بعد تجربة لجوء صعبة.. لاجئ عراقي "سعيد" بعودته إلى وطنه
٩ مارس ٢٠١٨"كأن صوت بداخلي يناديني ويقول لي حان وقت الرجوع إلى العراق"، هذا ما قاله مصطفى البياتي لموقع مهاجر نيوز حين كان يزور مكتب الصليب الأحمر في مدينة بون الألمانية (غرب) حاملا حزمة الأوراق الخاصة بمساعدات العودة الطوعية.
من منطقة الأنبار ينحدر الشاب العراقي البالغ من العمر 25 عاما. وهي منطقة عانت من وضع أمني عصيب إثر سقوطها في عام 2015 في قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" لعامين. اضطر حينها مصطفى، وحاله في ذلك من حال آلاف الشباب، إلى الهرب بعد أن حاول التصدي للتنظيم الجهادي إلى جانب أبناء منطقته على حد قوله.
في تلك الفترة تعرض مصطفى لإصابة بليغة في ساقه اليمنى لم يشف منها حتى الآن. آنذاك كان الشاب العراقي في الـ14 من العمر. وليس هذا فحسب، بل أصيب أيضا بإصابات أخرى كانت قد تودي بحياته، حسبما يروي لموقع مهاجر نيوز "دخلت شظية إلى أنفي جراء انفجار قنبلة، وأصبت بسببها بشلل نصفي وفقدت ذاكرتي".
الألم الذي عاشه مصطفى، بدا واضحا على ملامح وجه وهو يروي لمهاجر نيوز قصته ويستطرد بالقول "بعد شهر من الحادث تمكنت من استعادة ذاكرتي وحينها شعرت بخوف شديد على مصيري فقررت الهرب".
تجربة اللجوء في ألمانيا لم تكن سهلة
بعد رحلة دامت 10 أيام وبمساعدة مهربين، تمكن اللاجئ العراقي من الوصول إلى ألمانيا عبر تركيا. وكغيره من الكثير من العراقيين، كان مصطفى يأمل في العيش في بلد آمن وتلقي العلاج ليتمكن من استعادة عافيته، ويضيف: "وصلت إلى ألمانيا ونعمت فيها بالأمن والأمان، ولا أنكر بأنني استفدت كثيرا من العلاج في المستشفيات هنا".
بفضل العلاج الذي تلقاه في ألمانيا تحسنت حالته كثيرا، إلا أنه وفي فترة العلاج ذاتها واجه ضغوطات شديدة جعلته يشعر بإحباط نفسي كبير. لا ينسى مصطفى السنوات الثلاث الصعاب التي عاشها في مأوى اللاجئين، رغم أن حالته الصحية كانت تتطلب تحويله إلى مسكن يلائم وضعه الصحي.
أكثر ما أثار استياء الشاب العراقي البيروقراطية الألمانية وكثرة الرسائل التي وصلته من الدوائر الألمانية، فضلا عن إجباره على تعلم اللغة الألمانية من قبل مكتب العمل، حسبما يؤكد مضيفا بالقول "كيف يمكن لي أن أدرس وأتعلم اللغة وأنا غير قادر على ذلك بسبب إصابتي".
بعد ثلاث سنوات عاشها في ألمانيا كطالب لجوء، لم يعد الشاب العراقي قادرا على تحمل الحياة في ألمانيا، على حد قوله. فهو لم يحصل على إقامة لاجئ تسمح له بمغادرة مأوى اللجوء، بل حصل فقط على تصريح "منع ترحيل". ما دفعه للتفكير بالعودة إلى وطنه "ساد الأمن في منطقتي واشتقت إلى أهلي وعشيرتي".
إجراءات العودة
وعلى عكس ما توقع مصطفى، لم تكن إجراءات العودة إلى الوطن معقدة إطلاقا، حسبما يقول مضيفا: "كانت إجراءات العودة أسهل مما توقعت. بل حتى إنها أسهل إجراء يقوم به اللاجئ في ألمانيا، إلى درجة أن الموظفة المكلفة لم تسألني عن سبب عودتي".
حصل مصطفى على مساعدات مالية للعودة، فضلا عن تذكرة سفر منحت له من قبل السلطات الألمانية. هذه المرة كانت رحلته نظامية عبر الأردن وليس تركيا وبمساعدة منظمة الهجرة الدولية وليست بمساعدة مهربي البشر. وصل مصطفى البياتي و في غضون يومين إلى الأنبار ووفي بوعده بالاتصال بمهاجر نيوز لدى وصوله بسلام وقد أخبرنا بأنه: "بخير وسعيد بوجودي وسط العائلة".
فريدة تشامقجي-مهاجر نيوز