المغرب.. مطالب سياسية ومالية مقابل وقف الهجرة إلى أوروبا
٢٠ سبتمبر ٢٠١٨بعد إغلاق طريق البلقان وتشديد الرقابة على سواحل اليونان، أصبحت سواحل ليبيا منطلقا لقوارب المهاجرين باتجاه أوروبا وبالتحديد إيطاليا، حتى بداية صيف هذا العام. وفي الفترة الأخيرة اكتشف المهاجرون طريقا قديما جديدا للانتقال من الضفة الجنوبية إلى الضفة الشمالية للبحر المتوسط، عبر مضيق جبل طارق من المغرب إلى إسبانيا. إذا تضاعف عدد المهاجرين عبر هذا الطريق عدة مرات خلال هذا العام مقارنة مع العام الماضي.
فبعد تشديد الرقابة على السواحل الليبية ورفض إيطاليا سفن المهاجرين ومن يتم إنقاذهم من الغرق في البحر "شعر المهاجرون أن طريق المغرب آمن وقصير جدا وأن المغرب ينعم بالاستقرار. هذه العوامل دفعت المزيد من المهاجرين لسلوك هذا الطرق " يقول المحامي صبري الحو، الخبير في القانون الدولي والهجرة، في حوار مع DWعربية. إضافة إلى ذلك فإن "التغيير الحكومي في إيطاليا والحكومة الحالية المناهضة للمهاجرين، تزامنا مع ولادة حكومة جديدة في إسبانيا منفتحة جدا على الهجرة" أدى إلى تنشيط طريق المغرب، حسب رأي كريستيانه فروليش الباحثة في المعهد الألماني للدراسات الدولية والإقليمية.
المزيد من المساعدات المالية
لكن هناك من المراقبين من يقول إن هناك أسبابا أبعد من مسألة إغلاق طريق البلقان أو تشديد الرقابة البحرية، دفعت السلطات المغربية إلى رفض لعب دور الدركي للحدود الأوروبية وغض الطرف عن المهاجرين السريين وقواربهم التي تعبر مضيق جبل طارق إلى إسبانيا.
وفي هذا السياق يقول المحامي المغربي صبري الحو، إن المغرب بدأ منذ عامي 2015 و2016 انتهاج سياسة جديدة في العلاقة مع الاتحاد الأفريقي ودوله "نتج عنها ازدياد المصالح الاقتصادية للمغرب في أفريقيا، ودعم الوافدين الأفارقة لشرعية المغرب في أفريقيا، لأن سياسة المملكة تستهدف المواطن الأفريقي أيضا واحترام حقه وحريته سواء في العيش في المغرب أو الهجرة".
أما الباحثة الألمانية كريستيانة فروليش، المختصة بدراسة أسباب الهجرة، فتقول إن السلطات المغربية كانت معروفة بتصديها بحزم للمهاجرين الذين كانوا يحاولون الوصول إلى أوروبا، وببدو أن الأمر قد تغير الآن، و"إلا كيف يمكن تفسير ازدياد عدد المهاجرين بهذا الشكل؟".
وتضيف أن المملكة المغربية تحصل مقابل التزامها باتفاقية حماية الحدود مع إسبانيا على "مساعدات تنموية مغرية" وأنه كانت هناك وعود ومحادثات حول شراكة مع الاتحاد الأوروبي "وتسهيل حصول المغاربة على تأشيرة دخول إلى الاتحاد الأوروبي مقابل استقبال المهاجرين الذين يتم ترحيلهم من أوروبا، وقد تعثرت هذه الشراكة" وأصابها الجمود. وهي تعتقد أن الرباط تلجأ إلى "التصعيد مع أوروبا في هذا المجال وتقول إن أوروبا لا تريد مهاجرين ونحن من نستطيع منع ذلك، لكي تحصل على المزيد من المساعدات مثل تركيا ودول أخرى تتعاون مع الاتحاد الأوروبي في هذا المجال".
ويبدو أن هذا ما أشار إليه الناطق باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، في مؤتمر صحفي عقده في الثاني من آب/ أغسطس الجاري، وعبر فيه عن استياء بلاده من الدعم المالي الخجول الذي تحصل عليه من الاتحاد الأوروبي "لمحاربة الهجرة غير الشرعية"، مؤكدا أن هذا الدعم لا يرقى إلى مستوى "الجهود المبذولة من قبل المملكة المغربية وحجم التضحيات التي تقدمها".
مطالب سياسية صعبة
لكن هل مطالب المغرب من الاتحاد الأوروبي مقابل التعاون معه في مكافحة الهجرة غير الشرعية مالية فقط، أم له مطالب أخرى تتعدى المساعدات التنموية؟ على ذلك يجيب الحو بأن المغرب يطالب أوروبا بمواقف سياسية تجاه قضية الصحراء الغربية، ويرى أن الاتحاد الأوروبي "لا يقدر الجهود التي يبذلها المغرب لصالح الأمن القومي الأوروبي وحمايته، حين يصدر قرارات قضائية تمس وحدة الأراضي المغربية. رغم أن الموقف السياسي للاتحاد الأوربي يدعم العملية السياسية للأمم المتحدة" لحل مشكلة الصحراء.
هذا ما تشير إليه فروليش أيضا بقولها إن المغرب يطلب من الاتحاد الأوروبي دعم الاعتراف بسيطرته على الصحراء الغربية المثيرة للجدل حسب القانون الدولي، و"هذا مطلب سياسي إشكالي، لا أعتقد أن الاتحاد الأوروبي سيلبيه ويستجيب له".
لذلك يظهر المغرب أوراق ضغطه على أوروبا وهي أوراق تتعلق "بالهجرة غير الشرعية والمخدرات والإرهاب والتطرف. لأنه يقوم بتبادل المعلومات مع الاتحاد الأوروبي على المستوى الأمني" يقول المحامي صبري الحو.
وفي ظل الظروف الراهنة وعدم التوصل إلى حل يرضي الطرفين، يبدو أن الشد والجذب بين المغرب والاتحاد الأوروبي سيستمر، ولن تعود الرباط قريبا إلى سياستها السابقة في التصدي بحزم للمهاجرين ومنع وصولهم عبر مضيق جبل طارق إلى الفردوس الأوروبي الذي يحلمون به.