الانتخابات الإسرائيلية.. دور محوري لليمين المتطرف
١ نوفمبر ٢٠٢٢خلال الحملات الانتخابات الإسرائيلية، تجوب "حافلة بيبي"، في إشارة إلى رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتانياهو، الشوارع حيث يقف نتانياهو داخلها خلف زجاج مضاد للرصاص ليخاطب الناخبين. وفي مركز تجاري في بلدة نتانيا الساحلية، يوقع نتانياهو على كتابه الذي صدر مؤخرا ويحمل اسم "بيبي.. قصتي".
ويتنافس نتانياهو البالغ من العمر 72 عاما ويعد الشخصية السياسية الأكثر استقطابا فيإسرائيل، في الانتخابات العامة التي بدأت اليوم الثلاثاء (الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر)آملا بالفوز والعودة إلى الحكم على رأس الحكومة القادمة.
وعلى غرار الانتخابات السابقة، تعد جولة التصويت الحالية بمثابة استفتاء على مدى قدرة نتانياهو الذي يتزعم حزب الليكود المحافظ، على العودة إلى السلطة.
يشار إلى أن نتانياهو يحاكم في الوقت الحالي على خلفية ثلاث قضايا فساد، ويتنافس مع رئيس حكومة تصريف الأعمال يائير لابيد، المؤسس وزعيم حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) الوسطي.
وفي ذلك، يقول تال شنايدر، المراسل السياسي لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن الانتخابات الحالية "تتعلق بحالة عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل وهي ذات المشكلة التي نواجهها منذ عامين".
وقبل انطلاق الانتخابات، أشارت استطلاعات الرأي إلى صعود أحزاب اليمين المتطرف التي قد يعتمد عليها نتانياهو لترجيح كفته والعودة إلى الحكم وتشكيل حكومة ائتلافية.
من جانبه، يقول ماوز روزنتال، كبير المحاضرين في كلية لودر للحكم والدبلوماسية والإستراتيجية، إن الانتخابات الحالية "تدور حول الليبرالية في مواجهة القومية، إذ يمثل لابيد المعسكر الليبرالي فيما يمثل نتانياهو المعسكر القومي".
انهيار الحكومة بعد عام
والدعوة لإجراء الانتخابات الحالية التي تعد الخامسة في أربع سنوات، جاءت في يونيو/ حزيران الماضي عقب انهيار الحكومة الائتلافية التي كانت تتألف من ثمانية أحزاب ذات أيديولوجيات مختلفة تمثل اليمين والوسط واليسار بالإضافة إلى حزب عربي.
وكانت الحكومة قد خسرت أغلبيتها الضئيلة بعد عام واحد من تشكيلها، فيما كان القاسم المشترك بين الأحزاب المنضوية تحت لواء الحكومة هو الرغبة في الإطاحة بنتانياهو. لكن على خلاف ذلك لم تكن هناك قواسم سياسية مشتركة كثيرة بين هذه الأحزاب.
ويُنظر إلى لابيد باعتباره مهندس الحكومة الائتلافيةالتي انهارت مؤخرا. وخلال إحدى الفعاليات الانتخابية في كيبوتس آفيك بشمال إسرائيل، جاء أنصار لابيد والناخبون من البلدات والمدن المجاورة لطرح تساؤلاتهم عليه حيال غلاء المعيشة ودور الدين وغيرها من القضايا التي تهم حياتهم اليومية، فيما يكاد الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني وقضايا المناخ غائبة عن هذه الانتخابات. وقد أعرب أنصار لابيد عن آملهم في استمراره على رأس الحكومة.
وفي ذلك، قالت داليا غراو ( 78 عاما) إنها تدعم لابيد لأنها "تريد الهدوء"، مضيفة "يمثل حزب يش عتيد الهدوء وقد وفرت لنا الحكومة ذلك حيث كنا ننعم بالهدوء".
الناخبون العرب
ويرى خبراء أنه من الصعب التكهن بنتيجة هذه الانتخابات، لكن آخر الاستطلاعات التي نشرتها التلفزيون الإسرائيلي أشارت إلى أن كتلة الأحزاب اليمينية والدينية المتطرفة بزعامة نتانياهو قد تحصل على 60 مقعدا من أصل 120 مقعدا في الكنيست فيما رجح الاستطلاع أن يكون حزب الليكود الأقوى مع توقعات بحصوله على 31 مقعدا. ورغم ذلك يبدو أن حزب ليكود قد فقد بعض أنصاره لصالح حليفه كتلة "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف.
