باريس تمدد حالة الطوارئ وتستدعي الاحتياط بعد اعتداء نيس
١٥ يوليو ٢٠١٦قال الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند في خطاب عبر التلفزيون من قصر الاليزيه في ساعة مبكرة من اليوم الجمعة (15 يوليو/تموز) "قررت تمديد حالة الطوارئ التي كان يفترض أن تنتهي في 26 تموز/يوليو، لمدة ثلاثة أشهر"، مؤكدا أنه سيتم "إرسال مشروع قانون إلى البرلمان بحلول الأسبوع المقبل".
وأعلن أولاند أيضا استدعاء احتياط الجيش من المواطنين لتعزيز صفوف الشرطة والدرك وقال "لقد قررت استدعاء الاحتياط العملاني أي كل الذين خدموا في وقت من الأوقات في صفوف الجيش أو في الدرك، لتعزيز صفوف الشرطة والدرك"، مشيرا إلى إمكان استخدام هؤلاء الاحتياطيين في "مراقبة الحدود".
جاء ذلك إثر مقتل ثمانين شخصا على الأقل مع وجود 18 في حالة خطرة مساء الخميس في مدينة نيس في جنوب فرنسا في اعتداء نفذه سائق شاحنة دهس جمعا من الناس كانوا محتشدين في جادة بروميناد ديزانغليه السياحية المطلة على البحر المتوسط لمشاهدة الألعاب النارية بمناسبة احتفالات العيد الوطني.
وأوضح مصدر قضائي أن شاحنة بيضاء اندفعت بأقصى سرعة في اتجاه الحشد الذي كان يضم الآلاف وبينه العديد من الجانب، وحصدت ضحايا على مسافة كيلومترين. وحصل ذلك في وقت كان عرض الألعاب النارية يشارف على نهايته. وأعلنت وزارة الداخلية أن الشرطة قتلت سائق الشاحنة. وقال رئيس مجلس منطقة نيس كريستيان ايستروزي "كانت هناك أسلحة وأسلحة ثقيلة داخل الشاحنة".
وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن الشاحنة اجتازت مسافة كيلومترين اثنين من المتنزه الرئيسي حيث كان يتجمع الناس. وكانت هناك طلقات نارية قد أطلقت أثناء الهجوم، لكن لم يتضح على الفور ما إذا كانت تلك الطلقات قد أطلقها أشخاص من داخل الحافلة أم من جانب الشرطة.
وقال الرئيس الفرنسي إنه لا يمكن إنكار "السمات الإرهابية" لاعتداء نيس "الوحشي". وأضاف إن فرنسا إنه تم ضرب فرنسا في يوم عيدها الوطني، مؤكدا أن فرنسا بأكملها تتعرض للتهديد الإرهابي وليس نيس.
وعثرت السلطات داخل الشاحنة على أوراق ثبوتية لمواطن فرنسي-تونسي، كما أفاد مصدر امني. قال المصدر إن "عملية التعرف على هوية سائق الشاحنة لا تزال جارية"، مشيرا إلى أن الأوراق الثبوتية التي عثر عليها تعود لرجل عمره 31 عاما ومقر إقامته نيس.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية بيار هنري برانديه إن "التحقيقات جارية حاليا لمعرفة ما إذا كان منفذ الاعتداء تصرف بمفرده أم كان لديه شركاء تمكنوا من الفرار، السبب الذي يدفعنا إلى دعوة الناس لملازمة منازلهم". وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن قسم مكافحة الإرهاب في مكتب النائب العام في باريس فتح تحقيقا في الهجوم، بينما قال أولاند إن بلاده "ستعزز" تدخلها ضد الجهاديين في سوريا والعراق، مؤكدا أن "ما من شيء سيجعلنا نتخلى عن عزمنا على مكافحة الإرهاب وسوف نعزز أكثر تحركاتنا في سوريا كما في العراق. أولئك الذين يستهدفوننا على أرضنا سنواصل ضربهم في ملاجئهم".
وكان أولاند قطع زيارة إلى افينيون (جنوب شرق) وقرر العودة إلى باريس حيث شارك في اجتماع لخلية الأزمة التي شكلتها وزارة الداخلية ليل الخميس الجمعة بعد الاعتداء، ثم عاد إلى قصر الاليزيه.
تنديد وتضامن مع فرنسا
وسارعت دول العالم إلى التنديد بالاعتداء، ودان الرئيس الأميركي باراك أوباما بشدة "ما يبدو أنه اعتداء إرهابي مروع". وقال في بيان "نحن متضامنون مع فرنسا، أقدم حليف لنا، في الوقت الذي تواجه فيه هذا الاعتداء". وأكد الرئيس الأميركي إن بلاده مستعدة لمساعدة السلطات الفرنسية في التحقيق لكشف المسؤولين عن هذه المأساة.
بدورها عبرت الحكومة البريطانية عن "صدمتها" إزاء الاعتداء "المروع"، مؤكدة أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي تتابع تطورات الوضع وان حكومتها مستعدة لمساعدة نظيرتها الفرنسية.
من جانبه قال المتحدث بإسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت إن الكلمات لتعجز عن وصف الصدمة التي خلفها اعتداء نيس، مؤكدا في تغريدة على تويتر أن "تفكيرنا مع أصدقائنا الفرنسيين"، فيما أعتبر الرئيس الألماني يوأخيم غاوك اعتداء نيس "هجوما على العالم الحر".
كما أدان قادة الدول المجتمعين في اجتماع "آسيا-أوروبا" بمنغوليا الاعتداء، وتحدث رئيس منغوليا تساخيا البجدورج، في كلمته الافتتاحية عن "أنباء سيئة للغاية من فرنسا"، داعيا 34 رئيس حكومة ودولة من 51 دولة أوروبية وآسيوية من الحاضرين في الاجتماع إلى الوقوف دقيقة حدادا على الضحايا.
من جانبه أعتبر رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك: "إنه يوم حزين لفرنسا وأوروبا وكلنا جميعا هنا في منغوليا". وأضاف: "نحن متحدون مع فرنسا حكومة وشعبا في كفاحهما ضد العنف والإرهاب".
أما روبرت فيكو، رئيس وزراء سلوفاكيا، التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، إن "المعركة ضد الإرهاب من بين أعلى أولويات حكوماتنا. نحن ندين الهجمات الإرهابية بكل أشكالها، أينما كانت ومتى وقعت".
ودان مجلس الأمن الدولي "بأشد الحزم الاعتداء الإرهابي الهمجي والجبان" وأعربت الـ 15 الأعضاء في بيان صدر بالإجماع عن "تعاطفها العميق وتقدم تعازيها" لعائلات الضحايا وللحكومة الفرنسية. وجدد المجلس التأكيد على أن "الإرهاب بكل أشكاله يمثل احد اخطر التهديدات للسلام والأمن الدوليين". وأضاف أن "كل عمل إرهابي هو عمل إجرامي وغير مبرر"، مجددا التأكيد على "ضرورة أن تكافح كل الدول" التهديد الإرهابي "بكافة السبل" في إطار القوانين الدولية.
ع.ج.م/ ع.م (أ ف ب، رويترز، د ب أ)