بورتريه الفائز بجائزة أفضل مدونة: مخرج فيلم "475" عن أمينة الفيلالي
١٥ يونيو ٢٠١٣عندما سمع نادر بوحموش في مارس/آذار 2012 عن انتحار أمينة الفيلالي، أصابته الصدمة. صدم نادر لأن شابة تبلغ من العمر 16 ربيعاً انتحرت بعد أن حُكم بزواجها من الشخص الذي اغتصبها. لم يكن الشاب المغربي قد سمع من قبل عن المادة 475 من القانون الجنائي المغربي، التي تسمح للمغتصب بتجنب العقوبة إذا ما تزوج من ضحيته.
قصة أمينة وما لاقته من صدى إعلامي في كافة أنحاء العالم أعطت الطالب وصانع الأفلام البالغ من العمر 22 عاماً فكرة لفيلمه الوثائقي الثاني: "475: عندما يصبح الزواج عقوبة". وتمكن الناشط الحقوقي الشاب من تمويل فيلمه بمساعدة مستخدمي الانترنت من مختلف أنحاء العالم عن طريق التمويل الجماعي وقام بتصوير فيلمه دون الحصول على أي ترخيصات. وتحولت الحملة التي بدأها نادر بوحموش إلى رمز لمكافحة العنف الجنسي في المغرب، وهو ما دفع لجنة تحكيم مسابقةDW الدولية لأفضل المدونات BOBsلتكريم الحملة في فئة "أفضل نشاط عبر شبكات التواصل الاجتماعي"، لأنها "تعطي مثالاً جيداً للالتزام المجتمعي عبر شبكة الانترنت".
حكم له عواقب وخيمة
محور الفيلم الرئيسي هو المصير المأساوي الذي تعرضت له أمينة. نادر بوحموش والفريق العامل معه المكون من اثني عشر شاباً أرادوا تتبع هذه القصة بدقة. أرادوا تسليط المزيد من الضوء على الأحداث، وعدم الاكتفاء بالصورة التي عرضت في وسائل الإعلام التقليدية على مدار أسابيع، والتي أظهرت حيرة أهل أمينة، ومغتصب شرس فر من عقوبته عبر قانون "بربري" قدم المغرب إلى الرأي العام العالمي كدولة من العصور الوسطى. "لقد أدركنا بسرعة أن المشكلة أكثر تعقيداً من ذلك بكثير"، كما يوضح المخرج الشاب.
كان قاضي مدينة العرائش شمالي المغرب قد حكم وفق المادة 475، نظراً لعدم كفاية الأدلة حول عملية الاغتصاب. هذه المادة تسمح "للخاطف بالزواج من ضحيته"، والمقصود بالـ"خطف" في معظم الأحيان هو الاغتصاب الفعلي. وعليه، "حكم القاضي باعتماد المادة، ورتبت مراسم الزواج ووافق الأهل"، كما توضح هدى المقدم، واحدة من أعضاء فريق العمل في الفيلم، وقارئة التعليق. بهذه الطريقة فقط يمكن إنقاذ "شرف العائلة". ولم تسأل الفتاة عن رأيها. وبعد أشهر من زواجها، انتحرت أمينة بعد أن ابتلعت سم الفئران.
مجتمع ذكوري
الفعل اليائس الذي قامت به أمينة وأنهى حياتها تسبب في موجة من الغضب في المغرب. ومنذ ذلك الحين تطالب المنظمات النسوية في البلاد بإلغاء المادة 475 من قانون العقوبات. لكن لا يمكن إلقاء اللوم فقط على القانون، كما توضح الشابة هدى المقدم. "إنها مشكلة ثقافية. ففي المناطق الريفية يتم تنظيم العديد من هذه الزيجات، حتى بدون قاض".
وبالتالي فيجب تغيير العقليات قبل القوانين، كما يؤكد نادر بوحموش. منذ التعديل الدستوري عام 2011، أصبح الرجال والنساء متساويين نظرياً، لكن الواقع يوضح أن المجتمع المغربي مازال مجتمعاً ذكورياً.
في الفيلم، يصبح حجم المشكلة أكثر وضوحاً بعد أن زار فريق العمل قرية أمينة. أمام الكاميرا، تذكر شعاع، الزوجة الثانية لوالد أمينة نفسها، كيف يقوم زوجها بضربها واستغلالها جنسياً. وتروي هدى المقدم قائلة: "كل من في القرية كان يعرف أنها ضحية العنف المنزلي. ولم يفعل أحد أي شيء". الاغتصاب في إطار الزواج لا يعاقب عليه في المغرب، بل إنه ليس موجوداً في القانون على الإطلاق كما توضح هدى. "لقد أردنا في الفيلم إظهار مدى شيوع مثل هذه الحالات".
ترك لقاء هدى المقدم بشعاع، أثرا كبيرا في نفس الأخيرة، إذ تمكنت شعاع أخيراً من ترك زوجها وبحثت عن المساعدة في أحد المراكز النسوية. لكن الفيلم يوضح كيف أن الأمر قد يتطلب الكثير حتى يتم الحكم بالطلاق.
عصيان مدني
نادر بوحموش مقتنع من أن الرجال يمكنهم لعب دور كبير في الدفاع عن حقوق النساء. ومنذ المظاهرات الكبيرة التي قامت في ربيع 2011، تسود في المغرب رياح جديدة. فالتغيير قادم، كما يقول المخرج الشاب، الذي كرس فيلمه الأول "أنا ومخزني" للشباب المغربي الذي يسعى لتحقيق الديمقراطية. وقد تعرف على كثير منهم أثناء المظاهرات. وبعضهم أصبح من فريق عمله في فيلم 475. جميع هؤلاء الشباب مثله، شباب وطلبة يريدون "تغيير شيء ما"، وقد أنشأوا معاً جمعية "سينما الغيريلا" أو "سينما حرب العصابات" في المغرب.
ورَد في مقدمة الفيلم، أن "هذا الفيلم تمّ إنتاجه بشكل غير مشروع، كنوع من العصيان المدني، وللمطالبة بمزيد من حرية الرأي والتعبير والفن في المغرب". عبر بوابة التمويل الجماعي الأمريكي، تمكن فريق العمل في الفيلم من جمع أكثر من 7000 دولار، وهو ما ساعدهم على إنتاج الفيلم بشكل "مهني"، وتزويد صوت الراوي باللهجة المغربية واللغة الإنجليزية.
وفور عرضه الأول في بداية 2013، تم تحميله على شبكة الانترنت ليشاهده الجمهور مجانا. كان الغرض من الفيلم، كما يؤكد فريق العمل، الإبقاء على اسم أمينة الفيلالي في الذاكرة الجماعية المغربية.