في المقابل، كشفت الاستطلاعات عن تراجع الكتلة التي يتزعمها لابيد رغم توقعات بحصول حزبه على نحو 24 مقعدا. فيما تشير التوقعات ذاتها إلى عدم قدرة بعض الأحزاب الصغيرة في الحصول على نسبة 3.25 بالمائة اللازمة لدخول الكنيست. ويرى خبراء أن هذا الأمر لن يصب في صالح لابيد.
وقبل بدء الانتخابات، كان التركيز منصبا على التوقعات بشأن نسبة التصويت وخاصة بين المواطنين العرب في إسرائيل والذين يشكلون قرابة 20 بالمائة من الناخبين. ويقول المراقبون إن أي ارتفاع في نسبة التصويت بينهم قد يصب في صالح كتلة لابيد التي تمثل أحزاب اليمين واليسار، فيما سيعزز تراجع الإقبال فرص عودة نتانياهو إلى الحكم مرة أخرى.
صعود اليمين المتطرف
ويشير الخبراء إلى أن صعود أحزاب اليمين المتطرف قد يمثل نقطة هامة ومحورية في الانتخابات، وهو ما قد يدفع نتانياهو إلى الانخراط في تحالف مع كتلة "الصهيونية الدينية". وكان يُنظر إلى الرجل الثاني في هذه الكتلة وهو ايتمار بن غفير، زعيم حزب "عوتسما يهوديت"، باعتباره شخصية هامشية داخل تيار اليمين المتطرف. بيد أن بن غفير، وهو محامي (46 عاما) يحظى بشعبية في هذه الأيام فيما تشير استطلاعات الرأي إلى أن كتلة "الصهيونية الدينية" قد تحصل على 14 مقعدا وبالتالي ستكون ثالث أكبر مجموعة في الكنيست.
وفي هذا السياق، يقول روزنتال، كبير المحاضرين في كلية لودر للحكم والدبلوماسية والإستراتيجية، إن أحزاب "اليمين المتطرف ربما تمتلك تأثيرا حقيقيا للمرة الأولى خلال هذه الانتخابات"، مضيفا أن إسرائيل قد تحولت خلال السنوات الماضية صوب اليمين. ويتساءل روزنتال "لكن ما هو الجديد الذي يحمله هذا الحزب؟ إننا نتحدث عن شخصيات قومية مناهضة لليبراليين، إنهم أشخاص تعهدوا بتقليص سلطة المحاكم مع التزامهم القوي بقيم الديانة اليهودية."
وخلال فعالية انتخابية في تل أبيت لزعيم حزب "عوتسما يهوديت" بن غفير، انقسم الشارع الذي جرى عقد الفعالية فيه إلى مجموعتين: الأولى تمثل أنصاره والأخرى تمثل المعارضه، ما تطلب تدخل الشرطة للفصل بين الطرفين على وقع تصاعد تراشق الكلمات.
بدوره، قال الشاب الإسرائيلي إيلي ياش إنه يدعم بن غفير، مضيفا "قبل أن ألتحق بالجيش كنت مع الطرف الآخر، لكن أعتقد الآن أن بن غفير يعد شخصا حقيقيا على خلاف النواب الآخرين في الكنيست. أرى أنه بمثابة سياسي يبذل قصارى جهده في خدمة البلاد على خلاف السياسيين المزيفين الآخرين".
ودخل بن غفير الكنيست لأول مرة عام 2021 فيما صدرت عنه تصريحات متطرفة وعنصرية وتقديمه للمحاكمة أكثر من مرة وإدانته في قضيتين سابقا.
ورغم سعيه إلى التخفيف من حدة تصريحاته خلال حملته الانتخابية، إلا أن بن غفير اعتاد على الدفاع عن طرد من يصفهم بـ "الإرهابيين العرب" وذويهم وأيضا طرد المواطنين "غير موالين" لإسرائيل.
وقد ظهر بن غفير مؤخرا في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، لدعم أنصاره اليهود الذين يعيشون هناك، ولوح بمسدس أمام مؤيديه منتقدا الشرطة التي يقول عليها إطلاق النار على الفلسطينيين الذين يقومون برشق الحجارة. كما يدعو حزبه إلى ضم مناطق الضفة الغربية بأكملها.
وفي ضوء التنافس الكبير بين الأحزاب، فإن الانتخابات الإسرائيلية قد تشير إلى المنحى والمسار الذي سوف تسلكه إسرائيل في المستقبل. وسيتم الإعلان عن النتائج الأولية في الساعة العاشرة ليلا بالتوقيت المحلي بعد إغلاق صناديق الاقتراع.
تانيا كريمر/ م ع