العراقيون دون كهرباء - ظروف معيشية صعبة
٤ يوليو ٢٠١٠لا يزال العراقيون يعانون من انقطاع مستمر في التيار الكهربائي يزيد حياتهم الصعبة أساساً صعوبة، فإضافة إلى اعتماد أعمال الكثير منهم على الكهرباء وفساد الأطعمة دون ثلاجات أو مبردات، فإن الحر القائظ في الصيف يجعل الحياة مستحيلة في بلاد الرافدين. وفي بعض الأحيان يحصلون على الكهرباء لمدة لا تتجاوز الثلاث ساعات يومياً.
بدائل باهظة
سليمة أحمد، في الثالثة والثلاثين من العمر وأم لأربعة أطفال، تعيش على أقل من ثمانية دولارات في اليوم، وتقول بأن الكهرباء تأتي بتذبذب كبير، وأن ابنتها تعاني من كسر في ساقها يضطرها لشراء الوقود لتشغيل مولد الطاقة الاحتياطي الذي ابتاعته. وهذا البديل يكلفها خمسة دولارات يومياً، أي أكثر من نصف دخلها. وتعيش سليمة وأطفالها الأربعة منذ عدة سنوات على هذا الحال.
أما صباح حسن فتبلغ من العمر السادسة والستين، وتشير إلى أن مولد الطاقة الاحتياطي لديها عادة ما يتوقف عن العمل عند ارتفاع درجات الحرارة إلى خمسين درجة مئوية، وهو ما يحصل عادة في الصيف. وتشرح صباح قائلة: "يمكنك أن تنسى تخزين المواد الغذائية في الثلاجة، فإذا ما جمعنا كل الأوقات التي نحصل فيها على الكهرباء، فإنها لن تتجاوز الساعتين يومياً. ماذا يجلب هذا لنا؟ حوالي عشرة منازل مجاورة لنا لا تحصل على الكهرباء إطلاقاً".
مافيا التيار الكهربائي
في العاصمة العراقية بغداد، والتي يتوفر فيها التيار الكهربائي لمدة تتراوح بين الساعة والخمس ساعات يومياً، فإن فصل الصيف يعتبر جنة لمافيا التيار الكهربائي، إذ يقتحم هؤلاء اللصوص محولات الكهرباء الحكومية لتحويل التيار وبيعه للمنازل بأسعار باهظة، وهو ما يعتبره البغداديون ابتزازاً في وضح النهار. إلا أنهم مجبرون على هذا البديل، وخصوصاً من لديهم أطفال أو مرضى في منازلهم لا يطيقون تحمل الحر الشديد.
أما من يرغب في شراء مولد كهرباء يعمل بالوقود فإن عليه التخلي عن ثلث دخله اليومي من أجل شرائه ودفع تكاليف الوقود اللازم لتشغيله، وكل ذلك من أجل الحصول على ساعتين أو ثلاث من الكهرباء لتشغيل جهاز التكييف أو الإضاءة.
لا تغيير منذ سنوات
من جهة أخرى ينتقد المواطن سليم عماد الوضع السياسي في العراق، وخصوصاً في أعقاب استقالة وزير الكهرباء العراقي من منصبه على خلفية اختفاء مليارات الدولارات، كانت مخصصة لتوسيع شبكة الكهرباء الوطنية المهترئة وتحديثها. ويعتبر عماد هذه الاستقالة خطوة سياسية لا معنى لها في ظل عدم قدرة محطات الطاقة على تغطية احتياجات الكهرباء في البلاد، أو في ظل عدم تمكن المستشفيات على الحفاظ على أجهزتها الحيوية دون مولدات الطاقة الاحتياطية، ومن أن المرضى مضطرون للنوم في العراء في أيام الصيف الحارة. ويضيف سليم عماد أن الخوف من الهجمات الإرهابية يتراجع في هذه الظروف لصالح السخط على الوضع الحالي.
هذا ولا يزال السياسيون العراقيون منشغلين بتشكيل الحكومة الجديدة، فرئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، والذي يخوض معركة سياسية مع خصومه في المعارضة حول التشكيلة الحكومية منذ أربعة شهور، يطالب الشعب العراقي بالصبر – بعد سبع سنوات من سقوط نظام صدام حسين وعشرين عاماً من الحرب والدمار والحصار الدولي والتخريب المتعمد.
من ناحيته يقول عامل البناء مهدي أن الوضع في العراق لن يتغير، وأن بقاء الوضع المزري على ما هو عليه قد يدفع بالعراقيين إلى الثورة يوماً ما، ففي المظاهرات الأخيرة ضد الوضع الحالي وقع عدد من القتلى. أما الحارس زاموراي فيتمنى مغادرة العراق إلى دولة أخرى، معتبراً أن الحكومة الحالية "لا تقوم بأي شيء على الإطلاق منذ سنوات، فأبسط الأشياء مثل الكهرباء والماء والأمن ليست متوفرة".
ولا يبقى للعراقيين في وضعهم اليوم عزاء إلا في بطولة كأس العالم لكرة القدم، والتي – إن توفر مولد احتياطي للكهرباء – توفر لهم ساعتين في اليوم ينسون فيها حر الصيف الذي لا يطاق، وأعباء العمل، وانقطاع الكهرباء المستمر.
الكاتب: أولريش لايدهولدت/ ياسر أبو معيلق
مراجعة: عماد مبارك غانم