العدسات اللاصقة أم النظارات.. أيهما أفضل للبيئة؟
١١ أبريل ٢٠٢٤في كل مرة يٌقدم فيها شخص على وضع عدسات لاصقة جديدة، فإنه ينتج عن ذلك نفايات سواء أكانت العدسات القديمة أوعبوة العدسات الجديدة بالإضافة إلى زجاجة المحلول الملحي، وتقدر هذه النفايات بحوالي كيلوغرام سنويا فيما تنتج العدسات اللاصقة القابلة لإعادة الاستخدام كمية أقل من النفايات.
ومع وجود حوالي 140 مليون شخص يضعون عدسات لاصقة في جميع أنحاء العالم، فإن الأمر يزداد سوءا. بيد أن هذا لا يعني أن النظارات الطبية تمثل البديل الأفضل للبيئة إذ أنها تتسبب أيضا في مشاكل بيئية أخرى. ومع توقع أن نصف سكان العالم سيعانون من ضعف البصر بحلول عام 2050، يتساءل كثيرون هل النظارات أفضل للبيئة أم العدسات اللاصقة؟
أضرار العدسات اللاصقة؟
في هذا الصدد، قال تشارلز رولسكي، المدير التنفيذي لـ "معهد شو" الأمريكي المتخصص في دراسة تأثير النفايات البلاستيكية على البيئة والبشر، إن حوالي 20 بالمائة من الأشخاص الذين يرتدون عدسات لاصقة في الولايات المتحدة يقومون بالتخلص من عدساتهم القديمة ربما بإلقائها في مكب النفايات.
وتمحورت دراسة قام بها رولسكي حول تأثير نفايات العدسات اللاصقة التي تستخدم لمرة واحدة. ووجد الباحث أن ما بين 2 إلى 3 مليار عدسة بلاستيكية ينتهي بها المطاف في مياه الصرف الصحي في الولايات المتحدة وحدها، فيما اكتشف أن قطع البلاستيك الصغيرة المتواجدة في العدسات لا تتحلل بالكامل.
ويقول في هذا السياق "لقد كانت دراسة مفيدة حقا بالنسبة لنا. نفايات العدسات اللاصقة تنجو من عمليات معالجة مياه الصرف الصحي. إنها مسامية جدا، لذا فهناك احتمالات أن تكون ملوثة بأشياء مثل الأمراض أو أنواع أخرى من المواد الكيميائية فضلا عن أنها قد تتحول إلى جسيمات بلاستيكية دقيقة".
وتنتقل الجسيمات البلاستيكية الدقيقة أو اللدائن الدقيقة بسهولة عبر الجو أو الماء، ما يعني أنها يمكن أن تصل إلى المواد الغذائية والإنسان في نهاية المطاف.
وفي مقابلة مع DW، قال رولسكي إنه على الرغم من أن العدسات اللاصقة صغيرة الحجم، إلا أن تكرار استخدامها يخلق تأثيرا كبيرا نظرا للعدد الكبير من البشر الذين يضعون عدسات لاصقة.
وقد وجدت دراسة أجريت عام 2023 أن ما لا يقل عن 18 نوعا من العدسات اللاصقة المباعة في الولايات المتحدة تحتوي على مستويات عالية من المواد الكيميائية السامة التي تعرف بـ PFAs أو "المواد الكيميائية إلى الأبد". وتتألف هذه المواد من سلسلة من ذرات الفلور، فيما يكمن خطرها في أنها لا تتحلل في البيئة ما يعني أنها تشكل خطرا على صحتنا.
ورغم عدم حسم قضية التأثير المباشر لهذه المواد على الأشخاص الذين يضعون عدسات لاصقة، إلا أنه من المؤكد أن المواد الكيميائية السامة التي تعرف بـ PFAs يمكن أن تلوث التربة والمياه لتتراكم في أجسام الماشية وينتهي بها المطاف داخل جسم الإنسان.
هل النظارات أفضل؟
وفيما يتعلق بالنظارات الطبية، فإن القليل من الشركات التي تقوم بتصنيعها تنشر تقارير عن تأثيرها على البيئة، فيما يتخطى حجم الصناعة عتبة الـ 150 مليار دولار سنويا.
