المعهد الألماني للقياس يحتفل بمرور 125 عاما على تأسيسه
٢٨ مارس ٢٠١٢لم يعد علماء المعهد الفيزيائي الألماني الاتحادي (بي.تي.بي) المعني بالمقاييس يهتمون كثيرا بوحدات قياس مثل الرطل والدقيقة. فوحدات القياس اليومية في نظر هؤلاء المتخصصين في علم الأوزان والمقاييس بعيدة كل البعد عن الدقة. ويقول المتحدث باسم المعهد ينس سيمون: "لا يمكن للتجارة الدولية والتعاون الدولي أن تؤتي ثمارها إلا إذا استخدم الجميع نفس وحدات القياس".
ذلك ما أدركه المبتكر ورجل الصناعة الألماني فيرنر فون سيمنس، إذ بدأ في تأسيس مؤسسة التقنية الفيزيائية (بي.تي.آر) التي يرجع تاريخها إلى عهد "الرايخ" الألماني، السابقة لمعهد "بي.تي.بي"، قبل 125 عاما في برلين. وتقديرا لإنجازاته العلمية، حصل سيمنس بعد ذلك على تكريم من الإمبراطور الألماني فريدريك الثالث.
مرر البرلمان الألماني أول ميزانية لمؤسسة "بي.تي.آر" في 28 آذار/مارس 1887. وفي وقت سابق من ذلك العام، تبرع سيمنس بقطعة أرض في شارلوتنبورغ، التي كانت آنذاك مدينة مستقلة غرب برلين، لإنشاء أول قسم للفيزياء تابع للمؤسسة. وفي وقت لاحق، اشترت الدولة المواقع المجاورة من سيمنس وأكملت إنشاء مبنى قسم الفيزياء مع بناء منشآت إضافية.
تعرضت مؤسسة "بي.تي.آر" لأضرار كبيرة إبان الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1950، بدأ معهد "بي.تي.بي" عمله في مدينة براونشفايغ شمال غربي ألمانيا بقياسات الطول والكتلة والزمن والحرارة والكثافة الضوئية والتيار الكهربائي وكمية المادة. يقول سيمون: "تلك هي الكميات الفيزيائية الأساسية السبع التي يمكن قياس الأشياء بها".
ولادة النظام المتري
في العصور القديمة، استخدم الناس وحدات قياس مثل الفرسخ والذراع، التي غالبا ما كانت تعرف بأنها طول ذراع حاكم البلاد. وعرف المتر في الأصل بأنه جزء من عشرة ملايين جزء من خط الطول المار عبر مدينة باريس من القطب إلى خط الاستواء، وفي عام 1799 تبنت الجمعية الوطنية الفرنسية قضيبا من البلاتين باعتباره النموذج الأولي للمتر المعياري.
وفي عام 1875، جرى توقيع "اتفاقية المتر" في المؤتمر العالمي للنظام المتري، وحصلت جميع الأطراف الموقعة على نموذج من قضبان المتر المعياري. ويقول برند برزيبيرالا، من معهد "بي.تي.بي" الألماني "لم يعد لهذه المقاييس اليوم سوى قيمة تاريخية". ذلك أن القياسات التي يتبناها خبراء القياس في المعهد بالغة الدقة إلى حد لا يمكن تصوره. فالمتر ليس مجرد وحدة قياس تعادل مائة سنتيمتر، بل هو طول المسار الذي يقطعه الضوء في الفراغ خلال جزء من 299792458 جزءا من الثانية.
اختراع الساعة الذرية
هذه المقاييس البالغة الدقة تلعب دورا أساسيا في حياتنا اليومية، سواء في نقل الإشارات التلفزيونية أو التشخيص الطبي أو موازين المتاجر الكبرى أو مضخات البنزين أو الآلات الروبوتية التي تصنع قطع الغيار الصغيرة للسيارات. بدون مقاييس معيارية دقيقة، لا يمكن للعالم الحديث أن يعمل بشكل سليم. ولإتاحة إمكانية القياس بدقة أكبر، يعمل علماء معهد القياس الألماني باستمرار على تطوير أدوات وأساليب جديدة. وقد وصل العلماء في عام 1969 إلى نقطة فارقة بتصنيع واحدة من أولى "الساعات الذرية" في العالم.
يعد معهد "بي.تي.بي" الألماني ثاني أكبر مؤسسة من نوعها في العالم، حيث يعمل لديه نحو 1500 موظف في براونشفايغ و500 في برلين، ويبلغ حجم موازنة تشغيله السنوية 140 مليون يورو. ويقول سيمون: "الولايات المتحدة وحدها هي التي تمتلك معهدا أكبر للقياس"، في إشارة إلى المعهد الوطني الأمريكي للمقاييس والتكنولوجيا. في إطار احتفالات سنوية تقام في نهاية آذار/مارس، سيفد ممثلو أكثر من مائة دولة إلى براونشفايغ لحضور ندوة حول علم القياس تعقد بمناسبة مرور 125 عاما على تأسيس المعهد الفيزيائي الألماني.
(ع.ع./د ب أ)
مراجعة: طارق أنكاي