برلين تصر على عدم الإفصاح عن خلفية صفقة السلاح مع السعودية

عقد البرلمان الألماني اليوم (الأربعاء السادس من يوليو/ تموز 2011) جلسة خاصة لمناقشة موضوع صفقة الأسلحة الألمانية للسعودية. وأعلن هانز يواخيم أوتو، الوكيل البرلماني لوزارة الاقتصاد الألمانية في الجلسة أن مجلس الأمن القومي الألماني "ينعقد دائما بشكل سري ويصدر قراراته بنفس الشكل، لذلك فإن الحكومة الألمانية لا تستطيع الرد على ما أثارته المعارضة ووسائل الإعلام بشأن اتخاذ قرارات هذه الصفقة". وأضاف أوتو أن السعودية حصلت على الكثير من الأسلحة الألمانية في الماضي وأن ألمانيا تراعي دائما مصالح حلف شمال الأطلسي عند تزويد السعودية بهذه الأسلحة وأضاف: "هذه المصالح لا تنسحب فقط على منطقة الناتو بل تمتد أيضا لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط". وذكر أن السعودية "شريك هام في مكافحة الإرهاب" وقال إن برلين تولي "أهمية خاصة" لحقوق الإنسان.

وتواجه الحكومة الألمانية انتقادات حادة من قبل أحزاب المعارضة منذ أيام بعدما كشف تقرير لمجلة "دير شبيغل" الألمانية عن خطط الحكومة لتوريد مائتي دبابة من طراز "ليوبارد" المتطورة للسعودية. وكانت مصادر حكومية لم تكشف عن هويتها أكدت من جهتها أن المجلس الأمني المختص بالبت في هذه الصفقات وافق على الصفقة خلال اجتماعه السري الأسبوع الماضي، إلا أنه لم يتم تأكيد ذلك بشكل رسمي حتى الآن.

انتقادات حادة من المعارضة

من جهته أعرب زيجمار جابريل زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أكبر أحزاب المعارضة في ألمانيا، عن اعتقاده بأن صفقة الدبابات للسعودية ربما ترجع إلى أن ألمانيا لم تشارك في العملية العسكرية التي يشنها حلف شمال الأطلسي "ناتو" على ليبيا منذ أشهر.

وأوضح جابرييل أن "من المحتمل أن يكون هذا الأمر في الحقيقة هو الثمن السياسي الذي يتعين على الحكومة الألمانية دفعه لأنها نأت بنفسها تماما عن شركائنا في الحلف خلال النقاشات التي دارت في مجلس الأمن الدولي حول القرار الأممي بشأن ليبيا". ورأى جابرييل أن الحكومة الألمانية انتهكت بهذه الصفقة القواعد المنظمة لتصدير السلاح والتي تحظر توريد السلاح إلى المناطق المتوترة مشيرا إلى أن "هذه هي أول حكومة اتحادية في تاريخ ألمانيا تفعل ذلك".

وتأسف جابرييل لما أسماه "استعداد أن الحكومة الألمانية لإبرام هذه الصفقة على حساب الحركة الديمقراطية في المنطقة"، موضحا أنه يتيعين على المستشارة ميركل ووزير خارجيتها جيدو فيسترفيله توضيح خلفيات صفقة لدولة " تحكم بطريقة استبدادية". إلا أن جابرييل طالب في الوقت نفسه بالحفاظ على مبدأ سرية قرارات مجلس الأمن القومي الألماني وهو الجهة المختصة بالبت في مثل هذه الصفقات.

ألمانيا من مزودي السعودية بالسلاح

من جهته استغل يواخيم أوتو وهو أيضا عضو بالحزب الديمقراطي الحر الشريك في الائتلاف الحاكم، حقيقة إبرام الائتلاف الحكومي الألماني بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر وحزب الخضر صفقات أسلحة مع السعودية بقيمة إجمالية 260 مليون يورو للدفاع عن صفقة الدبابات المحتملة. ويرى خبراء أن هذه الصفقة ستكون في حالة إبرامها أكبر بكثير من أي صفقة أسلحة أبرمت من قبل مع السعودية.

وفي سياق متصل دافع راينر برودرله، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر، الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، عن الحكومة الألمانية ضد انتقادات المعارضة بسبب هذه الصفقة. وقال "أنا متأكد من أن الحكومة وازنت جميع النواحي بشكل جيد خلال اتخاذ هذا القرار، ثقتي في الحكومة كبيرة جدا". ورفض برودرله تقييم صفقة الدبابات من طراز "ليوبارد" وقال "لا يمكنني تعليل القرار أو دحضه لأنني لم أشارك في صنعه".

"إسرائيل لم تفاجأ بالصفقة"

أما إسرائيل فرفضت إبداء رد فعل تجاه هذه الصفقة وقال ايجال بالمور المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية: "نفضل عدم إعلان رد فعل في الوقت الراهن". فيما توقع يوشوا تايتلباوم الخبير في الشئون السعودية بجامعة تل أبيب أن تكون الحكومة الإسرائيلية أحيطت علما بالصفقة المحتملة. وذكر تايتلباوم في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن إسرائيل لم تحتج بشكل علني منذ التسعينيات في حال باعت الولايات المتحدة على سبيل المثال أسلحة إلى السعودية مؤكدا أن مثل هذه الصفقات تسبقها دائما "مشاورات مع إسرائيل".

وتابع تايتلباوم حديثه قائلا "نستقي من ذلك أن إسرائيل لم تفاجأ أيضا هذه المرة بصفقة الأسلحة مع ألمانيا وربما كان ذلك هو السبب في أنها لم تبد رد فعل رسمي على هذه الصفقة المحتملة". وتبنى تايتلباوم وجهة النظر القائلة بأن الوضع في السعودية يختلف عنه في دول عربية أخرى، إذ أن من غير المتوقع أن يطاح بنظام الحكم هناك "ومن ثم فالوضع هناك مستقر للغاية".

(ح.ز/ د.ب.أ / رويترز)

مراجعة: سمر كرم