واللافت أنه بمجرد ارتداء النظارات، فإنه لا ينتج عنها الكثير من النفايات باستثناء مناديل التنظيف، ما يعني أن عملية التصنيع هي وحدها تتسبب في تأثيرات بيئية خطيرة.
وفي تعليقه، قال ماكس يوراشيك، الباحث في جامعة براونشفايغ التقنية بألمانيا، إنه "يتم التخلص من النصف قبل عملية البيع لأن المسار من التصنيع وحتى البيع يستغرق وقتا طويلا".
وأضاف يوراشيك أن النظارات تعد شكلا من أشكال الموضة، لذا يقدم كثيرون على تغييرها؛ حيث تشير التقديرات إلى أن الأشخاص الذين يرتدون نظارات طبية في الولايات المتحدة يشترون نظارة جديدة سنويا بما يتوافق مع الموضة العالمية. وأشار الباحث إلى أن هذا الأمر يعني التخلص من كميات كبيرة من النظارات التي ينتهي بها المطاف في مكب النفايات.
إعادة تدوير النظارات والعدسات اللاصقة؟
تعد عملية تصنيع النظارات الطبية معقدة تشتمل على مواد بلاستيكية يصعب إعادة تدويرها. وفي هذا السياق، قال أندرو كلارك، الباحث الذي ساعد في تأسيس شركة " Net Zero Optics" الاستشارية، إن صناعة النظارات الطبية تعد "كثيفة فيما يتعلق باستخدام المواد البلاستيكية وأغلبها مشتقة من الوقود الأحفوري فضلا عن كونها صناعة تتسم بالعالمية، حيث يتم تصنيع كميات كبيرة في الصين وفي دول الشرق العالمي". وأضاف كلارك أن "كل خطوة في عمليات الإنتاج: إما تنطوي على تكرير لمنتج بلاستيكي أو نقل لمنتج بلاستيكي آخر، مما يترتب على ذلك بصمة كربونية كبيرة".
يشار إلى أن المملكة المتحدة تضم عددا قليلا من برامج إعادة تدوير العدسات اللاصقة والنظارات. فيما يقول الباحثون إنه لا يمكن إعادة تدوير العدسات اللاصقة برفقة النفايات البلاستيكية الأخرى لأنها صغيرة جدا ولا يمكن فصلها.
وفيما يتعلق بالنظارات، فإن عملية التدوير تتمحور حول محاولة فصل النظارات عن المواد المصنعة قبل تحويل المواد البلاستيكية إلى مواد منخفضة الجودة التي يمكن العثور عليها في مكب النفايات. وفيما يتعلق بالعدسات الزجاجية، فإنه يصعب إعادة تدويرها لأنه يتم طلاؤها.
ماذا عن النظارات المستدامة؟
يشار إلى أن النظارة تتكون من إطار يحمل عدسات، فيما يُصنع هذا الإطار من مادة الأسيتات وهي مزيج من مواد نباتية والوقود الأحفوري فيما تروج شركات تصنيع النظارات إلى ما يُطلق عليه "الأسيتات الحيوية"، لكن الأمر يواجه انتقادات، إذ تقول منظمات بيئية: إن الأمر يأتي في إطار ظاهرة "الغسل الأخضر" لأنه يشتمل على استخدام مواد بلاستيكية.
وفي ذلك، قال كلارك إن الأمر أشبه "بصنع برغر (النقانق) حيث لا يمكن القول بأن هذا برغر نباتي لأن 75 بالمائة من مواده نباتية".
العدسات اللاصقة أم النظارات؟
وبشكل عام، يقول الباحثون إن النفايات تعد العامل الحاسم في تحديد: هل العدسات اللاصقة أم النظارات أفضل للبيئة؟
ويُنصح الأشخاص الذين يضعون عدسات لاصقة بتجنب غسلها في حوض الحمامات لأن ذلك يؤدي إلى تلويث مياه الصرف الصحي والبيئة بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة.
ويحث نشطاء البيئة الأشخاص الذين يرتدون نظارات على استبدال العدسات فقط بدلا من شراء نظارات بإطارات جديدة. فيما كشف باحثون عن أنه في حالة استخدام مواد محلية معاد تدويرها، فإنه يمكن تقليل الأضرار البيئية التي تتسبب فيها النظارات بنسبة 25 بالمائة.
أعده للعربية: محمد فرحان