الخوف يلقي بظلاله على أجواء أعياد المسيحيين في مصر
٤ مايو ٢٠١٣"نحن نحتفل ولا نخلط الدين بالسياسة أثناء الأعياد"، بهذه الكلمات بدأ مينا موريسن العامل في المنظمات غير الحكومية حواره لـ DW عربية في كنيسة مارجرجس بالجيزة. وأضاف "مهما نفقد من أعز أقاربنا سنحتفل أيضا". وتابع "ما يتعرض له الأقباط في مصر من اضطهاد، هو استكمال لما أكدته النصوص الدينية بأن المسيحيين سيستمرون في التعرض للاضطهاد".
وحسب رأيه فإن "هذا الاضطهاد نابع ليس فقط من النظام بل من قبل المسلمين الجاهلين، الذين يفسرون الدين الإسلامي على أنه جهاد ضد الأديان الأخرى".
في المقابل، يؤكد مينا عازر، مرتل كنيسة مارجرجس بالجيزة لـ DW عربية، أن هناك أعدادا كبيرة تتوافد على الكنائس، ولا تتأثر بما يحدث من أعمال عنف". واستنكر عازر بشدة تعامل النظام الحاكم مع أحداث العنف قائلا "لا يوجد أحد يقف معنا وبرهنت أحداث الكاتدرائية على ذلك".
لكنه أشاد بشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب باعتباره رمز الإسلام الوسطي، وأنه أول من يعزيهم.
في الخندق ذاته، تعبر بسنت عكوش شنودة، خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عن استيائها لـ DWعربية في كنيسة مارمرقس بالجيزة قائلة "لم أعد أشعر بالأمان بالأخص في ظل حكم الإخوان، الذي زاد من إراقة الدماء وتكميم الأفواه". وهذا تجلى بعد أحداث الكاتدرائية، وفقا لعكوش، باعتبارها المرة الأولى، التي يتم فيها الاعتداء على الكاتدرائية منذ دخول الإسلام لمصر. ووصفت الكنيسة بأنها"رمز الأقباط الأرثوذكس في العالم كله".
كاهن: "الأمن لا يقوم بواجبه"
وكان لـ DWعربية لقاء بالقمص يعقوب سليمان في الكنيسة المعلقة بمصر القديمة، الذي بدأ حديثه قائلا "لن تتأثر الاحتفالات بأي شي حولنا، فالطقوس الدينية تمارس في كل المناسبات كما هي". وتابع "من المفترض أن يكون هناك إجراءات أمنية مكثفة لأن هناك تسيبا". وعبر القمص عن أمانيه بعدم المساس بدور العبادة بسوء. وتمنى أن تسود روح المحبة كما كانت من قبل، مؤكدا على وجود مسلمين معتدلين.
ولدى سؤاله عن سفر بعض الأقباط إلى القدس، رد قائلا "البابا شنودة كان له مبدأ: وهو أن الأقباط لن يدخلوا القدس إلا مع أخواتنا المسلمين، وهذا ما يسير عليه البابا تواضروس الثاني". وأشار إلى تصريح للبابا تواضروس الذي قال فيه " أنا مصري قبل أن أكون البابا" ، مؤكدا على هذا الحديث بقوله "نحن لسنا مواطنين من الدرجة الثانية".
واندهش القمص في نهاية حديثه من الفتاوى التي تحرم تهنئة الأقباط في أعيادهم. وقال: "هؤلاء ليس لديهم سماحة دينية، فالدين لله والوطن للجميع".
مسلمون يشاركون الأقباط أعيادهم
وليد فتحي، سائق تاكسي، يقول إن مشاكل الأقباط في مصر "بلّونة" مفتعلة. ويضيف "هناك تعايش وانسجام بيننا، نحن نحميهم في حال تعرضهم لأذى ونهنئهم مهما يحدث".
ولا تفرق ريم السيد، غير عاملة، بين مسلم ومسيحي، في حديثها لـ DW عربية. قائلة "إن عيد المسيحيين مثله مثل عيد المسلمين، حيث أهنئ أصدقائي وجيراني وأشاركهم فرحتهم بالعيد". وأوضحت "أحداث العنف الطائفية سببها وجود جماعات متشددة، من قبل الطرفين تفتعل المشاكل للترويج بوجود فتنة".
تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم
أما الدكتور أمير بسام، عضو مجلس الشورى عن حزب الحرية والعدالة، فيؤكد في حديثه لـ DW عربية على أن حرية العبادة مكفولة للجميع. وشدد على أن أعمال العنف التي شهدتها الكنيسة المصرية كان وراءها النظام السابق. وبرهن على ذلك بأحداث كنيسة القديسين. وتابع "ما حدث حتى في الفترة الأخيرة من أعمال عنف طائفية، كان مجرد فعل ورد فعل ولم يكن يستهدف الأقباط بعينهم".
واستنكر بشدة تقرير الحريات الدينية الأمريكية، قائلا "هذه التقارير سياسية ولا تتمتع بالشفافية ولا يوجد ما يسمى اضطهاد ديني في مصر". وتابع باندهاش " الأقباط يتمتعون بأكثر من حقوقهم". ودلل بسام على ذلك بعدم وجود رقابة على الكنائس وعدم خضوعها للمعاملات المالية. وشدد على أهمية حسم الأمور المالية للكنائس باعتبارها جزءا من مصر، ولا يجوز خروجها من دائرة المراقبة.
وبسؤاله عن مدى الالتزام بفتوى تحريم تهنئة الأقباط رد قائلا "هذه الفتوى شرعية ونلتزم بها. ولكن المقصود بها هو عدم جواز مشاركتهم في اعتقادهم المخالف لعقائدنا". وأضاف" مشاركتنا في الأعياد تكون في إطار المجاملة فقط".
"بناء الكنائس ليس منحة من النظام"
يرى جورج فهمي، باحث دكتوراه في الجامعة الأوروبية بفلورنسا، في حواره مع DW عربية "أن المسيحيين عانوا ككل المصريين من سياسات التمييز التي اعتمدها نظام مبارك". واستكمل"هذا ما يفسر أيضا انخراط قطاع من الشباب المسيحي في ثورة 25 يناير 2011، التي رأى فيها فرصة لبناء نظام سياسي جديد يقوم على الحرية والمساواة والمواطنة".
وشدد فهمي على أنه مع وصول محمد مرسي إلى الرئاسة، مازال التخبط هو سمة تلك المرحلة. مع فشل النظام الراهن في احتواء مخاوف وقلق المسيحيين. وأضاف "مشكلة الأقباط ليس فقط في بناء الكنائس أو عدد الوزراء المسيحيين، لكن في أن يشعروا أنهم مواطنين دون تمييز". وأكمل "بناء الكنائس ليس منحة من النظام الحاكم، بل هو حق أصيل".
واختتم حديثه قائلا "أجواء التوتر الديني ستلقى بظلال من الحزن والألم على احتفالات العيد"، معتبرا أن "الحكومة والنظام الحالي عاجزين عن حماية كل المواطنين المصريين، وليس الأقباط فقط".