1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
نزاعاتأفريقيا

بعد سقوط الأسد .. هل يتراجع النفوذ الروسي في أفريقيا؟

١٢ يناير ٢٠٢٥

تخشى روسيا على قواعدها في سوريا وأماكن أخرى بعد الإطاحة بالديكتاتور بشار الأسد، حليف الكرملين. فهل يستمر نفوذها في بعض المناطق الأفريقية أم يتقهقر؟

https://p.dw.com/p/4p0nA
صورة لعناصر المرتزقة الروس في مالي
في عهد الأسد، وفرت سوريا قاعدة مهمة للمرتزقة الروس العاملين في جميع أنحاء أفريقيا، مثل مرتزقة مجموعة فاغنر السابقة، الذين يظهرون هنا في ماليصورة من: French Army/AP/picture alliance

بعد سقوط الديكتاتور بشار الأسد، سادت حالة من التخوف بشأن مستقبل القواعد العسكرية الروسية في سوريا. القاعدة البحرية في طرطوس والقاعدة الجوية في حميميم هما البؤرتان العسكريتان الوحيدتان لروسيا خارج الاتحاد السوفييتي السابق ولعبتا دورا رئيسيا في أنشطة الكرملين في أفريقيا والشرق الأوسط.

"خسارة القواعد العسكرية في سوريا ستكون مدمرة لفيلق أفريقيا الروسي (مجموعة فاغنر سابقا) الموجود في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا"، بحسب بيفرلي أوتشينغ، الخبير الأمني في شركة "كونترول ريسكس" في السنغال، المتخصصة بالاستشارات المتعلقة بالمخاطر. وقال أوتشينغ في تصريح لبي بي سي: "لقد رأينا تنظيم القاعدة في مالي يحتفل بالأحداث في سوريا وينظر إليها باعتبارها وسيلة محتملة لتقويض التعاون بين روسيا ومالي".

التقطت الصورة يوم 5 يناير 2025 في سوريا
تم إسقاط نظام الدكتاتور بشار الأسد من سوريا على يد القوات المعارضةصورة من: Ghaith Alsayed/AP Photo/picture alliance

المرتزقة يتحكمون في المجالس العسكرية

ساعد المرتزقة الروس الأنظمة العسكرية على البقاء في السلطة في دول الساحل، والتي تتطلع الآن إلى دعم موسكو أو فيلق أفريقيا الروسي.

حلّ فيلق أفريقيا الروسي محل مجموعة فاغنر، التي كان يقودها سابقا يفغيني بريغوجين، الذي أعلنت وفاته في أغسطس / آب 2023 بعد تحطم طائرة في روسيا. وقد نفى الكرملين أي دور له في وفاة بريغوجين.

كما أجبرت الأنظمة العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، التي كانت كلها مستعمرات فرنسية سابقة، باريس في السنوات الأخيرة على سحب آلاف الجنود منها. نشرت فرنسا في البداية عساكر في غرب أفريقيا بناء على طلب الدول التي تحتاج المساعدة في مكافحة الجماعات الإرهابية الجهادية، التي لا تزال تهدد الاستقرار الإقليمي.

وبعد أن لجأت إلى روسيا للحصول على الأسلحة وقوات عسكرية، استفادت المجالس العسكرية من عدم ضغط موسكو عليها لاستعادة الحكومات المنتخبة.

طرق جديدة للاستعداد

في ظل مستقبل غير مؤكد للقواعد الروسية في سوريا، قد تضطر بوركينا فاسو والنيجر إلى الانتظار لفترة أطول بكثير لنشر قوات عسكرية أو شبه عسكرية إضافية. وقد أوضح أوتشينغ أنه عندما طردوا القوات الغربية، كانوا ينتظرون زيادة الدعم الروسي.

وقال أوتشينغ: "إن هذين البلدين معرضان للخطر بشكل كبير، وسوف يحتاجان إلى البدء في تدريب القوات المحلية أو البحث عن طرق أخرى للاستعداد".

خلال عام 2024، ورد أن روسيا والسودان اتفقا على إنشاء قاعدة بحرية روسية في بورتسودان، مما يسمح لروسيا بالوصول إلى البحر الأحمر. لكن السودان يواجه عدم استقرار سياسي هائل بسبب الحرب الأهلية. والبنية التحتية في بورتسودان في حالة سيئة أيضا، وفقا للمراقبين.

التقطت الصورة يوم 26 أغسطس 2023 بالنيجر
النيجر طردت القوات الفرنسية من البلاد في عام 2023 وتعتمد الآن على الدعم الروسيصورة من: AFP/Getty Images

وقالت هاجر علي، المحللة السياسية والباحثة في المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية (GIGA)، إن الصراع في السودان كان ومازال مهما بالنسبة لروسيا في حربها ضد أوكرانيا.

