المؤتمر الأممي للبيئة في نيروبي يدق ناقوس الخطر
٨ نوفمبر ٢٠٠٦افتتح المؤتمر الدولي الثاني عشر حول المناخ الذي ينظم برعاية الأمم المتحدة في نيروبي بهدف تعزيز الجهود على الصعيد العالمي في مجال مكافحة ظاهرة ارتفاع حرارة الأرض. وأعلن نائب الرئيس الكيني مودي اووري خلال افتتاحه أعمال المؤتمر، الذي يعقد للمرة الأولى في إفريقيا، أن "التغيّر المناخي يبرز أكثر وأكثر كأحد أكبر المخاطر التي واجهتها البشرية حتى الآن". كما أشار المسئول الكيني إلى الخطر الذي تمثله هذه الظاهرة لسكان القارة الأفريقية المعرضة أكثر من سواها للتغير المناخي حيث قال: "اقتصاديات منطقة جنوب الصحراء هي الأكثر تأثرا بتغييرات المناخ العالمي". كما أوضح أن "أكثر من 70% من شعوبنا تقيم في المناطق الريفية وتعتمد في كسب قوتها على القطاع الزراعي، مشيرا إلى أن التغيير المناخي سيؤثر على اقتصادياتها". ويشارك حوالى ستة آلاف شخص يشاركون في فعاليات المؤتمر الذي يستمر حتى 17 تشرين الثاني/نوفمبر.
ويذكر أن آثار التغير المناخي تتجلى بارتفاع درجات الحرارة على الأرض، حيث توصل مئات العلماء إلى نتيجة مفادها أنه يتوقع ارتفاع درجات الحرارة على الأرض بمعدل 2,5 إلى 4 درجات مئوية حسب التغير المناخي المرتقب. وفي هذا الصدد يقول لباحث الألماني مارتن كلاوسن من معهد ماكس بلانك للأبحاث المناخية: "في حال تزايد نسبة الغازات المنبعثة سوف ترتفع الحرارة في ألمانيا بمعدل 3 درجات مئوية."
النتائج الكارثية لارتفاع درجة الحرارة
تبدو الدرجات الثلاثة غير ذي أهمية للوهلة الأولى، لكن النتائج المترتبة على ذلك وخيمة جداً ويمكن أن تكون كارثية بالنظر إلى آثارها البيئية والاقتصادية. فقد توقع الباحث الاقتصادي البريطاني نيكولاس شتيرن وقوع أزمة اجتماعية واقتصادية عالمية نتيجة التغير المناخي لكوكبنا. ولكن رغم ذلك مازال المجال متاحاً لتلافي النتائج الكارثية كما أوضح شتيرن قائلا:"يمكن أن نضمن النمو الاقتصادي وفي الوقت نفسه أن نحافظ على البيئة ويمكن أن نفتتح أسواقا جديدة ونحقق مئات الملايين من الأرباح. واقتصادياً يمكن القول بأن الحيطة تضمن لنا الأرباح وإن الاستمرار بهذا الشكل يعني الحد من النمو الاقتصادي."
يؤكد التقرير الأخير للأمم المتحدة حول البيئة أن الغازات المنبعثة في الدول الصناعية في تزايد مستمر نتيجة لتجاهل العمل باتفاقية كيوتو لحماية البيئة. وفي هذا السياق يقول السيد يوفو دي بوير رئيس سكرتارية البيئة لدى الأمم المتحدة عن أهداف مؤتمر نيروبي:"إن أحد أهم المواضيع التي سيناقشها المؤتمر هو السياسة المستقبلية لحماية البيئة. إن الدول المشاركة في قمة مونتريال قبل عام خطت خطوة كبيرة في اتجاه مكافحة التغير البيئي. إننا حقننا أمرين مهمين، الأول: المصادقة على اتفاقية كيوتو وسريان العمل بها والثاني الاتفاق على مناقشة اتفاقية جديدة بدءاً من عام 2012 بعد ان تكون اتفاقية كيوتو الحالية قد انتهى مفعولها."
