بيير شتاينبروك: منافس المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل
٥ سبتمبر ٢٠١٣كان المستشار الألماني السابق من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، هيلموت شميدت، قد قال عام 2011 حول رفيقه بيير شتاينبروك: "إنه يستطيع ذلك". ولم يشد شميدت بقوله هذا بقدرات شتاينبروك في لعبة الشطرنج فقط التي لعبها الاثنان آنذاك بكل حماس، وإنما ما دفع شميدت إلى قوله هذا كان تطور شتاينبروك، ابتداء من عمله كسكرتير في المستشارية وفي مناصب وزارية عدة، وصولا إلى توليه منصب رئيس الوزراء في ولاية شمال رينانيا فستفاليا، ومنصب وزير المالية في الحكومة الألمانية الاتحادية الذي تولاه عام 2005.
وتولى شتاينبروك منصبه الأخير بعد فترة قصيرة من هزيمته كمرشح رئيسي للحزب الاشتراكي الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية في ولاية شمال رينانيا فستفاليا أمام مرشح الحزب الديمقراطي المسيحي. إلا أن مرشحة هذا الحزب آنذاك لمنصب المستشار الاتحادي أنغلا ميركل احتاجت بعد الانتخابات البرلمانية الاتحادية إلى التعاون مع الاشتراكيين الديمقراطيين لتشكيل حكومة اتحادية قادرة على العمل. واقترح الحزب الاشتراكي الديمقراطي تولي بيير شتاينبروك منصب وزير المالية. وكافح شتاينبروك في هذا المنصب بالتعاون الوثيق مع المستشارة ميركل من أجل مواجهة الأزمة المالية آنذاك.
عقبات شتاينبروك السياسية
يُعتبر شتاينبروك فضا وغير دبلوماسي، فكثيرا ما يعبر عن أفكاره بصورة مباشرة جدا. وعندما دار الأمر حول تهريب الأموال إلى سويسرا مثلا بهدف تجنب دفع الضرائب، تحدث شتاينبروك عن تدابير قسرية ضد سويسرا، مما أثار اضطرابات دبلوماسية شديدة.
وعندما شغل شتاينبروك منصب وزير المالية ورئيس الوزراء في ولاية شمال رينانيا فستفاليا، أيد "خطة 2010" التي نصت على إصلاحات عنيفة أراد المستشار الاشتراكي الديمقراطي آنذاك غيرهارد شرودر خلالها إعادة بناء سوق العمل وتخفيض نسبة البطالة العالية آنذاك، وذلك عن طريق تخفيض المساعدات المالية الحكومية وتوسيع قطاع العمل المؤقت والأجور المنخفضة. إلا أن هذه الخطة لم تعد بالفائدة على شتاينبروك، إذ أن نسبة 20 بالمائة من العمال في ألمانيا يجدون حاليا صعوبات في تمويل معيشتهم.
وعليه يؤكد بيير شتاينبروك الآن قائلا: "هناك شيء قد تطور على نحو خاطئ، فالمجتمع مهدد بالتفسخ". وعليه، فإنه يؤيد اقتصاد سوق مبني على أسس اجتماعية ويرتكز مجددا على الصالح العام. ويشمل هذا أيضا مطالبته باعتماد مبدأ الحد الأدنى لأجور العمل.
بداية متعثرة للحملة الانتخابية
نجح الحزب الديمقراطي المسيحي بقيادة أنغلا ميركل والحزب الديمقراطي الليبرالي في الانتخابات البرلمانية الاتحادية عام 2009 في الحصول على عدد كاف من الأصوات لتشكيل حكومة بدون مشاركة الحزب الاشتراكي الديمقراطي فيها. وأصبح من بيير شتاينبروك نائبا بسيطا لم يتمكن من التأثير على اتخاذ القرارات السياسية. ولم يأمل شتاينبروك آنذاك في تولي منصب سياسي مهم مجددا.
إلا أن كل شيء أصبح مختلفا عن ذلك، إذ أن مندوبي مؤتمر حزبه الاستثنائي انتخبوه مرشحا لمنصب المستشارية في الانتخابات البرلمانية الاتحادية عام 2013. إلا أن سرور شتاينبروك بذلك لم يستغرق فترة طويلة، إذ أصبح معروفا أنه حصل على أكثر من مليون يورو مقابل إلقاء المحاضرات في بنوك وشركات استشارية للشؤون المالية. وعلاوة على ذلك انتقد شتاينبروك راتب المستشار، واصفا إياه بأنه منخفض جدا. وأكد أنه يرفض شرب الخمر الرخيص. وأضر كل هذه التصريحات بسمعة شتاينبروك، كمناضل اشتراكي ديمقراطي من أجل تحقيق مصالح العمال والشرائح الفقيرة في المجتمع الألماني.
ورغم أن نتائج استطلاعات الرأي ليست جيدة بالنسبة لشتاينبروك، ورغم تضاءل فرصه في دحر أنغلا ميركل، إلا أن بيير شتاينبروك لم يفقد شجاعته واستمر في الأسابيع الماضية في نشر برنامجه الانتخابي الرامي إلى رفع ضرائب الأغنياء ووضع حد للعلل الاجتماعية في ألمانيا عن طريق ذلك وإلى تشجيع تشغيل النساء وتطوير نظام رعاية الأطفال وتحسين ظروف التقاعد.
وتراجع شتاينبروك عن اعتبار الحزب الديمقراطي المسيحي بقيادة أنغلا ميركل شريكا له. "السيدة ميركل تدير ألمانيا فقط ولا تقدم إلا قليلا"، كما يقول. ويرى شتاينبروك الآن في حزب الخضر شريكه المطلوب لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة.