Die Rückkehr der Nofretete
١٦ أكتوبر ٢٠٠٩لسنوات كان زوار جزيرة المتاحف في مدينة برلين (موزيومس إنزل Museumsinsel) يقفون أمام الأبواب المقفلة لبناية خامسة، أو بالأحرى متحف خامس، وسط جزيرة المتاحف البرلينية، ويتساءلون عن سبب إقفاله. واليوم الجمعة (16 تشرين الأول/أكتوبر) تحقق الحلم الذي كان يراود الساهرين على جزيرة المتاحف، إذ اُفتتح رسميا متحف برلين الجديد "Neues Museum" الذي يشغل البناية الخامسة، والذي يضم بين جنباته المتحف المصري، وذلك بعد خمس سنوات استغرقتها عملية ترميمه على يد المهندس المعماري البريطاني الشهير ديفد شبيرفيلد. الافتتاح يأتي عقود من تدمير المتحف بالكامل إبان الحرب العالمية الثانية.
وفي الكلمة التي ألقتها بهذه المناسبة، عبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن إعجابها الشديد بالمعرض مصرحة "أن شكله النهائي فريد ومتميز جدا، وسيترك حتما بصماته في تاريخنا الحديث". مضيفة، أن إعادة افتتاحه "يشكل حدثا كبيرا في عالم الثقافة". وهو رأي يشاطره أيضا القائمون على جزيرة المتاحف في برلين، إذ يطمح هؤلاء إلى ربط المتاحف الخمس فيما بينها سواء على مستوى البنيان ببناء نفق أرضي فيما بينها، أو على مستوى المضمون حتى تصبح المعارض الخمس وحدة متكاملة توثق الحضارة الإنسانية بجميع عصورها المتعاقبة.
نهاية رحلة أوديسية
ويحتوي المتحف الجديد على ثلاث طوابق. لكن الطابق الأول خصص لتمثال النصفي الشهير لنفرتيتي الذي يبلغ من العمر 3500 عاما. فلا عجب أن تتربع الملكة الفرعونية ولوحدها في هذا الطابق، فمن دون شك أنها تمثل درة المتحف المصري. وعبر نظام إنارة دقيق للغاية، سُلط الضوء على وجه نفرتيتي، لتظهر الملكة وهي في ذروة شبابها وجمالها. ولم تخف مديرة المتحف المصري، فريدريكه زايفريد أنها كانت تخشى بداية الأمر من أن لا يظهر تمثال نفرتيتي بالمستوى اللائق، إلا أنها بدت اليوم مطمئنة ومقتنعة بأن الغرفة التي خصصت لتمثال نفرتيتي "ملائمة جدا لإنهاء رحلة أوديسية عانى منها تمثال نفرتيتي لسنوات طوال."
لم تكن نفرتيتي وحدها ضحية الرحلة الأوديسية للمتحف والتي امتدت على مدى العقود الماضية، فقد تنقل عدد كبير من التحف الأثرية المصرية بين متاحف برلينية أخرى، منها متحف بودن ومتحف قلعة شارلوتنبورغ، قبل أن يستقر بها المقام اليوم في متحف برلين الجديد. وتشكل الحضارة الفرعونية القديمة ممثلة في مجموعة المتحف المصري أحد أهم المحاور المعروضة داخل المتحف الجديد. فإلى جانب تمثال نفرتيتي، أنشأت قاعة خاصة تكريما لمؤسس علم المصريات الحديث، الألماني كارل ريشارد ليبسيوس، تحتوي على لوحات ورسومات فرعونية. عطفا على ذلك، ستعرض تحف فنية تعود إلى مدينة طروادة، التي اكتشفها عالم الآثار الألماني هاينريش شليمان عام 1870، وقام بإحضار بعض ما عثر عليه من آثار إلى برلين.
حوار بين الحضارات القديمة
ويهدف الساهرون على المتحف إلى خلق نوع من الحوار بين الحضارات القديمة. فتمثال نفرتيتي في الجناح الشمالي يقابله، على الجهة الجنوبية التي صممت من قبل المهندس ديفد شيبرفيلد بشكل عصري جذاب، تمثال ضخم لملكة الشمس الرومانية هيليوس. بينما توجد بين المنزلتين،" مكتبة العصر القديم" التي تضم مجموعة البرديات القيمة التي تتضمن وثائق ومخطوطات يزيد عمرها عن أربعة آلاف سنة.
ووُضع كل هذا الكنز الثقافي على رفوف حديدية مزكرشة، صنعت في القرن السادس عشر. أما الطابق الثالث للمعرض، فخصص للتاريخ الحجري والبرونزي. يذكر، أنه وابتداءً من يوم غد وطيلة نهاية الأسبوع يمكن زيارة المعرض مجانا. ويترقب المنظمون من أن يصل عدد الزوار إلى الآلاف.
حواس يرفض المشاركة في حفل الاحتفال
من جانبه رفض الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر زاهي حواس المشاركة في حفل الاحتفال، وقال نقلا عن وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.آ) بأنه "تلقى دعوة لحضور حفل الافتتاح، إلا أنه لن يلبيها". معروف أن حواس طالب في مناسبات عديدة الجانب الألماني بإعادة التمثال النصفي للملكة نفرتيتي إلى مصر.
وأوضح حواس في حديثه للوكالة أنه "سيكف عن الحديث عن أمر استعادة التمثال حال أثبت الفحص أن نفرتيتي غادرت مصر بطريقة مشروعة". من ناحية أخرى أعرب الأمين العالم للمجلس الأعلى المصري للآثار عن أسفه لرفض الجانب الألماني طلبه باستعارة التمثال لعرضه في المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه في غضون خمسة أعوام.
وحسب حواس، علّل الجانب الألماني إنه لا يمكن نقل التمثال المصنوع من الحجر الجيري خوفا عليه. وذلك في الوقت الذي نُقل فيه التمثال بالفعل إلى أماكن أخرى، حسب قوله. يذكر أن زاهي حواس يخطط لتشكيل مجموعة تعاون دولية تضم جميع الدول التي وكما يقول "سرقت منها قطع أثرية قيمة" بهدف المطالبة بصوت واحد قصد استعادتها.
الكاتبة: زيغريد هوف/وفاق بنكيران
مراجعة: هيثم عبد العظيم