المحافظة على البيئة مسؤولية عالمية
ولتحقيق نجاحات في مكافحة الاحتباس الحراري لا بد أيضا من التزام الدول الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا بالمشاركة في المحافظة على البيئة، خاصة وأن كمية إطلاقها للغازات الضارة بالبيئة تزداد بشكل كبير وسريع. كذلك فإن الدول النامية رغم أن حصتها من إطلاق الغازات أقل من الدول الأخرى مطالبة بإطلاق برامج المحافظة على البيئة والمشاركة في تطبيق الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. ولكن نظرة فاحصة إلى واقع الحال تشير إلى أن الدول النامية والدول الصاعدة تعتبر نفسها غير مسؤولة عن ذلك، بل تحمل الدول الصناعية مسؤولية هذه الكارثة البيئية. وفي هذا السياق دعا وزير البيئة الألماني سيغنار جابرييل إلى ضرورة الالتفات إلى مطالبات الدول النامية والفقيرة، حين عبر عن حالها بقوله: "ساعدونا لإيجاد استراتيجية لحماية شعوبنا."
وتعد آلية التطور النقي أهم وسيلة في إطار اتفاقية كيوتو لحماية البيئة، التي تتيح للدول الصناعية حسب المشروع الحالي الاستثمار في الدول النامية. ولكن هذا الأمر والالتزامات الأخرى لاتفاقية كيوتو التي تنتهي مدتها عام 2012 لا تكفي لحماية البيئة، وفقا لتأكيد وزير البيئة الألماني، الذي علّق قائلا: "على سبيل المثال حتى عام 2012 ألمانيا ملتزمة بتخفيض الغازات المنبعثة بنسبة 21%، ونستطيع تحقيق ذلك، ولكن هذا لا يكفي، حيث علينا بعد ذلك تحقيق نسبة تخفيض 30%، 40% وحتى أكثر."
دعوة عاجلة للتعاون الدولي
حسب العديد من الآراء ووجهات النظر فإنه يتوجب على الدول الصناعية أن تخفض نسبة الغازات المنبعثة لديها حتى منتصف هذا القرن بنسبة 80%، شريطة تحسن الأوضاع المعيشية في آسيا وإفريقيا. ويلاحظ هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية وهي غير مصدقة على هذه الاتفاقية قد دعت إلى البدء بالمحادثات والمفاوضات في هذا الشأن، حيث يقول حاكم ولاية كاليفورنيا أرنولد شفارتزنغر: "يجب علينا استخدام كل الوسائل المتاحة لنا لوقف التغير المناخي الحاصل قبل أن يصبح الوقت متأخراً جداً." وتابع قائلاً: "بالنسبة لي فنحن السباقون للعمل على الحد من آثار ارتفاع درجة حرارة الأرض وكذلك ستتبعنا الولايات الأخرى." وتجدر الإشارة هنا إلى انه قد احتاجت اتفاقية كيوتو ثمانية أعوام حتى أصبحت سارية المفعول، لذلك ستنصب جهود المشاركين على تطوير ألية تفاوض جديدة بشأن اتفاقية كيوتو جديدة عام 2007.
دور ريادي لألمانيا
تعتبر ألمانيا من الدول السباقة في إطلاق برامج وسياسات تهدف إلى إيجاد بيئة آمنة سواء في ألمانيا أو أوروبا. ومن المتوقع أن تلعب ألمانيا دورا أساسيا في التركيز على الملف البيئي ومحاربة التغير المناخي والاحتباس الحراري من خلال توليها رئاسة الاتحاد الأوروبي في مطلع القادم. فقد أوضحت المستشارة ميركل بأنها ستجعل من الملف البيئي" أولوية مهمة" أثناء فترة توليها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. كما دعت في الوقت ذاته الاتحاد الأوروبي إلى " إحداث تغيير شامل" في التعاطي مع المنظومة البيئية الأوروبية، حيث قالت:" يتوجب على أوروبا مجتمعة أن تتبنى سياسة موحدة في محاربة التغير المناخي وأن يكون الاتحاد قدوة لغيره من الدول في السياسات البيئية."