العراق - استمرار هجرة المسيحيين من الموصل
١٩ يوليو ٢٠١٤يعبر المواطن كوركيس عن حنينه للعراق القديم، ويقول في حديث مع DW /عربية: " ليس هذا أول عام أبقى فيه بدون إفطار عند صديق الطفولة أحمد، الذي لا أعلم عنه شيئا منذ دخول مسلحين إلى منطقتنا. فهو لم يتصل بي كعادته ليدعوني إلى طعام الإفطار عنده خلال رمضان. حاولت الاتصال به مراراً غير أن هاتفه مقفل، أتمنى أن يكون بخير".
وأضاف كوركيس: إن "تاريخ نزوح العوائل المسيحية في الموصل، ليس وليد الأحداث الأخيرة، بل يعود الى بداية الحرب على العراق عام 2003، حيث عاشت الموصل منذ ذلك الوقت أوضاعاً مزرية، تجلت في طرد المسيحيين واستخدام العنف ضدهم ما أرغمهم على الرحيل بأمتعتهم إلى المجهول"، وقال بأنه منذ ذلك الحين لزمه مغادرة الموصل مع عالته ثلاث مرات.
أما سائق السيارة فادي عمار (35 عاماً) فيقول "لا نعرف ماذا حدث ، كان لدينا شعور بالفجع بعد هرب الجيش والشرطة، وقد قام جيراني المسلمون بمساعدة عائلتي وأسكنوها عندهم، وفي صباح اليوم التالي أخذت ما خف من أمتعتي و وانتقلت لإقليم كردستان، وتركت أثاث بيتي عند الجيران، الذين مازالوا يتصلون بي للإطمنان".
تستمر العوائل المسيحية العراقية التي كانت تعيش في الموصل في النزوح إلى البلدات والمناطق المسيحية المجاورة الآمنة، هرباً مما حدث أخيرا في العراق، خصوصا بعد إستيلاء الجماعات المتطرفة التي تعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على الموصل.
البيشمركة الكردية والمخاوف
من جهتها كثفت البيشمركة (قوات عسكرية كردية) من تواجدها في المناطق والقرى المتاخمة لمدينة الموصل وبسطت سيطرتها على قضاء سنجار وتلكيف والحمدانية والشيخان التي يسكنها المسيحيون والايزيديون والشبك بعد انسحاب الجيش العراقي من مدينة الموصل. ويلاحظ الشاب يوسف (32 عاماً) أحد سكان ألقوش (40 كم شمالي الموصل) أن مجيء القوات الكردية أدخل بعضا من الطمأنينة في النفوس. وأضاف أن القرى المسيحية المتاخمة للموصل ما زالت تشعر بالقلق من اقتراب التنظيم الإسلامي المتشدد إليها". وأكد أحد ضباط البيشمركة إن "القوات الكردية ستبقى في مواقعها ولن تسمح لمسلحي داعش بمداهمة القرى والمناطق التي يعيش فيها المسيحيون والآيزيديون والشبك".
فرض الجزية
الأرملة أم إيناس في الأربعين من العمر قالت في حديث لها مع DW /عربية: "هربنا خوفاً من البطش. إنهم يعدوننا بالآمان في كل مرة وبعدها يقتلون أبناءنا، دفعنا ثمنا كبيرا قبل أربع سنوات عندما تم اغتيال زوجي"، وذكرت أن المسيحيين لم يتعرضوا في الأيام الأولى من الهجوم لأي أذى، وأنها كانت شاهدة على زيارة عناصر ومسلحي (داعش) إلى الكنيسة، وتم ابلاغ الحاضرين بإن المسيحيين لن يتعرضوا لأي أذى، ولكن "تم تكسير بعض تماثيل الرموز المسيحية أمام وفوق الكنائس"، كما أكدت أم إيناس حادثة اختطاف راهبتين مع شاب في ال15 من العمر ولازال مصيرهم مجهولا.
وعن فرض الجزية على المسيحيين في الموصل، ذكرت أم إيناس أنها لم تشاهد حوادث بهذا الشأن، ولم يطلب منها ذلك، غير أنها استدركت أن سكان الموصل بكل طوائفهم يدفعون منذ أعوام أموالا وأتاوات للجماعات المسلحة.
ممتلكات المسيحيين
واشتكت أم جورج من قيام تنظيم "داعش" بمنع ببيع منازل في ملك المسيحيين وعدم التداول بها في مكاتب العقارات ، حيث تم تحذير أصحاب مكاتب العقارات من التداول بها. وبهذا القرار انخفضت قيمة بيتها في سوق العقار الى الربع خصوصا وأن البيت مسجل في دار تسجيل العقار باسم مالكه المسيحي . وأشارت أم جورج أنها حاولت بيع منزلها لشراء بيت آخر في بلدة برطلة القريبة من أربيل، لكن عملية البيع تتوقف بعد معرفة أسم الزبون وصاحب المكتب والخلفية المسيحية لمالك البيت. وخلصت قائلة " لقد هرب العشرات من المسيحيين من قريتنا، بعضهم سافر إلى تركيا بانتظار الهجرة إلى إحدى الدول الأوربية ، لأنهم يئسوا من إمكانية العيش هنا وسط المخاوف التي تلاحقهم منذ سنوات".