"بعثة المراقبين بسوريا تترنح والمعارضة تفضل التدويل"
١٢ يناير ٢٠١٢قال رئيس غرفة عمليات الجامعة العربية لمراقبي سوريا عدنان الخضير الخميس (12 كانون الثاني/ يناير 2012) أن اثنين من المراقبين، هما الجزائري أنور مالك ومراقب آخر سوداني، اعتذرا عن مواصلة مهمتهما ضمن البعثة في سوريا لأسباب شخصية. وأضاف أن بعثة المراقبين "مستمرة في أداء عملها حتى 19 كانون الثاني/ يناير الجاري وفقا للبروتوكول" الموقع بين الجامعة العربية والحكومة السورية، والذي حدد مدة عمل بعثة المراقبين بشهر قابل للتجديد".
ولم تعلن الجامعة بعد إن كانت ستطلب تمديد مهمة المراقبين العرب في سوريا أم لا. ومن المقرر أن يتخذ قرار بهذا الشأن خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب يعقد في 19 أو 20 كانون الثاني/ يناير الجاري في القاهرة وتسبقه مشاورات تجريها اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية، وفقا لمصادر الجامعة العربية. وكانت الجامعة العربية قررت الأربعاء تعليق إرسال مراقبين جدد إلى سوريا، وذلك بعد هجوم استهدف فريقها في اللاذقية وأسفر عن إصابة ثلاثة مراقبين بجراح طفيفة.
وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في مقابلة مع قناة الحياة التلفزيونية المصرية الخاصة مساء الأربعاء إن التقارير التي تصله من رئيس بعثة المراقبين الفريق أول محمد أحمد الدابي "مقلقة للغاية" مشيرا إلى أن مجلس وزراء الخارجية العرب "سيكون صاحب القرار بشأن الوضع السوري".
"فشل قبل انتهاء المهمة"
وبذلك تواجه بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية في سوريا مزيدا من المتاعب، خاصة بعد التصريحات التلفزيونية التي أدلى بها المراقب الجزائري أنور مالك والذي انسحب من فريق البعثة، إذ قال لقناة الجزيرة بأنه انسحب من البعثة لأن مهمة السلام تحولت إلى "مسرحية". وأضاف مالك الذي قال انه أمضى 15 يوما في حمص وسط سوريا "رأينا جثثا مسلوخة الجلود ومعذبة بشكل بشع (...) وفي الحقيقة الجرائم التي رأيتها فاقت جرائم الحرب". إلا أن رئيس بعثة المراقبين الفريق أول محمد احمد الدابي قال في بيان صحفي وزعه الخميس إن "التصريحات التي أدلى بها المراقب الجزائري أنور مالك عبر إحدى القنوات الفضائية لا تمت للحقيقة بصلة".
وفي تعليقه على هذه التطورات، يرى خطار أبو دياب، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الجيوسياسية في باريس أن هذه الانسحابات دليل كاف لإعلان فشل مهمة المراقبين العرب في سوري. ويضيف لدويتشه فيله بالقول:"إن البعثة فشلت قبل أن تنهي مهمتها المقررة في 19 من الشهر الحالي، فهي لم تستطع إيقاف القتل، إذا أن الأرقام تتحدث عن مقتل أكثر من 400 شخص منذ بدء مهمة المراقبين". ويأخذ أبو دياب على البعثة عدم تمتعها بالخبرة في مجال المراقبة ويقول:" رأينا كيف أن هذه الفرق تتصرف من دون مهنية كبيرة، بالإضافة إلى ذلك نقص المعدات، حيث كان المراقبون يصورون بهواتفهم النقالة، ورأينا كذلك أن السلطات السورية لم تحترم بنود المبادرة".
المصداقية على المحك
وكان انسحاب أنور مالك والمراقب السوداني الآخر، ضربة للبعثة التي انتقدتها بالفعل المعارضة السورية ووصفتها بأنها كيان بلا أنياب يساعد الرئيس بشار الأسد في كسب الوقت. وتعثر عملها بالفعل بسبب هجوم على المراقبين في مدينة اللاذقية الساحلية هذا الأسبوع ألحق إصابات طفيفة بأحد عشر مراقبا ودفع الجامعة العربية لتأجيل إرسال مراقبين آخرين إلى سوريا للانضمام إلى نحو 165 هناك.
وبذلك فإن مهمة المراقبين العرب بصفة خاصة، ودور الجامعة العربية بصفة عامة أصبح على المحك لإثبات مصداقيتها في التعامل مع الملف السوري ومن اجل تحقيق أهداف المبادرة العربية المتمثلة في وقف آلة القتل، وإطلاق سراح المعتقلين وفتح المجال أمام الإعلام. ويبقى الأهم قبل كل شيء "قول الحقيقة أمام الرأي العام السوري والعالمي على ما يجري داخل المدن السورية"، كما يقول خطار أبو دياب.
وتقول جماعات سورية معارضة إن المراقبين، الذين أرسلوا يوم 26 كانون الأول/ ديسمبر الماضي للتحقق مما إذا كانت سوريا تحترم المبادرة العربية، لم يفعلوا شيئا بل أكسبوا الأسد مزيدا من الوقت لقمع الاحتجاجات التي اندلعت في آذار/ مارس.
انقسام يعطل التدويل
ويجمع المتتبعون للشأن السوري على أن فشل مهمة الجامعة العربية في وقف العنف سيعجل بنقل الملف إلى مجلس الأمن، وهو ما يطالب به بالمجلس الوطني السوري الذي يضم مختلف أطياف المعارضة السورية. وأصبحت الجامعة العربية التي ستستمع إلى تقرير كامل من المراقبين في 19 كانون الثاني/ يناير منقسمة بشأن سوريا إذ أن قطر هي اكبر المنتقدين في حين تدافع الجزائر عن الخطوات التي اتخذتها دمشق.
ويرى أبو دياب أن هناك انقسامات عربية تعطل تحرك الجامعة العربية باتجاه التدويل، فهي "منظمة إقليمية محكومة بمبدأ التوافق، فدول كلبنان والعراق منحازة للنظام السوري، وهناك دول مترددة كمصر، وهناك دول تراقب لكنها أكثر قربا من النظام السوري كالجزائر، وكل ذلك يؤثر على الإجماع العربي المطلوب في التعامل مع الملف السوري".
وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قالت إن بعثة المراقبة لا يمكن أن تستمر لأجل غير مسمى ووصفت خطاب الأسد الأخير بأنه "ينطوي على سوء نية بشكل مفزع". وكان الأسد قد قلل في خطابه من شأن الجامعة العربية التي علقت عضوية سوريا في نوفمبر تشرين الثاني بسبب قمعها الدموي للاضطرابات. وألقى الأسد باللوم في هذا التصعيد على "الإرهاب" الذي قال إنه سيواجهه بقبضة من حديد.
يوسف بوفيجلين
مراجعة: أحمد حسو