الروبوت بديل لتدخل الإنسان في عمليات الإنقاذ الخطيرة
٢٧ سبتمبر ٢٠١٣حينما تسربت مياه التبريد لأحد المخازن في وحدة طاقة نووية مهجورة في فوكاشيما اليابانية، اكتشف أن التسرب كان هائلاً بحيث هدد إشعاعه حياة قاطني المنطقة المحيطة في فترة قصيرة. وبالطبع فإن تدخل العاملين في الوحدة حينها يكون ممنوعاً.
يتعامل رجال الإطفاء مع هذه الحوادث يومياً، ففي الحوادث الكيماوية يخاطرون باستنشاق الغازات السامة، وفي حالات الحرائق يموت الناس غالباً بسبب الغازات الناتجة عن الحريق. كما يعرٍٍٍض خبراء المتفجرات حياتهم للخطر حين يحاولون حل أسلاك القنابل المتبقية من الحرب العالمية الثانية.
أليس من الأفضل تولي الروبوتات هذه المهام؟ ولكن هل يمكنها ذلك بالفعل؟ يحاول مصممو الروبوتات في بيرشتسغادن الإجابة عن هذه الأسئلة عبر تجربتها ضمن مسابقة الروبوتات يوراثلون في الأسبوع الممتد بين 23- 27 سبتمبر/ أيلول.
توجيهات بشرية للروبوتات
على الروبوتات التسلل إلى مبان عديدة واختراق الحواجز كالأبواب المغلقة والأدراج لتحدد مصدر الخطر، وربما التعرف على الضحية والعودة إلى موقعها الأول في وقت محدد. كما أن بإمكانهم تولي مهام خاصة كإغلاق صمام الخزانات أو القنابل الكيماوية.
وليس هذا بالأمر الهين، يقول فرانك شنايدر من معهد فراوهوفر للتقنيات المعلوماتية والطبيعة البشرية "لابد من التذكير بأن ما تنبهنا إليه حواسنا أثناء سيرنا كبشر من تجاوز للأبواب والأدراج أمور صعبة على الروبوتات. حتى الروبوتات المؤهلة لمهام مشابهة لا زال مداها البصري قصيراً نسبياً مقارنة بالبشر".
شنايدر، منظم مسابقة روبوتات يوراثلون، حدد بالتعاون مع عدد من مختصي الإطفاء والكوارث طبيعية المهارات التي سيتم اختبارها، حيث ستحاكي المهام إلى أقصى حد ممكن الظروف الطبيعية.
غالبية الروبوتات اليوم يتم التحكم بها عن بعد، خاصة تلك المختصة بتعطيل فاعلية القنابل وتفكيك وحدات الطاقة النووية. وتسير الأمور على خير ما يرام، ما دام الاتصال بها عن بعد موفقاً. أما في حالة انقطاع هذا الاتصال، فعلى الروبوتات تدبير أمورها لوحدها دون توجيه بشري.
الاستغناء عن التوجيهات البشرية
في هذا الشأن يختص ميشائيل هيميلسباخ من جامعة ميونيخ، إذ يشارك فريقه الحدث بعربته المتنقلة ذاتياً. وتتعرف سيارته الروبوت، على الطرق الجبلية الوعرة بأجهزة إحساس ورصد للطرق. وتعد هذه الطرق العوجاء نقطة صعبة وخطيرة للروبوتات، فهي تعجز عن اكتشاف الجانب المائل.
ويختص ماركين جيل من الشركة البولندية روبوتكس إنفنشينز في ذات المجال "أعتقد أن بإمكاننا التمييز بين مكان الشارع وحواف الطريق من غابة وأشجار". وخلافاً لاعتقاد الفريق الجامعي الذي يستخدم صوراً ثلاثية الأبعاد للطرق، فإن جيل يستخدم قارئ ليزري ثنائي الأبعاد، إضافة إلى نظام تحديد الموقع GPSووحدة معالجة معلومات. وأضيفت الوحدة الأخيرة، لأن "المعلومات التي يوفرها نظام تحديد المعلومات ليس دقيقاُ بالدرجة الكافية". وهو ما يوافق عليه هيميلسباخ:" انطلاقاً من ذات المنطق، تكاد تعتمد عربتنا على أجهزتها الحساسة الخاصة وحدها، تماماُ كالسائق البشري".
