سوريون غاضبون بسبب .. "#الجزائر_ليست_سوريا"
١٤ مارس ٢٠١٩"الشعب هو من يجب أن يختار، الشعب هو السلطة (...) يا أويحيى الجزائر ليست سوريا!". مقتطف من كلام طفل جزائري خلال مظاهرة من المظاهرات التي تشهدها الجزائر منذ الثاني والعشرين من فبراير/ شباط الماضي احتجاجا على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة. بعد عبارة "الجزائر ليست سوريا" يجهش الطفل بالبكاء. هذا الفيديو انتشر بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي وتداوله العديد من النشطاء ورواد فيسبوك ويوتيوب، وهو نموذج من فيديوهات وصور وملصقات أخرى تؤكد على الشيء ذاته: "الجزائر ليست سوريا يا أويحيى".
هذه العبارة هتف بها أيضا المتظاهرون في شوارع الجزائر، واقتران اسم أويحيى بهذه العبارة يأتي للرد على رئيس الوزراء الجزائري السابق أحمد أويحيى الذي قال إن "المتظاهرين قابلوا الشرطة بالورود... الحمدلله، لكن يجب أن نذكر بعضنا بأن الثورة في سوريا بدأت بالورود وانتهت بالدماء". تصريح أويحيى الذي اعتبره البعض "تلويحا بالدم" ودافع عنه مسؤولون جزائريون أثار سخطا وتفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع كذلك ووصل الأمر إلى حد خلق جدل على مواقع التواصل بين جزائريين وسوريين.
"الشبح السوري" حاضر أيضا في أحداث الجزائر
ليست هي المرة الأولى التي تستحضر فيها السيناريوهات المأساوية في بعض الدول العربية ويهيمن هاجس "الشبح السوري" على المظاهرات الشعبية التي تشهدها دول أخرى. تخويف وتحذيرات تظهر أحيانا على ألسنة مسؤولين في هذه الدول أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي.
في السودان تم التحذير أيضا من أن تتحول المظاهرات التي خرجت في فبراير الماضي احتجاجا على غلاء المعيشة إلى السقوط في فوضى كتلك التي عرفتها سوريا وليبيا وغيرهما خاصة بعدما تجاوزت احتجاجات المتظاهرين موضوع غلاء الأسعار إلى المطالبة برحيل الرئيس عمر البشير عن السلطة. وقبل ذلك مصر والمغرب حيث سيطر التخويف من إثارة الفتن والسقوط في المستنقع السوري إبان احتجاجات حراك الريف.
استياء سوري
وفي الوقت الذي شبه فيه نشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي من سوريا المظاهرات الحالية في الجزائر بتلك التي خرجت في مدنهم في بدايات الثورة السورية وبدأ آخرون في إسداء النصائح للجزائريين بأن يأخذوا العبرة من التجارب التي سبقتهم ويستفيدوا من "أخطاء" الحركات الاحتجاجية التي عرفتها دول أخرى في المنطقة، رد جزائريون على التحذيرات المنتشرة بأن الجزائر ليست سوريا ولا ليبيا. وقد تسبب الأمر بنقاشات وأحيانا بتوتر بين بعض المعلقين خاصة أن ما يحدث في الجزائر يتزامن مع احتفال جزء كبير من السوريين المعارضين لنظام الأسد بمرور ثماني سنوات على انطلاق الثورة السورية. ومن الفيديوهات المتداولة أيضا في هذا السياق، فيديو لمتظاهر جزائري يعلق على كلام أويحيى قائلا : "نحن لسنا سوريا يا أويحيى. نحن لا نفعل شيئا، لا نكسر ولا نحرق... هذه البلاد نحبها أكثر منكم..." وعلى موقع يوتيوب كذلك انتشرت كذلك فيديوهات بنفس العنوان "الجزائر ليست سوريا". أحد الفيديوهات بدأها صاحبها كالتالي "هذه الجزائر وليست سوريا... مع تحياتنا للشعب السوري وتمنياتنا لهم بتحسن أوضاعهم".
"ديمة عز الدين، إعلامية سورية مقيمة في تركيا علقت أيضا على الموضوع من خلال منشورات على صفحتها في موقع فيسبوك، جاء في أحدها: "هل يدرك بعض الجزائريين أن في قولهم "الجزائر ليست سوريا" إهانة لشعب أظهر شجاعة في رفضه عهدة أبدية وجابه من جرائم نظامه ما جابه!!! الجزائر هي سوريا ومصر والسودان واليمن وكل دولة في وطن عربي حكمها الطغيان".
"تهديد غير أخلاقي"
وعن سبب هذا الاستياء والتفاعل الكبير مع تحذيرات أويحيى، يقول نور الدين بكيس وهو دكتور علم الاجتماع السياسي في جامعة الجزائر في لقاء مع DW عربية إن خطاب التخويف من السيناريو السوري موجود منذ 2011 وقبلها كان التخويف بماضي الجزائر وتحديدا العشرية السوداء. وبالفعل منذ نهاية الحرب الأهلية الجزائرية التي خلفت مئات آلاف القتلى والناس حذرون فيما يتعلق بالتظاهر، وإن احتجوا فإن احتجاجاتهم تكون محدودة ولا تتجاوز السقف السوسيواقتصادي ولا تصل إلى مطالب سياسية كما يقول الخبير.
ويضيف بكيس: "الآن سئم الناس من هذه التخويفات وكانت هذه الاحتجاجات وكانت أول فرصة يسمع فيها المواطنون القادة السياسيين بأعلى صوتهم موقفهم من وضع البلاد بعد تراكمات كبيرة. انتفضوا لوعيهم بضرورة كسر حاجز الخوف وبأن السكوت عما يحدث الآن يعني أن كلفة التغيير في المستقبل ستكون أعلى".
وعن عبارة "الجزائر ليست سوريا" التي خلفت استياء في صفوف بعض السوريين، يعلق الخبير الجزائري بالقول "أتفهم وجود استياء لأن سير الاحتجاجات ومصيرها لا يتعلق بالشعب وإنما بتفاعل القوى الأمنية. في الجزائر يسير حتى الآن كل شيء على ما يرام لأن القوى الأمنية لم تقمع المظاهرات لكننا رأينا ماذا حل بالجزائر عندما قمعت السلطة المسار الانتخابي في التسعينات وغرقت البلاد في الفوضى والدماء لعقود. لو تعامل النظام السوري كذلك بطريقة أخرى مع المظاهرات في سوريا لما انحرفت الثورة السلمية عن مسارها، فالعنف يولد العنف".
وبشكل عام يرى بكيس أن الأنظمة العربية تضع المواطنين أمام خيارين: إما بقاؤهم في السلطة أو الفوضى، ويستخدمون لذلك الغرض أساليب التخويف والتذكير بجروج وذكريات مؤلمة يعلمون أن الناس يخشون تكرارها بالفعل وهذا أعتبره تهديدا غير أخلاقي".
سهام أشطو