برنامج خاص لتأهيل المعلمين اللاجئين في ولاية ألمانية
٢٨ أبريل ٢٠١٩منذ وصولها إلى ألمانيا قبل ثلاث سنوات واللاجئة السورية رهف العيسى تسعى إلى مواصلة ممارسة مهنتها في تعليم الطلاب في المدارس، كما كانت تعمل في سوريا. ورغم أنها قامت بتدريب عملي (براكتيكوم) للتدريس في إحدى المدارس الألمانية، كما تقول لمهاجر نيوز، إلا أن ذلك لم يكن كافياً ليفتح لها مجال العمل في مهنتها في ألمانيا.
لكن حصول معلمة اللغة الإنجليزية على فرصة للتأهيل ضمن برنامج خاص في ولاية شمال الراين-ويستفاليا قد يسرع من دخولها في سوق العمل. وتقول اللاجئة الثلاثينية: "سمعت بالبرنامج عن طريق الانترنت وسجلت فيه في جامعة بوخوم، فتم قبولي".
ويتم تقديم البرنامج –الذي يحمل اسم "Lehrkräfte Plus"- في كل من جامعتي بيليفيلد وبوخوم. وبدأ البرنامج للمرة الأولى في أيلول/ سبتمبر عام 2017 في جامعة بيليفيلد، بالتنسيق بين وزارة التعليم المدرسي في الولاية ومؤسسة بيرتلسمان. كما يشارك معهد ميركاتور أيضاً في دعم البرنامج الذي تقدمه جامعة بوخوم.
شروط ودعم
يمتد البرنامج لمدة عام ويتم فيه قبول 25 لاجئ سنوياً. تقول منسقة البرنامج في جامعة بوخوم د. ماري فاندربيكه لمهاجر نيوز: "نحن حالياً في بداية العام الثاني (على التوالي) من البرنامج. لدينا 24 خريجاً من السنة الأولى و25 مشاركاً جديداً".
وقد بدأ المشاركون الجدد، ومنهم المعلمة السورية رهف، بالدراسة في البرنامج مع بداية الشهر الجاري (نيسان/ أبريل 2019).
ويشترط على اللاجئ المتقدم للبرنامج أن تكون لديه شهادة جامعية في اختصاصه وخبرة عملية في التدريس في بلده الأصلي، بالإضافة إلى معرفة جيدة باللغة الألمانية (مستوى B1 كحد أدنى).
ومن أجل أن يتفرغ المشاركون للبرنامج بدوام كامل (8 ساعات يومياً) تقدم مراكز العمل الدعم المالي لهم، كما حصل مع رهف، على عكس طلاب الجامعات الذين ينقطع عنهم دعم مراكز العمل عند الدراسة، فيلجؤون إلى القروض الطلابية.
"بداية الحصول على وظيفة"
ويتضمن البرنامج بالإضافة إلى دورة مكثفة في اللغة الألمانية (لإنهاء مستوى C1 أو ما يعادله) محاضرات في التأهيل التربوي وتعميق المعارف العملية في مجال التدريس بالإضافة إلى زيادة الخبرة العملية لدى المشاركين من خلال التدريس في المدارس بوجود مشرفين، بحسب موقع جامعة بيليفيلد.
وتتحدث رهف عن تجربتها في كل من سوريا وألمانيا وتقول: "قمت بالتدريس في سوريا لمدة سبع سنوات، لكن طرائق التدريس هناك قديمة، أما هنا فطرائق ووسائل التعليم أكثر لإيصال الأفكار إلى الطلاب".
ويرى اللاجئ السوري أحمد بري (32 عاماً)، الذي كان أحد المشاركين في البرنامج في سنته الأولى، أنه استفاد "كثيراً" من البرنامج. ويتابع أستاذ اللغة الفرنسية: "قبل البرنامج كانت معلوماتنا عن نظام التدريس في ألمانيا قليلة جداً ولذلك استفدنا من البرنامج"، مشيراً إلى أن أهم شيء بالنسبة إليه كان التدريب العملي الذي قاموا به لعدة أشهر في المدارس.
أما بالنسبة لإمكانية حصول المشاركين على وظيفة بعد إتمام التدريب، توضح د. ماري فاندربيكه: "حصل جميع الخريجين الأربعة والعشرين على عقود عمل لمدة عامين للعمل في المدارس، وقد استطعنا القيام بذلك بدعم من وزارة التعليم في الولاية والدوائر المختصة في هذا المجال".
وعن ذلك يقول أحمد "في البداية لم يعدونا بشيء فيما يتعلق بالوظيفة، لكن الآن هناك برنامج آخر لإكمال تأهيلنا وذلك بأن نعمل ونتدرب بنفس الوقت في إحدى المدارس لمدة سنتين وآمل أن يكون هذا البرنامج بداية حصولنا على وظيفة ثابتة".
انتقادات بسبب المقاعد المحدودة
ورغم أن حكومة الولاية تقول إنها تدرك منذ البداية إمكانيات المعلمين اللاجئين وتسعى لتأهيلهم، إلا أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي ينتقد عدم استفادة الحكومة من "المصادر القيمة" للمعلمين اللاجئين، مستشهداً بأن المقاعد التي تقدمها جامعة بوخوم لتأهليهم ضمن البرنامج الجديد محدودة جدا (فقط 25 مقعداً سنوياً).
إلا أن منسقة البرنامج في جامعة بوخوم د.ماري فاندربيكه تقول إن العدد "مناسب" في الوقت الحالي، وتضيف: "يتميز عملنا بالتركيز على الحالات الفردية وتقديم المشورة والدعم الفردي، وبذلك فالعدد مناسب".
أما عن سبب تحديد هذا العدد بالضبط تشرح الأستاذة في كلية التربية بالجامعة: "برنامجنا رائد (على مستوى الولاية). في بداية البرنامج لم تكن لدينا خبرة فيما يتعلق بنطاق المجموعة المستهدفة ولم تكن لدينا إحصائيات متاحة"، مضيفة أن أعداد الطلبات تظهر وجود اهتمام كبير بالبرنامج، "في بوخوم تقدم 470 شخصاً في السنة الأولى و 235 شخصاً في السنة الثانية. وهذا ما يسعدنا جداً".
"توسيع البرنامج"
وحول إمكانية توسيع البرنامج ليشمل جامعات أخرى، تشير فاندربيكه إلى جواب لحكومة الولاية على طلب إحاطة من برلمانيي الحزب الاشتراكي، والذي ذكرت فيه أن وزارة الثقافة والعلوم تبحث مع وزارة التعليم في مدى إمكانية توسيع البرنامج.
وشمل البرنامج في البداية فقط اختصاصات اللغة الإنجليزية والفرنسية والفيزياء والكيمياء والرياضيات والرياضة، إلا أن حكومة الولاية قالت، في جوابها، بأن جامعة بيليفيلد بدأت بتأهيل المعلمين من اختصاصات مختلفة أيضاً.
وتعاني مدارس ولاية شمال الراين-ويستفاليا حالياً من نقص 5800 مدرّس، بحسب إحصائيات قدمها الحزب الاشتراكي.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا برنامج "Lehrkräfte Plus" لتأهيل المعلمين اللاجئين في ولاية شمال الراين-ويستفاليا ليس الأول من نوعه على مستوى ألمانيا، حيث سبق لجامعة بوتسدام في ولاية براندنبورغ أن فتحت أبوابها للمعلمين اللاجئين في عام 2016 من خلال "برنامج المدرّسين اللاجئين".
محيي الدين حسين - مهاجر نيوز