق عمرو هو أحد ضيوف إحدى لجان مؤسسة دويتشه فيله الإعلامية DW في مؤتمر ري-بوبليكا re:publica الدولي بالعاصمة برلين الذي يضم عدداً من عشاق الإنترنت وتقنييها بالإضافة إلى عدد من السياسيين ويناقش أهم المواضيع المستجدة.
ورغم أن شبكة الإنترنت وحدها لا تكفي لبناء الديمقراطية، إلا أنه لولا صحافة المواطنين المتواصلين عبر شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك لَما كانت ثورات الربيع العربي ممكنة، كما تقول الصحافية كلير أولريش إحدى مدوِّنات الشبكة الدولية: أصوات عالمية "Global Voices".
ولكن كيف غيَّرت الإنترنت عالم السياسة؟ وكيف تُأَقلِم السياسة نفسها تبعاً لما يتم عرضة في شبكة المعلومات الدولية وفي وسائل الإعلام. ضيوف المؤتمر سلطوا الضوء على هذا الموضوع وتأثيراته في كل من مصر وتونس وسوريا برفقة روبرت مودج من مؤسسة دويتشه فيله DW.
سوريا تبدو مختلفة تماماًَ على شبكة الإنترنت
المدونة السورية ليلى نشواتي ترى أن النظام في سوريا لا يزال يسيطر على وسائل الإعلام المحلية تماماً كما كان الوضع طيلة العقود الماضية، وما زال يعرض روايته الخاصة به عن الأحداث. وتضيف نشواتي بأن "الحكومة السورية تعرِض عالماً آخر موازياً لا وجود له، وفيه يتنزَّه الناس بشكل طبيعي في الشوارع ويأكلون الآيس كريم". وتتابع كلامها قائلة: "وأحياناً تعرِض الحكومة في إعلامها ما تسميه بالهجمات الإرهابية، ولكن في كثير من الأحيان يعرف المرء أنها مشاهد مزيّفة، لأنها تحتوي على الكثير من الأخطاء: فضحايا التفجيرات المزعومة ينهضون أحيانا أمام الكاميرا ويمشون بشكل طبيعي رغم أنه من المفترض أن يكونوا جرحى بحسب الخطاب الإعلامي الحكومي". وتستطرد قائلة: "لم يعد أحد يصدق مثل هذه المزاعم التي يعرضها الإعلام الرسمي السوري!".
وتقول ليلى إن سوريا تبدو مختلفة تماماًَ على شبكة الإنترنت، وتتابع: "عدد ناشطي الإنترنت في سوريا المجازفين بحياتهم يتزايد يوماً بعد يوم وهم يعرضون حياتهم للخطر عند نقلهم في بث حيّ ومباشر على شبكة الإنترنت وقائع المظاهرات والجنازات". وتضيف أن المشكلة هي أنه "من الصعب جداً التأكد من المعلومات والتحقق منها"، وتُلقي بمسؤولية ذلك على الحكومة وليس على المواطنين الصحفيين، فالحكومة لا تسمح للصحفيين الأجانب ولا للصحافة المستقلة بدخول البلاد.
الإنترنت يبث روح الأمل في التغيير
وعن الدور الرئيسي الذي تلعبه شبكة الإنترنت حاليا في المسألة السورية تقول ليلى نشواتي: "نحن المواطنين السوريين في كل بلدان العالم نعيش تضامناً وتواصلاً كبيرين يجمع بين الناشطين السوريين داخل البلد وخارجه، وقد ساهمت اتصالات الإنترنت مساهمة محورية في ذلك، وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تعني: "ربط الناس فيما بينهم والتغلب على الحدود السياسية".
أما عن في مصر، فدور ناشطي شبكة الإنترنت متواصل بشكل فعال ومثابر كما يقول المدوِّن طارق عمرو، لاسيما وأنهم يقدمون في الإنترنت مادة إعلامية مختلفة عما تقدمه وسائل الإعلام الرئيسية. ويبرز طارق قوة الإنترنت قائلاً: "أهمّ شيء مَنَحنا إياه التونسيون إبان ثورتهم هو الأمل بنجاح ثورتنا كمصريين". وبذلك يكون الواقع الافتراضي في الإنترنت قد خلق أساساً جديداً للعمل السياسي.
نشطاء اليوم هم صحفيو المستقبل
بدورها راقبت الصحفية الغربية كلير أولريش تطور صحافة المواطنين في تونس، وتقول بهذا الشأن إن "وسائل الإعلام التقليدية كانت تسيطر عليها الحكومة في السابق"، أما الآن فقد تغير الوضع. وهي ترى أنه من المشجع وجود تدريب صحفي بالفعل في بعض مدن تونس للمدوِّنات والمدوِّنين من الشباب الذين انطلقوا صحفياً عبر أنشطتهم في شبكة الإنترنت. وهي ترى أن هؤلاء يلعبون دوراً مهماً في إبراز قضايا البلد.
وتضرب مثالاً على ذلك: المثلية الجنسية، وتقول إنه عندما اعتبرتها وزارة حقوق الإنسان التونسية مرَضاً من الأمراض انطلقت عاصفة من الاحتجاجات في شبكة الإنترنت تلتها مظاهرات في الشوارع. وتعلق الصحفية كلير أولريش آمالاً كبيرة على نشطاء الإنترنت الشباب وتقول: "إنهم يعملون حالياً على شبكة الإنترنت، ولكن من يدري: فربما يصبحون يوماً ما روّاد العمل الصحفي والناشرين الجدد للصُّحف والجرائد في تونس!".
آية باخ/ علي المخلافي
مراجعة: أحمد حسو