التعليم في الجامعة باستخدام الفكاهة وأسلوب مسرح الارتجال
١٧ فبراير ٢٠١٣مبنى "دار الفنانين" المطل على ميدان "لِنباخ بلاتس" في وسط مدينة ميونيخ يشع منه لون ذهبي. روائح العطور تتطاير في الهواء، وشباب يرتدون بدلا كاملة، وشابات ترتدين فساتين مسائية أنيقة يصعدون على سلالم من الرخام تُوَصل إلى القاعة. هناك يقام حفل ختام الدراسة لمائة من خريجي الجامعة التقنية في ميونيخ، أتموا للتو دراستهم بنجاح في كلية علوم الغابات. البروفيسور ميشائيل فيبر عميد الشعبة الدراسية يرحب باللغة الإنجليزية أيضا بالمشاركين في البرنامج الدولي الدراسي "إدارة الموارد المستدامة" (Restainable Resource Management)، وهو يريد بالتعاون مع الجامعة التقنية بميونيخ تصدير المفهوم الألماني عن "الاستدامة" إلى كافة أنحاء العالم.
الحكمة من بواب الجامعة
وفي وسط هذا الجمع الراقي ظهر فجأة رجل يرتدى معطفا أزرق، وبيده مكنسة، في منظر يوحي بأنه بواب. لكن هذا الرجل هو ميشائيل سودا، أستاذ الغابات والسياسة البيئية " وتنكر في زي بواب في الجامعة التقنية. وتحدث البواب (البروفيسور سودا) عن كيفية تنظيفه لقاعات الدراسة الضخمة في الجامعة الراقية. وقال بتذمر "مؤخرا سقطت فجأة من الجو قصاصات في القاعة، مكتوب فيها كلمات لم أفهمها." وتابع "كلمات مثل كفاءة السوق، وجامعة النخبة، وطاقة التآزر، ومركزالتربية للطاقة، ومناطق اتصال الخبرة، و بورتفوليو، وتصرف العمال وفقا لروح المؤسسة، ولاعب عالمي، وعنصر التأثير، ولم أفهم كلمة منها."
لكن البروفيسور سودا له نظريته الخاصة في هذه المسألة ومفادها أنه "في اللحظة التي يملأ الشخص الجو فيها بمثل هذه الكلمات، لا يتحقق شيء وتسقط كلها على الأرض في شكل كلمات جوفاء"
ويرى البروفيسور سودا أن الحياة بالنسبة له كبواب تتعلق بأشياء مختلفة تماما. فالطلاب، حسب قوله، بحاجة القدرة على الحلم، ومهارة الفكر، والشعور بالمسؤولية وأيضا القدرة على الضحك. "وتابع سودا نصائحة بالقول: "عندما تتعاملون مع جوهر الأشياء ستحققون النجاح، فالفلاسفة قاموا فقط بتفسير العالم بشكل مختلف، بينما المهم هو إحداث تغيير به."
موهبة في التمثيل
ويقول الخريج سيباستيان موللر إن البروفيسور سودا صديق لـ"مسرح الارتجال". وفي محاضراته ليس هناك مأمن لأي طالب. فدائما ما يتكرر قيامه بسحب ميكروفون من جيبه وإجراء مقابلات مع طلابه لجذب انتباه المستمعين. ويضيف سيباستيان إنه " يثير إعجابا كبيرا بأسلوبه الودود.ويجعل الجميع مستيقظا، ومنتبها وأحيانا تكون هناك ضحكات قصيرة."
بينما تشيد الخريجة "إيفلي سودن" بطريقة مسرح الارتجال الذي يستخدمها أحيانا الأستاذ سودا وتقول "اشتركنا معها مرة وكدنا نموت من الضحك . كان أمرا رائعا حقا، ولم أكن أتصور أن أستاذا جادا مثل سودا يمكن أن يفعل شيئا من هذا القبيل!"
وكذلك الطالبة ماريا أدنر قامت بالتمثيل مع البروفيسور سودا ذي الــ 55 عاما. فقد قامت أثناء دراستها للـ"ماستر" بإجراء بحث حول "الشرح المتخصص" في المتاجر المختصة بمواد البناء. وجنبا إلى جنب مع البروفيسور سودا قامت ماريا أثناء إحدى المحاضرات بتقليد ما سمعته في المتاجر المتخصصة، وكان ذلك ضمانا لجذب انتباه زملائها من الطلبة والطالبات، رغم أن استاذها كان سيئا في لعب دور بائع متجر، حسب ماقالت وهي تبتسم.
"عائلة سيمبسون" في المحاضرة
بالطبع يستطيع أيضا ميشائيل سودا أن يقدم نتائج دراسة أجريت بطريقة جافة وبسيطة في المحاضرة، لكنه يحب أن يفاجئ طلابه. ففي إحدى المرات مثلا طلب من تلامذته في منتصف المحاضرة أن يغادروا القاعة لمدة ثلاث دقائق ويدخلوا حجرة مجاروة لها. ويقول سودا وهو مبتسم: "هذا الأمر لم يستغرق سوى ثلاث دقائق، ولكن عندما تساعد الدقائق الثلاثة الطلاب على تذكر المادة العلمية بشكل يكون ما فعلته قد حقق المبتغى."
وأحيانا يكتب أيضا المحتوى التعليمي على قصاصات ورق ويلصقها أسفل مقاعد الجلوس. ثم ينادي على الطلاب، ليقرأوا ما فيها. ويخطط سودا في القريب لتقديم محاضرة تكون فيها أدوار رئيسية لشخصيات من مسلسل الكارتون الشهير "عائلة سيمبسون"
البروفيسور ميشائيل سودا يعرف أيضا أن عناصر الفكاههة لاتناسب كل الأشخاص ولا كل المواقف، ويؤكد أنه لا يسمح إطلاقا بتحول محاضرته إلى تهريج، وأنه يجب المزج بين الفكاهة والتواصل مع الطلبة بشكل دقيق. ويريد سودا إعادة التوازن بين المدرسين ووسائل التدريس في قاعات المحاضرات الضخمة. ويقول إن شعاره هو أن "الإنسان نفسه، وليس ما يعرض على الشاشة ، هو محل الاهتمام " ويضيف البروفيسور سودا "إن الفكاهة ربما تقود إلى علاقة اجتماعية أخرى، وأنا لست معصوما، وإنما شخص يخطيء مثله مثل الطلاب."