Gesundheit Tourismus
١٢ أغسطس ٢٠١٠كل خامس سائح للطبابة في ألمانيا يختار حاليا منطقة باد غوديسبيرغ الجميلة في بون. في الماضي، وعندما كانت بون لا تزال عاصمة ألمانيا كانت المدينة الصغيرة مقر عدد كبير من الدبلوماسيين وسكن معظم السفراء. وتستقطب بون اليوم العديد من العرب لا لأسباب دبلوماسية، وإنما للعلاج. وغالبا ما يقصد هؤلاء مستشفى "إليزيه" الذائعة الصيت لدى المرضى، والعنوان الأول خارج ألمانيا وداخلها. ومن هؤلاء الشيخ عبد الرحمن المفتاح، القادم من قطر حيث كان أطباء المستشفى في انتظار وصوله في التاسعة صباحا، لكنه وصل في العاشرة والنصف تقريبا. وخرج من السيارة رجل مسنّ قصير القامة خلفه زوجته في برقع أسود.
"العرب زبائن من نوع خاص"
ولم يكن الشيخ يلبس قفطانا، بل بنطلون برمودا، ولمعت من تحت حذائه جوارب بيضاء لكرة المضرب. وبدأ في الشد على أيدي الجميع بحرارة معتذرا عن تأخره بالقول مازحا إلى مسؤولة الأطباء إنه لم يكن يعرف بأن موعد العملية هو الساعة التاسعة. وابتسمت الأخصائية ناتاليا برينر وهي ترحب بالاثنين التي أصبحت تعرف طبيعة العرب وعاداتهم. والواقع أن نحو 3000 عربي يزورن المستشفى سنويا، وحول ذلك تقول: "المرضى العرب زبائن خاصين، إنهم طيبون ولطفاء، لكن لديهم عادات مثل التأخير عن الموعد بعض الشيء، وعندما يصلون يريدون أن تكون كل المستشفى والعاملين فيها في خدمتهم".
وتعرفت كبيرة الأطباء على الكثير عن عادات المرضى العرب مثل عدم تعريف الزوجات باسمائهن على الغرباء أو المداولة المسبقة حول كلفة العملية. ولكن ما لا تفهمه حتى الآن كما قالت "هو دور المرأة". وأضافت أنها لا تزال تنظر بغرابة إلى قيام الرجال بتقرير أمور النساء، إذ أن العملية التي ستجري اليوم ليست للشيخ، وإنما لزوجته الجالسة على الكرسي االخاص بالمعالجة.
ونظرت الطبيبة وهي تراقب ردود فعل الشيخ إلى صورة الاشعة الخاصة بالزوجة وبدأت في عرض تفاصيل العملية لمعالجة توسع عروق الرجلين. وكان الزوج يستمع إلى ترجمة مترجم شاب خاص به لا يفارقه لحظة يدعى نظمي نفزي. وفي الختام هزّ الشيخ عبدالرحمن رأسه ونظر إلى الطبيبة برينر معربا عن موافقته على أن تُجري العملية.
أجواء عربية مريحة
خلال ذلك قرر الشيخ عبد الرحمن الذهاب مع مترجمه إلى المدينة للتبضع قائلا إن السياحة الطبية تكلف المال الكثير، لكنه كبروفسور في علم بيولوجية البحار وكرئيس لأحد البنوك قادر على ذلك. وأضاف أنه يأتي منذ 20 سنة إلى ألمانيا للمعالجة، إنما في السنوات الأخيرة فقط انتقل إلى باد غوديسبيرغ حيث يعشق الهواء المنعش والخضار فيها والتلال حولها.
وأضاف أن عائلته تحب المنطقة والجميع يأتي معه أيضا، خاصة وأن العرب لا يأتون في العادة أبدا لوحدهم للعلاج، مشيرا إلى أن لمستشفيات باد غوديسبيرغ سمعة ممتازة. وزاد: " بعد كل هذه السنين أعرف العديد من الأطباء هنا، بل وتصادقت مع الكثير منهم، لذا أحصل على معاملة خاصة هنا"، قال هذا وهو يقهقه.
وكشف الشيخ عبد الرحمن، وهو ينظر إلى ما تعرضه المحلات، أن القسم الصحي في سفارة قطر نصحه بالأطباء الألمان، وأن هذا أمر معهود في الدول العربية. فقد كانت ميونيخ العنوان الأول للطبابة للعديد من العرب كما قال، لكن باد غوديسبيرغ "جذابة أكثر بكثير من العاصمة البافارية، إذ أن الأجواء هنا هادئة وآمنة وعائلتي تشعر بالراحة، أيضا بسبب وجود عرب كثر هنا".
علاج وتبضع
ولفت الشيخ النظر إلى لافتات إلى يمينه عليها كتابات عربية موضوعة قرب صيدلية أو مقهى أو محل مجوهرات. والمترجم يفسّر للشيخ ويترجم وينظّم له المواعيد لزيارة شقق مفروشة، "إذ أن للضيوف العرب تصورات محددة جدا عنها" على حد قول نفزي الذي يشدد على أهمية "أن تكون الشقة في مكان نظيف ولائقة لأن المرء يريد الحديث عنها عندما يعود إلى الوطن". وأضاف أن غالبية العرب لا ترغب في السكن في الفنادق لأن المرء غير قادر على الطبخ فيها ولذلك فهو لا يشعر وكأنه في بيته.
وبعد الانتهاء من التبضع عاد الشيخ عبد الرحمن إلى المستشفى حيث كانت زوجته في انتظاره بعد أن أنهت العملية بنجاح. والآن سيكون بامكانهما التبضع سوية، لكن ليس في باد غوديسبيرغ، بل في مدن أكبر مثل كولونيا أو دوسلدورف.
الكاتب: مريام كلاوسنر/ اسكندر الديك
مراجعة: عبده جميل المخلافي