واعتبرت المتحدثة أنه "من خلال توريد الأسلحة للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تمكنت روسيا من الوصول إلى مناجم الذهب في السودان. لقد أصبح الذهب مهما بشدة بالنسبة لروسيا في محاولتها تجاوز العقوبات المفروضة".

وتقول هاجر علي في تصريح لـ DW إن "تأجيج الحرب في السودان يساعد في جعل اقتصاد روسيا مستقلا عن الدولار وتجاوز العقوبات الدولية".

كما سيطر المقاتلون الروس، وكثير منهم من المرتزقة السابقين في فاغنر، على منجم الذهب في شمال مالي، وهو أصل مهم استراتيجيا، تنازعت حوله العديد من الجماعات المسلحة منذ فترة طويلة.

في النيجر، تسعى روسيا للحصول على امتيازات اليورانيوم، بهدف الحد من النفوذ الفرنسي على هذا المورد الحيوي.

ويقول المحللون إن هذا يشكل جزءا من استراتيجية جيوسياسية روسية أوسع نطاقًا لتحدي الهيمنة الغربية على احتياطيات المعادن والطاقة في أفريقيا، وتعزيز دورها كفاعل رئيسي في المنافسة على الموارد العالمية.

الوصول إلى الساحل عبر ليبيا

ليبيا أقرب لوجستيا إلى الساحل من السودان، ووفقا لأوتشينغ، فإن لروسيا بالفعل وجود عسكري كثيف في البلاد، إذ يبلغ عدد أفراده ما يقرب من 2000 فرد عند نهاية عام 2024.

وتشهد ليبيا، البلد الشاسع الغني بالموارد انقساما إلى شطرين. ففي الغرب هناك حكومة معترف بها من قبل الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس، بينما في طبرق، هناك إدارة منافسة بقيادة الجنرال خليفة حفتر تسيطر على الأراضي الليبية في شرق البلاد، بما في ذلك بنغازي.

لا تزال ليبيا في حالة شلل سياسي بعد تأجيل انتخاباتها العامة في نهاية عام 2021. لكن هاجر علي قالت إن "ليبيا تشكل قاعدة مهمة لروسيا، لأن قدرتها المحدودة كدولة تسهل على المرتزقة القيام بأنشطتهم. فمن ليبيا يمكن لروسيا الوصول إلى منطقة الساحل بأكملها"، حسب المتحدثة.

التقطت الصورة للسفينة الحربية الروسية في السواحل السودانية يوم 18 مارس 2021
روسيا تدعم السودان بالسلاح وفي المقابل تحصل على حق الوصول إلى مناجم الذهب السودانيةصورة من: IBRAHIM ISHAQ/AFP

وقالت الخبيرة في حديثها لـ DW: "تغذي روسيا الحرب في ليبيا عبر خليفة حفتر، وذلك بتهريب الأسلحة إلى منطقة الصراع والذهب خارج البلاد. هناك فرصة لتعميق العلاقة مع حفتر والسيطرة على صراعات أخرى، ولكن تحويل التركيز إلى ليبيا لن يكون بالمهمة السهلة"، حسب المتحدثة.

أما أولف ليسينغ، مدير برنامج الساحل في مؤسسة كونراد أديناور (KAS) الألمانية في مالي، فاعتبر أن تغذية القواعد العسكرية في القارة الأفريقية عبر ليبيا سيكون أكثر تكلفة بكثير.

وأضاف: "لن يكون من الممكن بعد الآن جلب المواد عن طريق السفن، ومسافة الطيران أبعد بكثير وهي غير آمنة بتاتا". وأوضح المتحدث أيضا أنه "سيتعين على روسيا أولاً الاستثمار بكثافة في هذه القاعدة لتنظيم الرحلات الجوية إلى الدول الأفريقية".

لا مزيد من التوسع الروسي في أفريقيا!

وقال ليسينغ: "في الأسابيع الأخيرة، رأينا كيف تم نقل المعدات العسكرية جوا من سوريا، وبعضها توجه إلى ليبيا وشرق ليبيا". كما دعمت روسيا خليفة حفتر، الذي سلمها أربع قواعد عسكرية لاستخدامها.

لكن مستقبل حفتر البالغ من العمر 81 عاما مبهم، حسب ليسينغ، الذي اعتبر أنه "قد سعى لإقامة علاقات مع الغرب وفرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا. وحتى الآن مارس هؤلاء ضغوطا على حفتر لعدم منح روسيا أي قواعد أخرى".

تحرير: كاي نيبى

أعدته للعربية: ماجدة بوعزة

بعد سقوط الأسد، روسيا تبحث عن قواعد بديلة في ليبيا؟