الرئيس المصري الجديد- صلاحية محدودة في ظل قوة العسكر
٢٤ يونيو ٢٠١٢للوهلة الأولى يبدو الصراع المرير حول منصب رئاسة الجمهورية بين أحمد شفيق الذي يمثل فلول نظام مبارك، ومرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي، امتدادا للصراع التقليدي في مصر بين الجيش والإسلاميين. لكن وبعد التمعن الدقيق في الأمر يتضح ببساطة على أن أغلبية المصريين لم يصوتوا لصالح كلا المرشحين. فمرشحي شباب الثورة تمكنوا من نيل أكثر من نصف الأصوات في الجولة الأولى، غير أن ترشحهم بشكل متفرق، سمح لشفيق ومرسي بالوصول للجولة الثانية.
حالة دائمة من الغموض القانوني
لكن وبغض النظر عن فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي الذي يفتقد للكاريزمة في أول انتخابات رئاسية مصرية بعد الإطاحة بحسني مبارك في 11 شباط/فبراير 2011، فإن ذلك لن يعني نهاية مسلل التغيير الديمقراطي وتوزيع السلطة في مصر بعد الثورة. لقد تبين بشكل واضح في الأسابيع والأشهر الماضية بأن المجلس العسكري الأعلى لن يقتصر على الدفاع عن امتيازاته في حقبة ما بعد مبارك، بل إنه لا يفكر في التخلي عن السلطة لممثل للشعب، منتخَب ديمقراطيا.
ويؤكد "الانقلاب الأبيض" الأخير الذي قام به الجنرالات في مصر هذه التنبؤات، حيث قام القادة العسكريون في مصر بقيادة محمد حسين طنطاوي، بعد فترة قليلة من إعلان نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، بوضع السلطة التشريعية والتنفيذية تحت تصرفهم من خلال الإعلان الدستوري المكمل. وسبق ذلك الأمر بحل المجلس العسكري، علاوة على ذلك لن تكون للرئيس المصري المقبل سلطة على القوات المسلحة.
من خلال إستراتجيتهم التي تقوم على زرع المخاوف بشكل ممنهج وغياب الإرادة، على ما يبدو، في تلبية الحاجيات الأساسية للمواطنين وخاصة فيما يتعلق بضمان حد أدنى من الأمن والنظام، قام الجنرالات في مصر بإرهاق الناس. فقد قادوا البلاد إلى الفوضى وسعوا بكل الوسائل إلى تحميل ثوار ميدان التحرير المسؤولية عن ذلك من أجل تشويه سمعتهم لدى المواطنين المنهكين.
وبكل تأكيد تمنح الانتخابات الحالية الفرصة لإضفاء الطابع الديمقراطي على حكم العسكر، لكن ضحايا الثورة لم يذهبوا هدرا، فالآن بدأ العسكر يشعرون بأن إدارة هذا البلد الضخم تفوق طاقتهم. لذلك فقد حان الوقت لكي يعيد نشطاء ميدان التحرير تنظيمهم بشكل جيد، ويقدمون أنفسهم كبديل جدير بالثقة عن القوى التقليدية.
لؤي مدهون
مراجعة: طارق أنكاي