انطلاق أول محاكمة بشأن جرائم دارفور أمام محكمة العدل الدولية
٥ أبريل ٢٠٢٢في مستهل محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور بالسودان، نفى القائد السابق لميليشيا الجنجويد في السودان، علي محمد علي عبد الرحمن، جميع التهم المنسوبة إليه، وقال أمام هيئة المحكمة اليوم الثلاثاء (الخامس من أبريل/ فبراير 2022): "ارفض جميع هذه الاتهامات، أنا بريء من جميع التهم".
وبعد ما يقرب من 20 عاما على بدء المذابح الأولى في منطقة دارفور، يواجه الرجل البالغ من العمر 72 عاما والمعروف باسمه الحركي علي كوشيب، عقوبة السجن مدى الحياة في حال تبث تورطه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من بينها القتل والاغتصاب والتعذيب والاضطهاد.
قائمة اتهام طويلة
إلى ذلك يواجه القائد السابق لميليشيا الجنجويد 31 تهمة. ووفقا للاتهامات، كان عبد الرحمن أحد القادة الرئيسيين في الجنجويد، وهي ميليشيا من آلاف الاشخاص كانت تعمل في دارفور بين عامي 2003 و2006، ويعتقد أنها مسؤولة عن مقتل 300 ألف شخص.
ووصفت لائحة الاتهام عبد الرحمن بأنه "عديم الرحمة"، فيما قال المدعي العام كريم خان إن المتهم كان "فخورا بالسلطة التي يتمتع بها"، وإنه "يشارك في الجرائم من تلقاء نفسه وهو على بيّنة من الأمر".
ويفيد المدّعون في المحكمة الجنائية الدولية بأن الزعيم الميليشياوي شنّ بدعم من القوّات السودانية هجمات على بلدات في منطقة وادي صالح في دارفور في آب/أغسطس 2003.
وخلالها، اغتيل مئة قروي على الأقلّ واغتصبت نساء وفتيات وتعرّض أفراد من قبيلة الفور، كبرى قبائل المنطقة، للاحتجاز والاضطهاد.
ويُتّهم عبد الرحمن الذي كان يلقّب بـ "عقيد العقداء" بحشد ميليشيات الجنجويد وتسليحها وتزويدها بالإمدادات تحت قيادته.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكّرة توقيف في حقّ عبد الرحمن في نيسان/أبريل 2007.
وفرّ الأخير إلى جمهورية إفريقيا الوسطى في شباط/فبراير 2020 عندما أعلنت الحكومة السودانية الجديدة نيّتها التعاون مع محقّقي المحكمة. غير أنه سلّم نفسه إلى المحكمة في حزيران/يونيو 2020 بعدما بقي طليقا لمدّة 13 عاما. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أيدت التهم المنسوبة إليه، في إجراءات أولية العام الماضي. وليس من الواضح الفترة التي سوف تستغرقها المحاكمة.
أول محاكمة متعلقة بأحداث دارفور
ومن شأن هذه المحاكمة التي تعد الأولى في هذا الملف أن تبعث بارقة أمل في محاسبة المتورطين في الجرائم التي شهدها إقليم دارفور. ووصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الانسان في بيان المحاكمة بأنها "فرصة نادرة طال انتظارها للضحايا والأفراد الذين أرهبهم الجنجويد لرؤية زعيما لهم يحاكم أمام القضاء".
ومنذ أكثر من عشر سنوات، تطالب المحكمة الجنائية الدولية بتسليمها عمر البشير الذي حكم السودان بقبضة من حديد خلال ثلاثة عقود قبل الإطاحة به في نيسان/أبريل 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات، فضلا عن مسؤولين اثنين آخرين، بتهمة ارتكاب "إبادة" وجرائم ضدّ الإنسانية خلال النزاع في دارفور.
غير أن الانقلاب العسكري الذي نفّذ في السودان في تشرين الأول/أكتوبر شكّل انتكاسة في عمل الهيئة الدولية، وفق رئيس المحكمة الدولية خاصة أمام رفض المجلس العسكري الحاكم تسليم البشير في ظلّ تفاقم الاضطرابات التي تعصف بهذا البلد الواقع في شمال شرق إفريقيا.
صراع مستمر
وتزامنت المحاكمة مع تصاعد لما تصفه منظمات إغاثة إنسانية بأنه عنف طائفي في دارفور منذ نهاية عمل بعثة مشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام هناك. وقد قُتل 45 شخصا على الأقلّ في الأسبوع الذي سبق انطلاق المحاكمة في اشتباكات قبلية جديدة في الإقليم الذي يشهد أعمال عنف بشكل متكرر، وفق ما أفادت السلطات الأمنية المحلية. وتقول الأمم المتحدة إن 1.6 مليون شخص ما زالوا نازحين منذ وقوع أعنف الاشتباكات في دارفور.
واندلع صراع دارفور عندما حمل متمردون، معظمهم من غير العرب، السلاح ضد الحكومة السودانية التي ردت بحملة على التمرد. وشكلت الخرطوم ميليشيا الجنجويد، غالبية أفرادها من العرب، لسحق التمرد مما أطلق موجة من العنف قالت واشنطن وبعض النشطاء إنه يرقى إلى إبادة جماعية.
و.ب/ع.ج.م (د ب أ، أ ف ب، رويترز)