اللجوء في زمن الكورونا..أوروبا إزاء موجة جديدة
٢ مارس ٢٠٢٠"الأوضاع هنا كارثية وخارجة عن السيطرة"، هكذا تقول لاجئة سورية "عالقة" على الحدود بين تركيا واليونان مع آلاف اللاجئين الآخرين، الذين يحاولون منذ أيام تحقيق حلمهم في الوصول إلى "الفردوس الأوروبي" عبر اليونان.
وتضيف اللاجئة في فيديو نشرته على فيسبوك: "قبل أن نتوجه إلى الحدود أخبرونا (في تركيا) بأن هناك منظمات ستساعدنا، خصوصاً مع وجود مخاوف من احتمال انتشار كورونا، لكن لا نرى أي منظمات أو استعدادات، فلا كمامات ولا مواد معقمة"، وتضيف: "الناس لا تدري ماذا ستفعل. لا نستطيع أن نعود ولا نستطيع أن نكمل طريقنا".
بين تركيا واليونان
ورغم أن تركيا "اتخذت سلسلة تدابير مختلفة عند المنافذ الحدودية للحيلولة دون دخول فيروس كورونا للبلاد"، كما نشرت وكالة الأناضول الرسمية، إلا أن التدابير التي ذكرتها الوكالة اقتصرت على المنافذ الحدودية بين إيران والعراق بشكل خاص، ولم تذكر فيما إذا كانت تركيا قد اتخذت تدابير وقائية لحماية المهاجرين الذين دفعتهم إلى أوروبا أيضاً.
وفي وقت يتجمع فيه آلاف المهاجرين على الحدود التركية اليونانية، أعلنت السلطات اليونانية تشديد التدابير على الحدود بالإضافة إلى إيقاف استقبال طلبات اللجوء الجديدة لمدة شهر، في محاولة لردع موجة لجوء محتملة.
وأكدت الحكومة اليونانية أن تشديد التدابير على الحدود يأتي أيضاً للحيلولة دون وصول فيروس كورونا إلى جزرها في بحر إيجه، حيث يعيش آلاف اللاجئين في ظروف بائسة. وسجلت اليونان حتى الآن 7 حالات إصابة بالفيروس.
ويرى رشيد علي، المختص بشؤون الهجرة في اليونان، أن موضوع التعامل مع كورونا في اليونان وخصوصاً فيما يتعلق بتأثيره على اللاجئين "له طابع خفيف مقارنة بدول أخرى"، ويضيف في حديث لـDWعربية: "بالنسبة لإجراءات الوقاية من كورونا، لا يوجد –حتى الآن- ما يفرق اللاجئين عن باقي الوافدين إلى الأراضي اليونانية، حيث يتم إجراء فحوصات للكشف عن فيروس كورونا في جميع المعابر الحدودية".
أما بالنسبة للمهاجرين المتجمعين على الحدود التركية اليونانية، فإن السلطات اليونانية تقوم بإعادة من يدخل منهم إلى تركيا مباشرة، كما يوضح علي، ويضيف: "يتم استخدام الإجراءات الردعية أيضاً لإجباره على الرحيل، قد تصل إلى حد استخدام العنف".
إغلاق الحدود بحجة كورونا
وأغلقت المجر حدودها بوجه اللاجئين تماماً وأعلنت أنها "لن تسمح بمرور أحد"، مبررة ذلك بالتخوف من تفشي فيروس كورونا. وأعلن غيورغي باكوندي، مستشار رئيس الوزراء المجري أنه تبيّن "وجود رابط بين فيروس كورونا والمهاجرين غير النظاميين"، وأضاف أن غالبية المهاجرين إلى أوروبا هم من الأفغان والفلسطينيين والإيرانيين، وليس من السوريين، وقد يكون كثر من بينهم عبروا إيران، التي تعد بؤرة للفيروس.
ويرى كريم الواسطي، الخبير بشؤون الهجرة واللجوء، أن ربط بعض الدول الأوروبية، مثل المجر، مسألة استقبال المهاجرين واللاجئين بفيروس كورونا هو "ركوب موجة جديدة"، ويضيف في حوار مع DWعربية: "يريدون نشر الخوف من المهاجرين لتوفير ذرائع للرفض المجتمعي لهم ولإيجاد أرضية لقوانين أشد صرامة".
ويستشهد الخبير بأن المجر كانت -حتى قبل أن تعلن عن إغلاق الحدود- تحجز المهاجرين في مناطق عبور تضم محميات بنيت عند الحدود مع صربيا، ولا تمنح اللجوء إلى نادراً.
ويؤكد الواسطي أنه لا يقلل من أهمية الإجراءات التي يتم اتخاذها لمنع انتشار فيروس كورونا، لكنه يشدد على ضرورة "عدم التمييز بين اللاجئين والوافدين الآخرين فيما يتعلق بإجراءات الوقاية".
ألمانيا تستعد
ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها ألمانيا بهذا الصدد العمل على إجراء فحوصات الكشف عن فيروس كورونا لطالبي اللجوء الجدد، كما كشف وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر، مضيفاً أن نحو 10 آلاف مهاجر يصلون إلى ألمانيا شهرياً من دول مثل إيران وأفغانستان وباكستان والعراق، ومشيراً إلى احتمال أن يكونوا حاملين للفيروس.
ومن الاحتياطات الأخرى التي اتخذتها ألمانيا هي دراسة إمكانية عزل طالبي اللجوء عندما تزداد أعداد المصابين بالفيروس، بالإضافة إلى تغيير آلية توزيع اللاجئين المصابين بكورونا على الولايات الاتحادية.
أما بالنسبة لإيطاليا التي تعاني من انتشار كورونا فيها، فقد بدأت باتخاذ خطوات عملية للحد من انتشار الفيروس من قبل المهاجرين، وذلك بوضع المهاجرين الذين تم إنقاذهم من البحر في الحجر الصحي. ويرى كريم الواسطي أن أوروبا قادرة على حل المشاكل عند توفر الإرادة السياسية لذلك، لكنه يحذر من استغلال دول أوروبية للكورونا لنشر الخوف تجاه المهاجرين، ويضيف: "يريدون استغلال شبح الكورونا لردع اللاجئين، من خلال الادعاء بأنهم يشكلون خطراً صحياً أيضاً".
وقد أكد عمدة برلين ميشائيل مولر أنهم على استعداد جيد لاستقبال اللاجئين في حال حصول موجة لجوء جديدة، وقال لصحيفة "برلينر تسايتونغ": "لقد تعلمنا من تجارب أزمة اللاجئين في 2015/2016 (...) وسنواصل مساعدة المحتاجين للحماية".
محيي الدين حسين