الفضائيات اليمنية ـ نسمع جعجعة ولا نرى طحنا!
٢١ أكتوبر ٢٠١٠كانت ملكية الإعلام المرئي والمسموع في اليمن ومازالت حكرا على الحكومة وحدها لا ينافسها فيها أو يقض مضاجعها، سوى البث الأتي من خارج الحدود في زمن العولمة والفضاءات المفتوحة، بعد أن ظل المشاهد اليمني لعشرات السنين يتجرع إعلام رسمي رتيب وممل يلمع صورة الحاكم ويتغنى بـ"منجزاته" التي لا يلمسها المواطن في أرض الواقع. قبل قيام الوحدة اليمنية كانت هناك قناة تلفزيونية في الشطر الشمالي سابقا وأخرى في الجنوب.
وعلى مدى ستة عشر عاماً من التعددية السياسية في ظل الوحدة اليمنية ظل الإعلام المرئي في اليمن الموحد منحصر في تلك القناتين الحكوميتين، الأولى هي الفضائية اليمنية. أما الثانية فهي القناة الثانية (عدن)، التي كانت في بادئ الأمر قناة أرضية ومن ثم تحولت إلى قناة فضائية. وخلال السنوات الأربع الماضية ظهرت قنوات فضائية يمنية جديدة كقناتي ( سبأ)، و( اليمانية) الحكوميتين، وهناك قناة (سهيل) الحزبية و(العقيق) و(السعيدة) وهما قنوات خاصة. يذكر هنا أن القنوات غير الحكومية كلها مسجلة خارج اليمن كون القانون اليمني لا يسمح بإنشاء قنوات تلفزيونية غير حكومية. لكن على الرغم من ظهور مثل تلك القنوات الفضائية في اليمن إلا أنها لم تلب تطلعات وتوجهات المشاهد اليمني من خلال ما تقدمه من برامج سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية.
نقص في المهنية
لكن السؤال هو ما مدى تلبية هذه القنوات لحاجة المشاهد في اليمن ولماذا تحظى الفضائيات العربية التي تبث من خارج حدود البلاد بنسبة مشاهدة عالية؟ عن تلبية القنوات الفضائية اليمنية لحاجات المشاهد إعلامياً تقول أمل علي، طالبة في كلية التربية: "على الرغم من تعدد الفضائيات اليمنية إلا أن معظمها تغلب عليها السيطرة الحزبية، الأمر الذي أنعكس سلباً على ناتج تلك القنوات من برامج مختلفة، لا يخدم معظمها الجمهور المتلقي". وتضيف علي بالقول إن الإعلام المرئي اليمني لا يزال حتى اليوم بعيداً كل البعد عن المهنية. أما ياسين القليلصي فيرى أن الفضائيات اليمنية "تعمل على تضخيم الأحداث من اجل استفزاز الأطراف الأخرى"، مشيراً إلى تركيز بعض الفضائيات على الجوانب السلبية لليمن ونقلها بطريقة تشوه البلاد.
تعددية لا تلبي الاحتياجات
من جانبه يرى الدكتورعبد الحفيظ النهاري أن الفضائيات اليمنية غير الحكومية، التي تبث من الخارج دون ترخيص حكومي، إما أنها "تقتات" على المادة التي تنتجها القنوات الحكومية وتستخدم أرشيفها دون اعتبار لحقوق الملكية الفكرية فضلاً عن استحواذها على الإعلانات، أو حزبية وفردية تنتهج خطاب نقدي وديني حزبي أشبه بالمنشور الحزبي الداخلي. ويشير النهاري إلى قناة "عدن لايف"، التي تُبث من خارج اليمن بصورة متقطعة وتملكها أطراف معارضة، باعتبارها مثالاً للقنوات "التي تنمي نزعة الانفصال ( انفصال الجنوب عن الشمال) وتنمي الكراهية والعداوات بين أبناء المجتمع اليمني". ويضيف النهاري، وهو مدير الدارة الإعلامية في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، أن "التعدد القائم في الفضائيات، سواء كانت حزبية أو مستقلة، لا يلبي الاحتياجات لا من حيث المحتوى ولا من حيث التخصص، كما أنه لا يخدم الحاجة الاجتماعية بصورة متوازنة ولا يقدم بديلاً عن دور الإعلام الحكومي".
علاقة شراكة كبديل للمحاربة
لكن الدكتور محمد قيزان، مدير عم قناة سهيل، وهي قناة حزبية، يقول "إن الهدف من إنشاء القناة هي التعبير الموضوعي عن هموم ومعاناة المواطن اليمني وتطلعاته وتوجيه اهتمامات المجتمع نحو البناء والإنتاج والتنمية والاهتمام بالحقوق والحريات العامة". وأشار قيزان إلى أن أهم التحديات التي تواجه القناة تتمثل في عدم السماح لها بامتلاك جهاز بث أسوة بقنوات الإعلام الرسمي أو قناة السعيدة، إضافة على عدم منحهم ترخيص مزاولة المهنة من قبل وزارة الإعلام. ويرى قيزان أنه وعلى الرغم من المطالبة بأن تكون هناك علاقة شركة وتعاون عوضاً عن المحاربة والتضييق بين القنوات ألا أن هناك من لا يريد مثل تلك العلاقة.
فضائيات بتوجهات محلية
الدكتور عبد الرحمن الشامي، أستاذ الإعلام والاتصال المشارك في كلية الإعلام بجامعة صنعاء، يرى أنه "إذا لم يصاحب هذا التوجه الكمي للفضائيات اهتمام يوازيه على الصعيد النوعي من خلال الاهتمام بجودة المنتج الإعلامي، وإجادة صناعته، فإن العائد من هذه التعددية يغدو متواضعاً وقد يتلاشي كلية بفعل الزمن". وأشار الخبير اليمني إلى أن الحضور الإعلامي للقنوات الفضائية اليمنية في سماء الإعلام العربي والدولي متواضع. أما على الصعيد الداخلي فهناك حسب قوله، منافسة شديدة بين هذه القنوات للظفر بأكبر نسبة من المشاهدين.
"لن تكون نسخة مقلدة"
من جانبه أكد هاشم شرف الدين مدير قناة العقيق، وهي قناة خاصة، أن هدف القناة هو تعويض المشاهد اليمني عن النقص الكبير الذي يعتري عمل الفضائيات اليمنية. "وذلك من خلال إيجاد صورة تلفزيونية جديدة بالاعتماد على استقطاب المهنيين المحترفين سواء من الداخل أو من الخارج أو من خلال الإنفاق الضخم على الإنتاج"، كما قال شرف الدين لدويتشه فيله. وأشار إلى أن القناة قد أخذت على عاتقها الاهتمام بقضايا هامة تمس اليمن من خلال تكثيف رسائلها الإعلامية الخاصة بنبذ العنف والإرهاب والتطرف، وأيضاً من خلال الترويج المستمر للسياحة في اليمن، موضحاً بأنها لن تكون نسخة مقلدة من القنوات اليمنية الأخرى.
فاطمة الأغبري ـ صنعاء
مراجعة: عبده جميل المخلافي