باحثة بريطانية: الفيسبوك يُعلّم "الوَلدنة والتبَرْهيش"
٢ أغسطس ٢٠١١خلقت الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر وما شابهها جيلا مهووسا بذاته، لا يقدر على التركيز سوى لفترات وجيزة فقط ويتصرف كالأطفال الصغار الذين يلحون باستمرار على تلقي رد فعل أو جواب. وهذا بالضبط ما تحذر منه سوزان غرينفيلد، الباحثة في المخ والأعصاب والأستاذة في جامعة أوكسفورد البريطانية، في حديث نشره موقع بريستيكست الألماني حيث قالت: "يتأقلم مخنا بشكل تطوري مع التغيرات في محيطه، بما في ذلك الشبكات الاجتماعية. والاستخدام المفرط للإنترنت في الوقت الراهن يبعث على القلق".
هوَس "تغذية" الشبكات الاجتماعية
لا تنكر الباحثة وجود إيجابيات للشبكات الاجتماعية ولكنها ترى أنها مليئة بالكثير من "التفاهات" وخاصة في موقع تويتر وتقول" لا أحد يهمّه حقا ماذا أكل هذا الشخص أو ذاك على وجبة الفطور. مثل هذا النوع من النصوص القصيرة على تويتر تذكّر بطفل صغير يريد دائما مباركة من أمه على ما يقوم به ويقول: أنظري يا أمي ماذا أفعل". وتعتقد سوزان غرينفيلد أن "أزمة وجود" هي الدافع وراء هذا السلوك الصبياني أو "التبرهيش" كما يقول المغاربة.
وتضيف الباحثة البريطانية بأن الهمّ الأكبر لعدد متزايد من مستخدمي فيسبوك يكمن في جذب انتباه الآخرين إلى ما يعملونه أو يكتبونه. وتضيف بأنّ قسما منهم بات يعرّف نفسه فقط من خلال ما يعرفه الآخرون عنه ومن خلال نظرة الآخرين إليه. وهي ترى أن البعض يفقد القدرة على تقييم ذاته بذاته ويصبح همه منحصرا في "ماذا أنشر لكي يليق بمقام الفيسبوك وينال إعجاب الآخرين".
تغيّرات في المخ
وما يثير قلق الباحثة البريطانية هو أن حياة بعض الأشخاص أصبحت تتمحور حول عدد "النقرات والأصدقاء". وتقول إن بنية الجهاز العصبي للمخ تتغير لدى هؤلاء الأشخاص ولدى الذين يبالغون في ألعاب الكمبيوتر، وتضيف "يواجه الشباب خاصة مشكلة في الحفاظ على التواصل بالعينين أثناء المحادثة ويعجزون عن تفسير لغة جسد ونبرة صوت من يُحادثهم. وهذا يؤدي بشكل عام إلى ضعف التعاطف مع الآخرين".
وتشير سوزان غرينفيلد إلى دراستين صدرتا حديثا عن الإدمان على الانترنت وتأثيره على تركيبة المخ. فقد قام باحثون صينيون بمراقبة 18 شابا ووجدوا أن حجم "الخلايا الرمادية" في خَمس مناطق بالمخ قد اضمحل. وأظهرت دراسة أخرى تراجعا شديدا في التقمص العاطفي، أي الشعور بالآخر والتعاطف معه، لدى الطلاب منذ بداية الألفية الجديدة.
وتؤكد الباحثة أن المشكلة ليست في الانترنت ولا في الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر، وإنما في الجرعة التي نأخذها منها. وهي وإن كانت تعترف بفوائد هذه المواقع والخدمات التي تقدمها وكمية المعلومات التي يحصل المرء عليها منها، إلا أنها ترى أن هناك فرقا بين المعلومات وبين المعرفة.
عبد الرحمن عثمان
مراجعة: منى صالح