الغضب من "براءة مبارك" - هل يوحِد الإخوان والليبراليين؟
٢ ديسمبر ٢٠١٤لا تزال أجواء ردود الأفعال الغاضبة على الحكم ببراء مبارك ونجليه ووزير داخليته ومعاونيه من تهم قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير، متواصلة في الشارع المصري، لا سيما في الجامعات المصرية.
يأتى ذلك بالتزامن مع اعتزام أحزاب سياسية ملاحقة مبارك ورموز نظامه، فيما طالب البعض السيسي بإعادة محاكمة مبارك سياسيا، فيما وصف حمدين صباحي الحكم "بأنه يوم أسود في تاريخ مصر".
وأعلن حزب الدستور، فى بيان له أمس الأول، أنه سوف يبدأ سلسلة من الاتصالات مع مختلف القوى السياسية والحزبية، والاتصال بعدد من الخبراء القانونيين، لبحث السبل اللازمة لملاحقة مبارك ورموز نظامه سياسيا، مشيرا إلى أن مبارك ونجليه ووزير داخليته، لم يكن يتعين محاكمتهم أمام محاكم جنائية عادية.
فعاليات ثورية.. على من تؤثر؟
وفيما يخص التظاهرات على الأرض، يقول عماد عبد الحميد مسئول الطلاب في حركة 6 أبريل لـDW: "ائتلاف طلاب مصر الذي يشمل حركات 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين والتيار الشعبي وطلاب أحزاب الدستور ومصر القوية، تنظم فعاليات ثورية طوال هذا الأسبوع تنديدا بالحكم الصدار بالبراءة لمبارك".
وأطلقت حركة شباب 6 إبريل عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك مساء الإثنين، دعوة للنزول لعبد المنعم رياض عصر الجمعة المقبل، تحت شعار "العودة للميدان تبدأ الآن" و"حق الشهيد".
أما أحد القيادات الشابة في جماعة الإخوان،رافضا ذكر اسمه بناءا على طلبه، فيرى أن هناك "تصعيد شعبي ضد هذه الأحكام ولن يمر مرور الكرام"، مشيرا إلى أنه على مستوى شباب الاخوان فيعتقد أن "هذه الأحكام أعطتهم دفعة لمزيد من الحراك خصوصا وأنها دعمت موقفهم الرافض للسلطة الحالية".
ودعا "التحالف الوطني لدعم الشرعية" ما وصفهم بـ"جماهير الثورة" بتنظيم "مليونية غضب حاشدة الثلاثاء بكل ميادين التحرير ومواقع الثورة، من أجل حق الشهيد واستمرارا للرفض الشعبي لتبرئة المخلوع ومعاونيه ولتأكيد العهد على استكمال ثورة 25 يناير"، حسب بيان صدر أمس الاثنين.
إلا أن قوات الجيش والشرطة تغلق تماما ميدان التحرير كلما كانت هناك دعوة أو تحرك للتظاهر فيه، وتقوم بفض التظاهرات بالقوة، وهو ما أدى إلى مقتل اثنين في مظاهرات اندلعت في محيط الميدان مساء اليوم الذي صدر فيه حكم البراءة السبت الماضي.
في المقابل رأى الدكتور سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسي في جامعة كاليفورنيا ميرامار أن "بعض القوى السياسية تريد أن تستغل الحكم لإحداث حالة من الفوضى لكنها لن تستطيع فعل أي شيء، ولن تحدث ثورة ثالثة، لأن النظام الحالي أصبح مسيطرا، كما أن الشعب مل من الثورات، كما أن الإعلام الذي يسيطر عليه النظام شوه ثورة 25 يناير ورموزها".
رغم براءة مبارك.. الانقسام مستمر بين الإخوان والليبراليين
"الإخوان باعونا في محمد محمود"، و"القوى التي تسمي نفسها ثورية تحالفت مع العسكر في 30 يونيو"..هي جمل يمكن لأي متابع للوضع المصري أن يلاحظهما في سياق الاتهامات المتبادلة بين القوى الثورية الليبرالية وبين شباب جماعة الإخوان المسلمين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبالرغم من أن دعوات التوافق بين جماعة الإخوان والتوحد أو على الأقل تنسيق المواقف أمام النظام الحالي تشغل حيزا كبيرا من المناقشات، إلا أنه من الواضح أنها تزداد معها هوة الانقسام والفجوة الكبيرة بين الطرفين.
وأكد أحمد فهمى مدير المكتب الاعلامى لحركة شباب 6 أبريل "الجبهة الديمقراطية" "عدم التنسيق مع جماعة الاخوان المسلمين او أى تنظيمات أو تكتلات تتبعها بشأن أية تظاهرات تم الدعوه لها من قبل الإخوان خلال الأيام القادمه".
من جهته اعترف القيادي الإخواني الشاب، الذي يرفض ذكر اسمه بناءا على طلبه، لـDW بأن "الهوة مستمرة ولن يمكن التوافق في الوقت الحالي"، مضيفا أن التيارات الأخرى عدا الإسلاميين تواجه أزمة مصداقية بانتمائها للثورة بعدما تعاونوا مع السلطة العسكرية وتأييدهم انقلاب يوليو ٢٠١٣ ومساره السياسي وصمتهم على عمليات القمع والقتل للاسلاميين، حسب تعبيره .
ووصف سامح راشد الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ردود الأفعال على حكم براءة مبارك بـ"المتواضعة"، وأنها "أقل مما كان من المفترض أن يحدث ردا على هذا الحكم المهم".
وفي تحليله لتواضع ردود الأفعال قال "إنه حدثت حالة تبريد للحس الثوري والغضب الشعبي لدى المصريين تجاه نظام مبارك، وعلى مستوى القوى السياسية حدث تشكيك وانقسام جعل التوافق وتنسيق المواقف بشأن أي قضية أمر صعب على الأقل في الفترة الحالية، وبالتالي تراجع تحميل مبارك ونظامه المسئولية عما آلت إليه الأحوال في مصر خاصة بعد استحداث كوارث وتطورات لا تقع مسئوليتها ظاهريا على نظام مبارك".
هل ينجح السيسي في طمأنة المصريين؟
وبعد اندلاع عدد من المظاهرات الغاضبة في عدد من المحافظات بعد قرار المحكمة، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي بيانا نشرته الرئاسة مساء الأحد قال فيه إن "مصر الجديدة التي تمخضت عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو ماضية في طريقها نحو تأسيس دولة ديمقراطية حديثة قائمة على العدل والحرية والمساواة ومحاربة الفساد"، مشيرا إلى أن مصر "تتطلع نحو المستقبل ولا يمكن أن تعود أبدا للوراء".
ورأى الدكتور سعيد صادق أن بيان الرئاسة "محاولة لتهدئة الشارع"، مشيرا إلى أن السيسي "ظهر كأنه يريد أن يقول إن مبارك أصبح من الماض وانتهى وعلينا أن نفكر في المستقبل ونتطلع للأمام".
أما القيادي الشاب في جماعة الإخوان،رافضا ذكر اسمه بناءا على طلبه، يرى أن "السيسي منتم لمبارك ونظامه ويتعامل بوضوح ضد ثورة يناير بدليل أن رموز ثورة يناير إما معتقلين أو قتلى أو مطاردين أو لا يستطيعون التحدث خوفا من الاعتقال"، حسب كلامه.