تجارب زواج ناجحة رغم الاختلاف العقائدي
٣٠ يوليو ٢٠٠٧ارتفع عدد المسيحين الألمان الذين اعتنقوا الدين الإسلامي عام 2006 ليصل إلى أربعة آلاف شخص، ويعد هذا الرقم الأعلى منذ عام 1920. وتعتبر الأسباب التي تقف وراء اعتناق الدين الإسلامي متعددة ومتنوعة، من بينها دوافع شخصية على غرار اعتناق رجل أو إمرأة مسيحيين الدين الإسلامي بعد الزواج أو لغرض الزواج من طرف آخر مسلم، غير أن عددا من حالات الزواج المختلط كسرت بهذه العادة وأكدت على أن العلاقة الزوجية لم تعد تستدعي بالضرورة أن يتخلى الزوج أو الزوجة عن دينه ويعتنق دين الطرف الآخر، فقد أظهرت عدة أمثلة أن الإسلام والمسيحية يتعايشان في كنف السلام والاحترام تحت سقف واحد ولسنوات طويلة وأن الدين لم يعد يشكل نقطة اختلاف في تربية الأطفال.
في هذا الإطار قام موقعنا بالبحث عن أمثلة من الزواج المختلط وسبر العوامل التي تفسر نجاحه.
قيم مشتركة عديدة بين المسيحية والإسلام
تظهر تجربة الزواج المختلط الأولى أن الاختلاف العقائدي لا يقف حجر عثرة في طريق نجاح العلاقة الزوجية، كم أنه لا يمثل عائقا في تربية الأطفال، حيث يؤكد كل من بليندا ونجيب مشرف على ضرورة أن يحتفظ الزوج والزوجة بالدين الذي يؤمن به. وتؤكد الفيزيائية الألمانية، التي تزوجت قبل ثمانية عشر عاما بألماني مسلم من أصل أفغاني، تؤكد على أنها لم تفكر أبدا في اعتناق الإسلام كما أنها لم تطلب من زوجها أن يعتنق المسيحية، بل وترفض هذا الأمر كليا، إذ تقول" من الضروري أن يحتفظ الزوج أو الزوجة بشخصيته وبهويته الخاصة وألا يتخلى عنها."
وأضافت بليندا مشرف أنه كان من البديهي جدا بالنسبة لها أن يتلقى أطفالها تربية إسلامية على غرار والدهم، لأنها تلقت تربية بروتستانتية على الرغم من أن والدتها كانت كاثوليكية وذلك لأن والدها كان يتبع المذهب البروتستانتي.
أما عن سر نجاح الزواج حتى الآن فيؤكد الزوجان مشرف على أنه وبالرغم من أنهما حريصان على تربية الأطفال حسب المبادئ الإسلامية، إلا أنهما اكتشفا أن العديد من المبادئ والقيم التي تقوم عليها حياتهم الاجتماعية، مشتركة بين المسيحية والإسلام، وأنه ليست هناك فوارق كبيرة بينهما. غير أن ذلك لا يعني أن المسيحية لا تلعب دورا في حياة أطفال عائلة مشرف، بل على العكس، إذ أنهم يزاولون دراستهم في مدرسة تابعة للكنيسة البروتستانتية التي تنتمي إليها الأم.
وتؤكد بليندا على أن نجاح العلاقة الزوجية لا يكمن في التوافق العقائدي للزوجين، وإنما في الاحترام المتبادل للزوجين والذي يستدعي أيضا إعطاء بعضهما البعض حرية المعتقد والرأي. أما زوجها نجيب مشرف، الحاصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء، فيقول بما أنه رجل علم ومؤمن وليبرالي في الوقت نفسه، فإنه يحاول التوفيق بين دينه وبين تغيرات العصر، ويعطي أولاده حرية الإختيار.
"الإنسان لا يستمد أهميته من الدين"
في حين يؤكد الزوجان كريستينا وراتبيل شامل على أن سر نجاح زواجهما يعود بالدرجة الأولى إلى إيمانها بتعايش ثقافتين ودينين مختلفين تحت سقف واحد، حيث تزوجت مدرسة الباليه، وهي مسيحية كاثوليكية، قبل اثني عشر عاما بالصحفي المسلم والأفغاني الأصل.
الجدير بالذكر أن قرار الزوجين بتمسك كل طرف بثقافته ودينه يهدف إلى إعطاء الأطفال فرصة الإختيار بين المسيحية والإسلام أو عدمه. ويعود هذا القرار لإيمان كريستينا وراتبيل شامل بأن الإنسان لا يستمد أهميته ولا قيمته من أي دين معين، وعليه فإن الدين أمر ثانوي بالنسبة لهما.
وترى كريستينا شامل، التي شكك أهلها وأصدقاؤها في البداية في نجاح زواجها، ترى أن استمرار أي علاقة زوجية لا يتوقف على التوافق العقائدي أو الثقافي، وإلا لما كانت هناك حالات طلاق كثيرة لدى الأزواج ذوي الثقافة والدين واللغة المشتركة. وتلوم عددا من وسائل الإعلام الغربية التي تصور الإسلام بشكل سلبي وهو ما يولد مشاعر التحفظ لدى العديد من الألمان المسيحيين تجاه العلاقات الزوجية المختلطة.