1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

القواعد الروسية في سوريا.. مصير مجهول عقب سقوط نظام الأسد

١٦ ديسمبر ٢٠٢٤

البقاء أم الرحيل؟ تحاول روسيا بعد انتصار المعارضين الإسلامويين في سوريا استطلاع مستقبل قواعدها العسكرية هناك، وبالذات القاعدة البحرية في طرطوس ذات الأهمية الكبيرة لروسيا. فهل تتحالف السلطة الجديدة في سوريا مع موسكو؟

https://p.dw.com/p/4nzuM
 روسيا أيضًا كانت تحتاج المطار العسكري في حميميم من أجل دعم الأسد ضد المسلحين. الصورة من عام 2016.
روسيا أيضًا كانت تحتاج المطار العسكري في حميميم من أجل دعم الأسد ضد المسلحين. الصورة من عام 2016.صورة من: picture alliance/dpa/Russian Defence Ministry

هل ستخسر روسيا قاعدتيها العسكريتين في سوريا بعد انتصار المعارضين الإسلامويين هناك وهروب الرئيس بشار الأسد؟. هذا السؤال مفتوح وربما لا يلوح أي قرار روسي سريع في الأفق. فقد قال يوم الاثنين متحدث الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إنَّ الحديث حول ذلك "سابق لأوانه". كما ذكرت وسائل إعلام روسية أنَّ الإسلامويين، الذين وصلوا إلى السلطة في سوريا بقيادة جماعة "هيئة تحرير الشام"، أكدوا لموسكو ضمان أمن قواعدها العسكرية.

ومع أنَّ الحقائق تشير أكثر إلى ذلك، ولكن لا توجد أية تأكيدات من مصادر أخرى.

وروسيا لديها قاعدتان عسكريتان في سوريا - قاعدة بحرية في مدينة طرطوس على البحر الأبيض المتوسط ورثتها من الاتحاد السوفيتي، ومنذ عام 2015 قاعدتها الجوية العسكرية في حميميم.

"يمكن حتى الآن رؤية نشاط طائرات نقل روسية في حميميم، ولكن ليس بالحجم الذي يمكن فيه الحديث عن إجلاء كامل"، كما يقول غوستاف غريسيل، وهو خبير سابق في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR). وصحيح أنَّ السفن الروسية تقوم بـ"مناورات" في البحر الأبيض المتوسط، ولكنها غير بعيدة عن طرطوس، كما ذكر غوستاف غريسيل لـDW: "أعتقد أنَّ روسيا تتفاوض خلف الكواليس من أجل الاحتفاظ بقواعدها في  سوريا. ولو أنَّ الروس تخلوا عن قواعدهم، فستجري في الواقع عملية إجلاء".

أهمية القواعد الروسية في سوريا

ويعتقد المؤرخ العسكري النمساوي العقيد ماركوس رايزنر أنَّ القاعدة البحرية في طرطوس هي "الأهم استراتيجيًا" بالنسبة لروسيا لأنَّها تستطيع "من هناك نشر قوات في البحر الأبيض المتوسط". ويضيف أنَّ القاعدة الجوية في حميميم كانت ضرورية بالنسبة لموسكو من أجل دعم نظام الأسد ضد المسلحين، "لكن ذلك انتهى"، كما يلاحظ ماركوس رايزنر.

الطراد الصاروخي الروسي "موسكفا" قبالة ساحل طرطوس في عام 2015، غرق لاحقًا في الحرب الأوكرانية.
الطراد الصاروخي الروسي "موسكفا" قبالة ساحل طرطوس في عام 2015، غرق لاحقًا في الحرب الأوكرانية.صورة من: Zhang Jiye/Xinhua/IMAGO

ومن جانبه يرى الخبير السياسي البريطاني مارك غاليوتي، ومؤلف كتاب "حروب بوتين"، أنَّ القاعدتين "مهمتان للغاية للأنشطة الروسية في البحر الأبيض المتوسط ​​وإفريقيا". ويقول: "من المثير للاهتمام كيف حاولوا (الروس) بسرعة التوصل إلى اتفاق مع هيئة تحرير الشام".

قبل فترة قصيرة فقط كان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يصف هذه الجماعة بأنَّها "إرهابية". ولكن موسكو بدأت تطلق عليها منذ نهاية الأسبوع الماضي اسم "معارضين". وحتى قبل سقوط  نظام بشار الأسد، باتت لهجة موسكو تجاه الإسلامويين في سوريا "مهذبة أكثر"، كما يقول مارك غاليوتي.

