التفاهم الإيراني الأمريكي انتصار للسلام والحكمة
٣ أكتوبر ٢٠١٣منذ فوز الدكتور حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وإعلانه سياساته الوسطية المعتدلة برزت علامات تشير لأول مرة إلى بدء مرحلة جديدة في العلاقات الإيجابية بين إيران والعالم الغربي بقيادة أمريكا منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979. فقد بدأ الرئيس روحاني انفتاحه على العالم خلال حملته الانتخابية، وبتصريحات عقلانية هادئة بعد فوزه، ومن ثم تأكيده عليها بخطابه في الأمم المتحدة، وما تلاه من اللقاء التاريخي بين وزيري خارجية البلدين: الإيراني محمد جواد ظريف، والأمريكي جون كيري، وتصريحاتهما الودية والإيجابية للصحفيين بعد ذلك اللقاء. وأخيراً تكللت هذه الجهود بالمكالمة الهاتفية مساء 27 أيلول الجاري، بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الإيراني حسن روحاني، الأولى من نوعها منذ اربع وثلاثين عاما.
كما وكرر روحاني مرات عدة خلال زيارته إلى نيويورك ولقاءاته الصحافية المتعددة أنه «لا مكان للأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في عقيدة إيران الدفاعية«. ومن جانبه أكد أوباما بعد المكالمة الهاتفية مع روحاني، أن من حق إيران امتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية.
كذلك انتصار الدبلوماسية الروسية على متشددي اللوبيات الأمريكية من قارعي طبول الحرب في حل الأزمة السورية، هو الآخر يبشر بمرحلة جديدة في منطقة الشرق الأوسط. وكذلك "تبني مجلس الأمن الدولي بالإجماع مشروع قرار يلزم سوريا بتفكيك ترسانتها من الأسلحة الكيمياوية، بعد موافقة منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية على جدول زمني لتنفيذ هذه العملية"، وإصرار المندوب الروسي بعدم اللجوء إلى استخدام القوة فيما لو خالفت سوريا الالتزام بوعودها إلا بقرار جديد من المنظمة الدولية.
لا شك أن كل هذه التطورات الإيجابية هي في صالح شعوب الشرق الأوسط، والتي تبشر بمرحلة جديدة من السلام والازدهار لم تألفها المنطقة من قبل.
خطوة أمريكية حكيمة للخروج من الأزمة
اليوم لعب الرئيس أوباما لعبته الحكيمة في الخروج من الأزمة مع حفظ ماء الوجه، ليجنب أمريكا من خوض حروب جديدة في عهده. ولهذا السبب تعرض أوباما خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى حملة إعلامية ضارية من قبل المتشددين في أمريكا، ومحاولة إظهاره بالرئيس الضعيف، وتشويه صورته... ولكن أثبت أوباما أنه يتمتع بالحكمة والصبر والحنكة السياسية إلى حد أن وصفه أستاذ في جامعة كولومبيا في كتاب له بماكيافيللي العصر.
أجل، التقارب الإيراني- الأمريكي أغاض الكثيرين من مرتزقة لوبيات الحروب، وكتاب الأعمدة، فراح كل يفسره على هواه وحسب موقفه السياسي، وكما يشتهي ويتمنى أن يكون الوضع... أتفق مع بعض هذه المواقف وأختلف مع الآخر. أنقل أدناه بعضاً من هذه النماذج.
في الحقيقة لم يبق أمام الملك السعودي لحفظ ماء الوجه سوى توجيه دعوة للرئيسروحانيللمشاركة في موسم الحج، واتخاذ هذه المناسبة فرصة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. وحتى في هذه الحالة تكون إيران هي المنتصرة أيضاً لأنه في حالة كسب رضا إيران، على السعودية أن تتخلي عن حملتها في إشعال الحروب الطائفية ضد الشيعة في دول المنطقة (العراق وسوريا ولبنان).
ومن هنا فإننا نبارك لشعوب المنطقة هذا التقارب، لأنه من شأنه نزع فتيل الفتن الطائفية، وإلحاق الهزيمة بالمحور الطائفي السعودي-القطري-التركي، واعتباره انتصاراً لشعوب المنطقة.
الخلاصة:
وكما أكد الزعماء الإيرانيون والأمريكيون، أن هناك مشاكل كبيرة وأزمة ثقة مزمنة بين البلدين عمرها 34 سنة، فمن غير المتوقع حلها بين يوم وليلة، ولكن في نفس الوقت جميع الأطراف متفائلون، وأكد الرئيس روحاني أنه يتوقع حل المشاكل ما بين 3-6 أشهر. وأعرب الجميع عن حسن نواياهم في هذا المجال. وعليه، أرى من واجب كل إعلامي شريف ومخلص لوطنه يريد الخير والاستقرار والازدهار لشعبه أن يرحب بأي تقارب بين إيران وأمريكا وجميع شعوب المنطقة. والتطورات الأخيرة هي في صالح العراق بالدرجة الأولى، لأنها تعتبر هزيمة للإرهابيين الطائفيين ومن يساندهم من أصحاب الأقلام والأبواق المأجورة، وتحت أية أيديولوجية تلحفوا، فرحلة الألف ميل بدأت بالخطوة الأولى.