حجب الرؤية بالدخان
تجد الروبوتات طريقها في الشوارع بشكل جيد، لكن كيف سيكون الحال في الأماكن المعتمة والمباني المغلقة؟ هل ستجد طريقها عبر الدخان والضباب؟ فحينها لن تساعد أجهزة الإحساس والكاميرات على اكتشاف الطريق.
ورغم أن المهندس جيل لن يرسل روبوته في الدخان، إلا أنه يعتقد أن المعضلة يمكن حلها عبر أجهزة الاستشعار بالموجات فوق الصوتية. فمثلاً يقيس سونار السفن البعد عن الأجسام العائقة للطريق عن طريق ارتداد صدى الموجات الصوتية. هذه هي أيضاُ الطريقة المتبعة لدى فئران الحقل:" بالطبع لديهم أجهزة حيوية أكثر تطوراً منا، فبإمكانهم من خلال ارتداد الصدى تخيل شكل الجسم المنعكس. أما نحن فيمكننا فقط من خلال تحريك الأجهزة الاستشعارية معرفة حجم وشكل الجسم العائق".
هذا يعني، أنه لابد من توفر رقابة إنسانية لتفسير وتحليل الصور، مثل كولن فايس من شركة يوروبيان لوجستيك بارتنرز. ففي مشروعه، يرسل الروبوتات في غرف دخانية معتمداً على طريقة أخرى:" زودت الروبوتات بكاميرات حرارية قادرة على إرسال صور عبر الدخان والضباب. كما أننا زودناها برادارات تسمح بمسح المنطقة المحيطة".
الروبوت المختص بالكوارث الطبيعية من نوع آي روبوت والمعروف باسم "باكبوت" يتم التحكم به عن بعد، ولكن بإمكانه أيضاً التخلي عن المعونة البشرية، في حال انقطع الاتصال. ويسترسل كولن فايس:" بناءاً على الصور والمعلومات التي يرسلها الروبوت، يحدد المساعد البشري خطوات تحرك الروبوت. في حالة انقطاع اتصال الطرفين، يمكن للروبوت تولي أموره بذاته، فحين يقع مثلاُ على الأرض، يقف مجدداً. كما يعود للاتصال أوتوماتيكياً بالمساعد البشري حال توفر الفرصة لعودته للاتصال".
القرب من الواقع
يرى يوها رونيج، رئيس قسم علو الكمبيوتر والهندسة في جامعة أولو، أن من الصعب محاكاة الواقع وتحدياته غير المتوقعة. فيقول:" في الحياة الحقيقية تتوفر صعوبات عديدة يصعب مقاربتها في التجارب أو داخل المباني. فالشمس على سبيل المثال قد تكون حارقة أو الليل حالكاً جداً كما هو الحال في وطني فنلندا".
ويشارك رونيج في تنظيم يوراثلون ويسعى من خلالها إلى التركيز على قدرة الروبوتات في الحلول محل قوات الإنقاذ بسرعة وكفاءة عالية. وهو واثق بقدرتها على تخطي الصعوبات والتحديات. "تدور هذه المنافسة حول مواجهة الروبوتات للعالم الواقعي وتجاوز الصعوبات".
الهدف: السلسلة الإنتاجية
تتعدى طموحات فرانك شنايدر رؤية رونيح، فهدفه أن تتعدى الروبوتات مرحلة النماذح المنفردة لتصنع المعامل عدداً كبيراً منها. يمكننا هنا اعتبار هذا درساً للكارثة النووية في تشيرنوبل حيث مات الكثيرون جراء الإشعاع.
ولذا فإن يوراثلون تود أيضاً المساهمة في إيجاد الحلول المناسبة لهذه الروبوتات، فهنا يلتقي مصمموهم ويتعاونون. كما من المهم إيجاد معايير صناعية في هذا المجال، فحينها فقط يمكن البدء في إنتاج عدد كبير من الروبوتات ذات النوع الواحد في المصانع.