تداعيات ثورتي تونس ومصر على الاقتصاد والبورصات
٢ فبراير ٢٠١١لا يريد الناس الذين يتظاهرون في شوارع القاهرة وساحاتها نيل الديمقراطية والحرية فقط، بل أيضا المشاركة أخيرا في الاستفادة من الاقتصاد المصري الذي حقق حتى في عام الأزمة الاقتصادية الدولية معدل نمو بنسبة 5 في المائة تقريبا. ومنذ 2004 والاقتصاد المصري ينفتح وينمو محققا في السنوات التي سبقت اندلاع الأزمة الدولية عام 2007 نموا بمعدل سبعة في المائة سنويا. ولكن رغم التحرير الناجح للاقتصاد لم يحصل المصريون، خاصة الشباب منهم، على أية فرص للعمل على حدّ تعبير كبير خبراء اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية فولكر تراير.
"وحدها النخبة استفادت دون فئات الشعب"
وقال الخبير الألماني إنه يعتقد بأن النخبة الاقتصادية في البلاد كانت وحدها المستفيدة من النجاح فيما جرى استبعاد فئات الشعب الأخرى عنه. والعامل الأهم في هذا الواقع يتمثّل في مسألتي التعليم والتخصص. وأضاف تراير أن الدولة فعلت القليل جدا في مجال تأهيل الناس لسوق العمل والاقتصاد، مشيرا إلى توازي معدل النمو السكاني المرتفع في البلد مع ازدياد أعداد الشباب الذين يدخلون سوق العمل سنويا.
مشكلة التزايد السكاني والتأهيل لسوق العمل
وحسب معطيات الأمم المتحدة يتزايد سكان مصر البالغ عددهم 84 مليون نسمة بنسبة 2 في المائة سنويا، ويقف على عتبة سوق العمل كل سنة ما بين 600 و 700 ألف شخص جديد. ويعتقد تراير أن النقص في تعليم هؤلاء وتأهيلهم هو المسؤول أيضا عن معدل التضخم الذي وصل إلى 11 في المائة أخيرا. وأضاف أنه دون تعليم وتأهيل لن يتمكن البلد من تحقيق تقدم في الإنتاجية العامة، لافتا إلى أنه عندما لا تستطيع مصر رفع إنتاجها ستُضطر إلى زيادة الاستيراد من الخارج، الأمر الذي يقود إلى زيادة التضخم.
وهذا ينطبق على الفترات التي تسجل فيها أسعار المواد الغذائية ارتفاعا قويا كما هو الحال حاليا، خاصة وأن 14 في المائة من مجمل الواردات المصرية هي مواد غذائية. وتشكّل زيادة الأسعار عبئا على الفقراء ذوي الدخل المحدود بالدرجة الأولى والعاطلين عن العمل.
الاستثمارات حاليا مجمدة وإغلاق مصانع
وفي رأي مارتين كالهوفر خبير شؤون الشرق الأوسط في شركة "جيرماني تراد إند إنفيست" تحتاج مصر إلى نمو من 6 في المائة على الأقل في العام الواحد، لكي تتمكن من تشغيل العاطلين عن العمل كما جاء في تقرير صادر عن المنظمة الأوروبية للتعاون والتنمية.
لكنه استدرك بأن مثل هذا الأمر صعب التحقيق بسبب التطورات الراهنة في البلد. وأضاف أن الاضطرابات ستنعكس سلبا على قطاع السياحة وعلى انتقال البواخر في قناة السويس وتحويلات المصريين المهاجرين.
ويبدو أن تخوفات كالهوفر تتحقق، إذ أن شركات "بي أ إس إف" و "دايملر" و "بي إم في" أعلنت أخيرا بأنها ستوقف إنتاجها وأعمالها في الوقت الراهن. لكن الخبير تراير خفف من القلق قائلا إنه يعرف من الشركات الألمانية بأنها لن تتخلى عن موقعها في مصر لأنها متجذرة فيها منذ وقت طويل ولأنها ترى في البلد موقعا استراتيجيا هاما، لكنها تفضل حاليا الانتظار والترقب.
وتابع أن الاستثمارات في مصر مجمدة حاليا إلى أن ينتهي الوضع المضطرب حاليا، ويعرف المستثمر الخارجي إلى أين يسير البلد. وأضاف الخبير كالهوفر أنه إذا أدت الاضطرابات إلى جعل مصر أكثر ديمقراطية وتعليما، وأكثر مشاركة في الحياة الاقتصادية ستصبح عندها أكثر جاذبية للمستثمرين.
يوتا فاسّرراب/اسكندر الديك
مراجعة: سيد منعم