الفلسطينيون يتابعون المونديال على الجدار
٣ يوليو ٢٠١٤لم يجد جورج سالم، مكانا أفضل من مقهى ذه ستيك هاوس (The Steak House) ليدعو ضيفيه التشيليين منويلا ورودريغز، للسهر ومشاهدة مباريات كأس العالم. علما بان مدينته بيت لحم، تزخر بالمقاهي والساحات التي تعرض هذه المباريات. إلا أن لستيك هاوس نكهة أخرى، فشاشته هو جدار الفصل الذي بنته اسرائيل بين بيت لحم والقدس، ويقع داخل حدود المدينة مبقيا عشرات المنازل معزولة .
فكرة طفلة صغيرة
لسوء حظ جورج وضيفيه أن عدد رواد المقهى، الذي بات يدعى مقهى الجدار، لم يكن كبيرا تلك الليلة، لكن ذلك لم يمنعه من الاستمتاع، فهو والعشرات من الفلسطينيين دأبوا على مشاهدة المونديال في هذا المقهى دون غيره لأنه وحسب رأيه "يحمل معنى رمزيا كبيرا، ففي الوقت الذي ينتفح كل الناس على كل الناس في العالم عبر المباريات وغيرها، يفصل الجدار الجار عن الجار. أردنا إيصال رسالة للعالم مفادها أننا نستمتع بالمباريات ولكننا أيضا نعاني من الحصار.."
الفكرة جاءت من طفلة صغيرة، في الحادية عشرة من عمرها، كانت مع أهلها قبل أربع سنوات وهم يتناولون الطعام في شرفة المكان ورأت انعكاس نور النافذة على الجدار، فصرخت أمام أهلها بحضور صاحب المقهى قائلة بسرور واندهاش "كأنه تلفزيون ...". التقط صاحب المقهى الفكرة ونفذها لتشهد إقبالا كبيرا في السنوات الثلاث الأولى، أما في الرابعة فإن: "الاقبال ليس كبيرا هذه الأيام لتزامنه مع الحملة الاسرائيلية بعد عملية الاختطاف، فالناس يخافون اجتياحات الجيش ويعودون مبكرين إلى بيوتهم، لكن هذه الحملة ستنتهي وعندها سيعود الوضع جيدا.." قال صاحب المقهى جوزيف حزبون، آملا في عودة الأمور إلى طبيعتها بعد انتهاء الحملة الامنية.
البحث عن نصر ولو كروي
المقاهي في الاراضي الفلسطينية استفادت كثيرا من تمكن قناة الجزيرة الرياضية (beinsport) من منع سرقة بثها، كما هو الحال قبل كأس العالم، ما دفع هواة هذا النوع من الرياضة إلى ارتياد المقاهي، في حين اكتفى آخرون بمشاهدة المباريات عبر محطات التلفزة الأرضية المحلية التي تبث كل المباريات دون حق. خدعة تدركها الجزيرة إلا انها تتجاهلها ربما، تعاطفا مع الفلسطينيين.
ازدهار المقاهي دفع إلى فتح المزيد منها، حيث تغص في المباريات الهامة فلسطينيا، وخاصة متابعة الفريق الجزائري. يقول محمد الخليلي، أستاذ علم الاجتماع: "الفلسطينيون بل والعرب جميعا يبحثون عن انتصار، ولو كرويا، في ظل التراجع والفشل اللذين خلفهما الربيع العربي حتى الآن، وهذا ما يفسر الاقبال الكبير على متابعة مباريات الفريق الجزائري.." ويضيف أن ارتياد المقاهي يأخذ معنى آخر بمشاهدة ومتابعة مباراة كرة قدم، التي تشد الجميع.
وقد كان لافتا حضور شخصيات فلسطينية قيادية في بعض المقاهي، ومن بينها مسؤول الرياضة في فلسطين اللواء جبريل الرجوب، ما يعكس اهتماما أكبر بالرياضة في الأراضي الفلسطينية.