"التنشئة الجهادية"..الاستخبارات الألمانية تدق ناقوس الخطر!
٦ أغسطس ٢٠١٨نشرت هيئة حماية الدستور الألماني (جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني)، تحليلا جديدا بشأن علاقة تطرف القاصرين بالتنشئة الاجتماعية التي يتلقونها داخل الوسط العائلي، وذلك تحت عنوان "التنشئة الاجتماعية الجهادية – ماذا يحدث داخل العائلات الجهادية في ألمانيا؟". وأكد التحليل، أن هؤلاء الأطفال تظهر عليهم علامات تشير إلى "تطرف مرجح في وقت مبكر من أعمارهم، وبوتيرة أسرع".
ويمضي التحليل إلى التأكيد على أن هؤلاء الأطفال "ينشؤون منذ ولادتهم على مبادئ متطرفة، لتكون لهم حافزا لتبرير ممارسة العنف ضد الآخرين خاصة ممن لا ينتمون إلى مجموعتهم الخاصة". وبحسب ما نقلته صحف مجموعة "فونكه" الألمانية فإن رئيس الهيئة هانس غيورغ ماسن، وصف التنشئة الاجتماعية للأطفال في بيئة إسلامية متطرفة بـ "المقلقة، وبالتالي ستشكل تحديا لهيئة حماية الدستور في السنوات المقبلة".
وكان ماسن قد عبر، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن قلق الاستخبارات الداخلية الألمانية من عودة زوجات وأطفال مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف إعلاميا بداعش) من المناطق التي كانت خاضعة لسيطرته في سوريا والعراق بعد الخسائر الفادحة التي مني بها التنظيم هناك.
ماذا يحدث داخل بيوت عائلات الجهاديين؟
وبحسب التحليل، الذي نشرته هيئة حماية الدستور الألماني، فإن ثمة مخاطر من العائلات التي تتبنى المفاهيم الجهادية في ألمانيا والتي لم تسافر إلى مناطق النزاع في سوريا أو العراق. وتقدر الهيئة عدد هذه العائلات بعدة مئات، مشيرة إلى أنها تضم مئات الأطفال. وحاول التحليل إعطاء صورة واضحة عن تركيبة العائلات الجهادية في ألمانيا، بالرغم من اعترافه (التقرير) بأن تلك الأرقام ليست دقيقة بما يكفي، لكنها تقريبية.
تتكون تلك العائلات من ثلاثة أشخاص على الأقل، ومعظم أفرادها هم من الأطفال أو القاصرين. ويشير التحليل إلى التأثير الكبير للوالدين على تكوين هوية الأطفال وتصورهم لهذا العالم. ففي الحياة اليومية للعائلات الجهادية، يتلقى الأطفال الأفكار المتطرفة في وقت مبكر سواء عن طريق وسائل الأعلام التي يتابعونها بشكل مستمر، أو من خلال الكتب أو التطبيقات التي تمنحها العائلة لهم، وغالبا ما تتضمن مشاهد العنف وتمجد الحرب.
وإضافة إلى التنشئة الأسرية، فإن هؤلاء الأطفال أو القاصرين عادة ما يجدون أنفسهم في نوادٍ أو مدارس دينية أو نشاطات (حتى في حفلات الشواء) أو محاضرات تساهم في دفعهم نحو الفكر المتطرف.
ويشير التحليل إلى بعض المؤشرات التي يمكن التنبؤ من خلالها بأن أي طفل قد خضع إلى تنشئة اجتماعية راديكالية. ومن بين هذه المؤشرات المصطلحات اللغوية التي يستعملها الطفل، حيث يصف مثلا غير المسلمين بمصطلح "كفار" أو كأن يسمي ما يقوم به تنظيم داعش بـ "الجهاد". كما يمكن أن يكون السلوك العدائي أو العنيف للقصر مؤشرا هاما في هذا الصدد، لكن يجب أخذ ردة فعل القاصر في سياقه العام.
تقول المخابرات الألمانية إن الخطر من هذه الظاهرة قد يكون على المستوى المتوسط والطويل، داعية السلطات والمؤسسات الأمنية وأفراد المجتمع المدني للعمل تدارك هذا الخطر.
ولاية شمال الراين فيستفاليا على خطى بافاريا؟
يأتي هذا التحليل فيما يزادا النقاش في ألمانيا بشأن إمكانية خفض السن القانونية التي تسمح للسلطات الأمنية بفرض رقابة على القاصرين الذي يمكن أن يشكلوا تهديدا أمنيا. وتدرس ولاية شمال الراين - فيستفاليا التخلي عن الحد الأقصى لسن الخضوع لرقابة هيئة حماية الدستور، والذي يبلغ 14 عاما حاليا، وذلك على غرار ولاية بافاريا الألمانية.
وقال وزير الداخلية في ولاية شمال الراين- فيستفاليا، هيربرت رويل، في تصريحات لمجموعة "فونكه" الإعلامية إن موانع انزلاق الأطفال المنحدرين من هذه العائلات للعنف أقل، وأضاف: "لذلك، تحتاج السلطات إلى أدوات لمراقبة العائدين دون 14 عاما المصابين بصدمات نفسية، والذين لديهم استعداد للعنف".
وأيد هذا الإجراء خبير الشؤون الأمنية في الحزب المسيحي الديمقراطي باتريك زينسبورغ الذي قال إن "الأمر لا يتعلق بتجريم الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 14 عامًا، ولكن هذا الإجراء يسعى إلى منع التهديدات الكبيرة التي تتعرض لها البلاد، مثل الإرهاب، الذي يستهدف أيضًا الأطفال".
وفي هذا الصدد شدد وكيل وزارة الداخلية الألمانية الاتحادية، شتيفان ماير، من الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، أن هناك أيضا مهمة وقائية لصالح هؤلاء الأطفال. لقد سافر شباب إلى مناطق الأزمة في سوريا والعراق للمشاركة في الإرهاب.
وكانت ألمانيا قد أعادت امرأتين ألمانيتين وثلاثة أطفال من أربيل شمال العراق، بحسب تقرير نشره جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني في 30 أيار/ مايو 2018 على صفحته على الإنترنت، فيما تحدثت تقارير إعلامية عن وجود نحو مئة شخص، معظمهم من الأطفال والنساء، يحملون الجنسية الألمانية ينتمون إلى "داعش" في السجون العراقية.