اللبنانيون ملّوا من "فيسبوك" فلجأوا الى الـ "واتس آب"
٣ أكتوبر ٢٠١٢في ذروة التطور التكنولوجي يتفاعل اللبنانيون كما معظم شعوب العالم مع كل ما هو جديد من انجازات ثورة الاتصالات، ولعلهم من المنخرطين بقوة في استخدام صفحات التواصل الاجتماعي، التي كان لها الدور الأهم في صنع تحولات سياسية في الوطن العربي. لكن الملل من الرتابة والبحث عن الجديد إضافة الى أسباب أخرى عديدة دفعت بشريحة واسعة من اللبنانيين الى هجرة صفحات التواصل الاجتماعي كلياً أو جزئياً خصوصاً "Facebook" لمصلحة العمل بتطبيقات الهواتف الذكية، لا سيما خدمة WhatsApp شبه المجانية.
ففي رأي المهندس المعماري عمر عطوي، أن "برنامج WhatsApp يؤمّن التواصل بشكل دائم وسريع وسهل من دون الحاجة لأي مقدمات، لكن المُحرج فيه عدم قدرة المُستخدم على الاختباء عن الآخرين".
أما عن سبب عدم استخدامه "Facebook"، فيوضح عطوي لـ DW عربية أن هذا الموقع "موضوع يتدخل في خصوصية الشخص.. أنا لست بالشخص المحب له ولا أشجّع عليه، لأن مشاكله أكثر من فوائده. يعني من الناحية الأمنيه العامه أنت مُراقب ومن الناحية الاجتماعية أنت أيضاً وصورك وكل همساتك ومواقفك وتحركاتك تحت أعين جميع من أضفتهم وسمحت لهم بالتواصل معك في هذه الصفحات". لكن ثمة أمر ايجابي يراه عمر، "بحكم عملي كمهندس مهماري وتصميم داخلي فانه يسمح لي بانشاء صفحة مجانية لنشر جميع أعمالي الهندسية".
"أصر على رجعيتي"
الصحافي إرنست خوري لا يزال يرفض فتح صفحة على Facebook مبرراً ذلك بالقول لـ DW عربية، "اعترف بأنّ سلوكي في رفض استخدام "الفايسبوك" وأخواته من وسائل التواصل الالكتروني "الاجتماعية"، "رجعي" بالفعل من ناحية أنّ هذه الأدوات باتت اليوم روح عصرنا، وبالتالي كل مَن يرفض التكيف معها سيصبح "متخلفاً"، تماماً مثلما كان حال مَن يرفض استخدام الهاتف المحمول والكومبيوتر قبل سنوات أو عقود. أعترف بذلك، لكنني رغم ذلك أصرّ على "رجعيتي" لأنني أرى أن هذه الصفحات تقتل التواصل الاجتماعي الحقيقي، أعني ذلك التواصل البشري وليس الافتراضي. بكلام آخر، عندما أشتاق لرؤية صديق مثلاً، لا زلتُ مصرّاً على زيارته أو دعوته لرؤيته والنظر إلى عيونه عندما يحدثني لكي أظل أحسّ بشيء من المشاعر الانسانية. وذلك لا يحصل عبر الفايسبوك الذي لا يترك حاجة لأن يتواصل الناس بشكل حقيقي".
ثمة استثناءات لاستخدام صفحات التواصل يوضحها خوري بقوله: "أفهم حاجة الأقارب وأبناء العائلة الواحدة للتواصل، خصوصاً إذا كان هناك بعض منهم مسافراً. هنا أدرك تماماً الفوائد الأكثر من عظيمة لوسائل التواصل الاجتماعي، لذلك أعرف أنني أدفع ثمناً كبيراً من خلال تفويت هذه الفوائد على نفسي، في مقابل المحافظة على ما تبقّى من مشاعر بشرية حقيقية وليس افتراضية "انترنتية"".
أما بالنسبة لـ "الواتس أب"، فيشير خوري الى انه يستعمله من حين إلى آخر، "وذلك لسبب بسيط هو توفير تكلفة الاتصالات الهاتفية"، لافتاً أيضاً الى أن استخدامه لهذه الخدمة ضئيل بحكم أن المكالمة الصوتية أفضل من الكتابة الميكانيكية".
"عالم قائم بذاته"
من جهته، لا يرى محمد دبوق (تقني كمبيوتر) أي مجال للمقارنة بين صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل التواصل عبر الهاتف، موضحاً لـDW عربية "أن الأخير عالم قائم بحد ذاته لكن يفضله الكثير من الناس لسهولة استعماله في أي مكان على عكس الفيسبوك وتويتر".وفي نظر دبوق أن هذه الصفحات رغم كل ما تحاوله من تجديد وتحديث في برامجها لم تصل الى مستوى طموح المستخدم الذي مل منها ولجأ الى وسائل أخرى أسهل وأسرع مثل "واتس أب".
يضيف دبوق أن ثمة وسيلتين للانترنت في لبنان يمكن الاتصال من خلالهما هما wifi و 3G ، معتقداً بحكم خبرته في هذا المجال أن 90 في المئة ممن يشتركون في خدمة 3G لديهم برنامج «واتس أب» في أجهزتهم الخلوية.
أما الصحافية نادين كنعان، فتتمنى من ناحيتها لو توفرت لها خدمة الانترنت بشكل دائم في هاتفها لتقلع عن صفحات التواصل الاجتماعي كلياً. تقول لـ DW عربية "أفضل العمل بتطبيقات الهواتف خصوصاً المحادثات عبر «واتس أب» لو توفر لي اشتراك انترنت بشكل دائم".
والسبب في رأيها أن «الواتس أب» يسهّل لها التواصل مع أناس يمكن ألا يتواجدوا دائماً على الشبكة العنكبوتية، لذلك «هو أفضل لتيسير الأمور اليومية الآنية. في النتيجة لا خدمة تحل محل الأخرى، لكل منها خصوصيتها ومجال عملها».
بدورها تبرر الطالبة بتول المصري عدم اهتمامها بصفحات التواصل الاجتماعي، بالملل منها وبالبحث عن طريقة أسرع وأسهل للتواصل، وهو ما وجدته في تطبيقات الهواتف الذكية التي تؤمن لها التواصل مع جميع أصدقائها بكلفة أقل من الانترنت في المنزل، وبشكل دائم.
لكن المصري تؤكد من ناحية ثانية أن "كل وسائل التواصل بالنتيجة مثل سيف ذو حديّن، يمكن استخدامها بما يفيد ويمكن استخدامها بما يضر وبما يضّيع الوقت".
كذلك هي فاطمة محي الدين (ربة منزل)، التي هجرت "الفايس بوك" كلياً، تقول لـ "DW عربية "أقفلت حسابي في الفايس بوك لأني شعرت أن الوقت يذهب سُدىً ويتحول العمل في هذه الصفحات الى ما يُشبه الإدمان، إضافة الى موضوع الخصوصية حيث تصبح حياة المشترك في الصفحات الاجتماعية مكشوفة أمام جميع الأصدقاء. أما WhatsApp فيمكن أن يحدد من خلاله الانسان مع من يتبادل الأحاديث ويحصرها بمجموعة معينة.