"تحرك السعودية بسبب قلقها من داعش وتطوارت الوضع في العراق"
٣ يوليو ٢٠١٤انتشرت وحدات من الجيش السعودي يقدر عدد أفراها بـ 30 ألف جندي على حدود المملكة مع العراق، والتي تمتد لمسافة 800 كيلومتر. الخطوة السعودية تأتي في أعقاب التطورات التي تشهدها بلاد الرافدين وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على مساحة واسعة من العراق بالإضافة إلى ما تسيطر عليه في سوريا. ما يشير إلى وجود ارتباط بين التحرك العسكري السعودي وما يشهده العراق والتطورات المستقبلية في المنطقة. ولمعرفة خلفيات وأسباب ونتائج وتداعيات هذا التحرك وتأثيره وانعكاسه على المملكة والمنطقة، أجرت DW عربية حوارا مع الباحث في الإرهاب والاستخبارات وشؤون العراق والخليج، جاسم محمد.
DW: لماذا حركت السعودية قواتها، هل لحماية حدودها فقط أم أن هناك أهدافا أخرى لهذا التحرك العسكري للمملكة؟
جاسم محمد: الخطوة السعودية تأتي بعد إعلان "الدولة الاسلامية" بدل "تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش). هذا الاعلان كانت له تداعيات، فالتنظيم لم يعد يهدد سوريا والعراق فحسب بل بات يهدد المنطقة بالكامل وكذلك المصالح الأوروبية والغربية. كما يعتبر هذا الاعلان تهديدا مباشرا للسعودية كون هذا التنظيم وضع السعودية ودولا أخرى من ضمنها الأردن ولبنان ضمن خارطته الجديدة. لذلك في اعتقادي يأتي التحرك السعودي ضمن إجراءات احترازية أمنية تتخذها المملكة ضد داعش أو غيرها. كما أن للسعودية مخاوف أخرى من تشكيل مليشيات شيعية في أعقاب فتوى المرجعية الشيعية لمواجهة داعش وتنظيمات جهادية.
وما علاقة السعودية كدولة بتلك الفتوى، فهي لمقاتلة داعش والتنظيمات الجهادية؟
السعودية لها مخاوف من التواجد الايراني في العراق ومن المليشيات الشيعية بالإضافة إلى تنظيم داعش. وهي تخشى من فراغ السلطة في العراق في أعقاب فشل البرلمان العراقي في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة.
إذاً هل يمكن القول بأن هذا التحرك السعودي العسكري هو رسالة لإيران أيضا؟ وهل هناك تهديدات إيرانية للمملكة تدعو لهذا التحرك؟
التواجد الإيراني في العراق لا يهدد السعودية، فهو يأتي في سياق التقارب الأمريكي – الإيراني لمواجهة داعش والتنظيمات الجهادية. وهذا التعاون أصبح واضحا وعلنيا ولم يعد سريا، فهو لا يبعث برسالة تهديد للسعودية. لكن نلاحظ أن سياسة المملكة استباقية واحترازية وهي تستشعر الخطر من العسكرة في العراق سواء من تنظيمات شيعية أو جهادية.
لكن هل هناك خطر فعلي سواء من داعش أو من التنظيمات الجهادية تدعو لكل هذا الخوف والقلق والتحرك بهذا الشكل والزخم؟
السعودية تقوم بين فترة وأخرى بإعادة تسمية مسؤولي الداخلية والاستخبارات، واتخذت عدة إجراءات لمواجهة التحديات التي يمكن أن تنجم عن تطورات الوضع في العراق. والمملكة لديها تجربة في مواجهة الجيل الأول من القاعدة وداعش حاليا؛ حيث قامت قبل فترة بكشف فرع تنظيم داعش في المملكة. فهي لديها استشعار استخباري لكشف تهديد داعش والتنظيمات الجهادية التي يمكن أن تشكل خطرا على أمنها القومي.
التحرك العسكري السعودي يأتي غداة مكالمة هاتفية بين العاهل السعودي والرئيس الأمريكي حول الوضع في العراق وأمن المنطقة، فهل هناك علاقة بين التحرك والمكالمة؟
التحرك والاستشعار السعودي هو سابق لهذه المكالمة. وكانت هناك مخاوف سعودية من التقارب الأمريكي الإيراني وخاصة ما يتعلق بالملف النووي. والمكالمة دليل على استعادة العلاقة الأمريكية السعودية لعافيتها، وهي تأتي في أعقاب الخطوات التي اتخدتها السعودية لمواجهة الإرهاب والتهديدات وتداعيات الوضع في العراق.
وهل الجيش السعودي قادر لوحده على حماية الحدود التي تمتد لمسافة 800 كيلومتر، أم أن المملكة بحاجة لمساعدة خارجية؟
باعتقادي أن السعودية من حيث الأمن والتسلح والدفاع لديها القدرة الكافية، فسبق وأن قامت بمناورات عسكرية لحماية حدودها بحيث ترتقي لمستوى مواجهة هذه التحديات. كذلك هناك تنسيق عسكري مع دول الخليج وكذلك مع مصر، وهذه الاتفاقات والمناورات العسكرية المشتركة، جعلت من المملكة قوة إقليمية تتمكن من مواجهة أي تحديات، وربما لن تكون بحاجة لمساعدة ودعم من الولايات المتحدة، وتستطيع الارتقاء إلى مستوى هذه التحديات ومواجهتها.
وكيف تنظر إيران لهذا التحرك العسكري السعودي، ونعرف أن هناك صراع على النفوذ في المنطقة بين الدولتين؟
الخطوة التي اتخذتها السعودية هي ضمن أراضيها وتعتبر خطوة احترازية لا تمثل تهديدا لايران، ومن هنا فهي لا تبعث بأي رسالة لإيران أو تواجدها في العراق.
بالنسبة للتداعيات، هل يمكن أن يكون لتحرك القوات السعودية تداعيات وخاصة خارجية فتتحرك دول أخرى أيضا لتحريك وحشد قواتها؟
السعودية داعمة للاستقرار في العراق وموقفها واضح منذ سنوات. ورغم خلافها مع الحكومة العراقية ورئيسها نوري المالكي، إلا أنها تدعم أمن وسلامة العراق ووحدة أراضيه وهي ضد أي تجزئة. والعراق يواجه الآن تراجعا وتحديات كبيرة في ظل الانقسام بين الشركاء والفرقاء مع الكرد ومع السنة. وهذه التحديات أثارت مخاوف وقلق بعض الدول وخاصة الجوار ولاسيما السعودية وايران ودول إقليمية أخرى، وليس من المستبعد أن تقوم دول أخرى في المنطقة بتحركات لضبط وحماية حدودها.
جاسم محمد:مدير المركز الأوروبي العربي للدراسات..باحث في قضايا الإرهاب والاستخبارات والجماعات الإسلامية وشوؤن العراق والخليج.