ما الذي تستطيع موسكو تقديمه للمعارضين؟

"على الأرجح أنَّ روسيا تأمل في التوصل إلى اتفاق مع هيئة تحرير الشام"، كما يقول مارك غاليوتي. ولكن ما الذي تستطيع موسكو تقديمه؟. وبحسب تقييمه فإنَّ المعارضين مدعومون في الواقع من تركيا، ولكنهم "لا يريدون أن يكونوا بمثابة وكيل لتركيا؛ فهم بحاجة إلى حلفاء وعلاقات". وهنا يأتي دور روسيا. "الروس بطبعهم ساخرون وعمليون جدًا، وهذا قد يمنح هيئة تحرير الشام فرصة لتنويع اعتمادها على أنقرة"، كما يعتقد الخبير البريطاني مارك غاليوتي. ويشير ضمن هذا السياق إلى أنَّ موسكو وجودها في سوريا ليس عسكريًا فقط، بل لديها أيضًا علاقات اقتصادية وثيقة.

أما بوركو أوزجيليك، وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط بمركز الأبحاث البريطاني "المعهد الملكي للخدمات المتحدة" (RUSI)، فهو غير مقتنع بأنَّ المعارضين السوريين سيلبون بسرعة رغبات موسكو. ويقول: "من المشكوك فيه أن تسارع هيئة تحرير الشام إلى الظهور كحليف (للرئيس فلاديمير) بوتين وإعطاء الضوء الأخضر لوجود عسكري روسي طويل الأمد على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​السوري. لأنَّ الأسد حصل على حق اللجوء في روسيا". ويتوقع بوركو أوزجيليك مفاوضات طويلة يحاول فيها اللاعبان الإقليميان، روسيا وإيران، "تعديل سياستهما الخارجية تجاه  سوريا".

إلى أين تنسحب القوات الروسية؟

وإذا اضطرت القوات الروسية إلى الانسحاب من سوريا، وحتى لو على مراحل، فإلى أين سينسحب؟. "لا يوجد لدى الروس خيارات جيدة"، كما يعتقد مارك غاليوتي. وبحسب رأيه فقد كانت سوريا في عهد الأسد تعتمد بشدة على موسكو. ولا توجد دولة أخرى مثلها في المنطقة.

وتعد  ليبيا من بين الخيارات الممكنة، التي كثيرًا ما يتم ذكرها، حيث تقيم روسيا اتصالات مع الجنرال خليفة حفتر، الذي قاتل إلى جانبه مرتزقة روس من مجموعة "فاغنر". ويدور الحديث في الصحافة الغربية حول نية روسيا إنشاء قاعدة بحرية في ليبيا. وقد تكون في طبرق، كما يفترض ماركوس رايزنر.

ويعتقد مارك غاليوتي أنَّ هذا الخيار لا يمكن تحقيقه بسرعة بسبب عدم وجود بنية تحتية جاهزة هناك. ويضيف أنَّ هذا ينطبق على السودان، الذي تتفاوض موسكو مع حكومته منذ سنين حول إنشائها قاعدة بحرية على البحر الأحمر. "لا يهم إلى أين يذهب الروس - إلى ليبيا، مالي، السودان - فلن يجدوا موقعًا مثل سوريا".

الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (على اليسار) اعتمد لفترة طويلة على بوتين.
الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (على اليسار) اعتمد لفترة طويلة على بوتين.صورة من: Kremlin Press Office/Anadolu/picture alliance

آثار محدودة للحرب الأوكرانية

وضمن هذا السياق، يطرح سؤال آخر: عندما تسحب روسيا قواتها العسكرية من سوريا، فماذا يعني ذلك بالنسبة للحرب الروسية ضد أوكرانيا؟. وحول ذلك يقول مارك غاليوتي: "إذا أردنا الصدق، فيمكننا تجاهل الآثار". وبحسب قوله فإنَّ عدد القوات التي تستطيع موسكو نقلها من سوريا إلى الجبهة الأوكرانية ضئيل ولا يستحق الذكر.

ويوافقه في هذا الرأي الخبير غوستاف غريسيل، مشيرًا إلى أنَّ: "الأخبار الجيدة (من سوريا) محدودة بالنسبة لأوكرانيا". ويضيف أنَّ روسيا لا تملك القدرة والرغبة لفتح جبهة ثانية بينما تخوض بكل الوسائل حربًا مع أوكرانيا. كما أنَّ "أوكرانيا لن تستفيد بشكل ملحوظ من إضعاف إسرائيل لإيران"، كما يعتقد الخبير غوستاف غريسيل.

أعده للعربية: رائد الباش