ترقب مصري للحكم في قضية قتل مروة الشربيني
٢٦ أكتوبر ٢٠٠٩دعت مفوضة الحكومة الألمانية لشئون الهجرة والاندماج ماريا بومر المتابعين لمحاكمة المتهم بقتل المصرية مروة الشربيني والتي بدأت وقائع أولى جلساتها اليوم الاثنين 26 أكتوبر/تشرين الأول بمدينة درسدن شرقي ألمانيا إلى التحلي بالتعقل وضبط النفس خلال متابعة القضية. ووصفت المفوضة: "إن جريمة القتل هذه خلفت مشاعر الحزن والخوف في كل من مصر وألمانيا ومناطق واسعة من العالم العربي، وهو الأمر الذي جعل الملايين من الناس يتابعون سير المحاكمة باهتمام بالغ". واعتبرت بومر أن الثقة في نزاهة القضاء الألماني واحترامه تكتسب أهمية أكبر في الظرف الحالي، ووعدت باستمرار الوقوف إلى جانب زوج الشربيني وأقاربها قائلة: "لستم وحدكم".
وقائع من المحاكمة
وفي اليوم الأول من المحاكمة، قال ممثل الإدعاء في القضية إن المدعى عليه أقدم على تلك الجريمة بسبب "الكراهية المحضة". وأدلى زوج الضحية علوي على عكاز بأقواله أمام هيئة المحكمة كاشفا أن الاعتداء عليه وعلى زوجته لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة.
وعارض علوي علي عكاز بيانات الإدعاء العام الألماني في نقطة محددة حتى الآن وهي أن زوجته لم تتقدم ببلاغ ضد أليكس ف. بعد أن نعتها عام 2008 في ساحة لعب الأطفال بأنها "إسلامية متطرفة" و"إرهابية" ثم أشار إلى أن الجهات الأمنية هي التي أجرت تحرياتها عقب قيام السيدة بالاتصال هاتفياً بالشرطة.
في المقابل، استمع المتهم إلى شهادة الزوج وهو جالس وراء زجاج مصفح في حين انتشر نحو 200 شرطي حول المحكمة وفي قاعتها تخوفاً من أي حوادث محتملة. ورفض المتهم الرد على إجابات القاضي بعد أن غطى وجهه بقلنسوة ووضع نظارات شمسية، ما دفع القاضي إلى فرض غرامة مالية عليه.
ردود الفعل المصرية
علي الشربيني والد الضحية تحدث لمراسلة إذاعة دويتشه فيله في القاهرة متسائلاً ماذا كانت ستفعل السيدة أنغيلا ميركل لو كانت القتيلة ابنتها، وعاد ليتساءل ما الذي يمكن أن تفعله أي أم ألمانية تتعرض لهذا الموقف. ثم أشار علي الشربيني إلى قضية الحجاب معتبراً متسائلاً عن دوافع العداء له.
وأيدت السيدة نهال سليم وهي مصرية غير محجبة تقيم في مدينة دوسلدورف الألمانية في حديث لدويتشه فيله كلام والد الضحية بخصوص الحجاب، رابطة ذلك بتداعيات هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، حيث أصبح الغربيون عموما ينظرون إلى المسلمين باعتبارهم إرهابيين، وعززت ما تقوله بما اعتبرته دليلا تجسد في أقوال المتهم في صدامه الأول مع الضحية حين قال لها: ابتعدي عن هذا الملعب أيتها الإرهابية المسلمة.
واعتبرت نهال أن هذه الرؤية للحجاب غير سليمة وأن الغربيين يقعون في خطأ كبير حين يتعاملون مع الرداء باعتباره مظهراً إرهابياً.
ماذا ينتظر المصريون من القضاء الألماني؟
"بشر القاتل بالقتل": مبدأ يؤيده كثير من العرب والمسلمين باعتبار القتل هو العقوبة الأمثل للقاتل. لكن القوانين الحديثة في أغلب بلدان العالم لم تعد تنص على عقوبة الإعدام، ومن بينها القانون الألماني، من هنا حكم على الإرهابيين الألمان من جماعة بادر ماينهوف في سبعينات القرن الماضي بعقوبات السجن مدى الحياة على جرائم قتل وتخريب طالت حلقات مهمة في المجتمع والدولة، ولن ينال المتهم بقتل مروة أكثر من عقوبة السجن وهو أمر قد لا يحقق آمال الشارع المصري والرأي العام الإسلامي والعربي.
وفي لقاء مع دويتشه فيله توقعت حنان بدر، وهي مصرية متخصصة في الإعلام، وتواصل دراستها في جامعة إيرفورت الألمانية أن يتعامل القضاء الألماني بمهنية ودقة وحزم مع المتهم في هذه القضية لأن هذه القضية تضع العدالة الألمانية على المحك. وأشارت حنان إلى أن عقوبة الإعدام التي يطالب بها الشارع المصري غير واردة إطلاقا لأنها غير منصوص عليها في القوانين الألمانية.
السيدة بدر أشارت إلى أنها كمصرية وكأم تتعاطف مع الضحية وترى أن القضاء الألماني قد تأخر في التعامل مع هذه القضية، ولكنها عادت واستدركت أن التعامل المنطقي معها يكشف للمرء أن بيروقراطية الدولة في ألمانيا هي من أسباب التأخير، وفي هذا السياق دعت المصريين إلى تفهم هذا الواقع لأن المراسلات على سبيل المثال تستغرق وقتا طويلا تقتضيه الدقة، علاوة على أن العطل الصيفية عقب الشهرين الذين تبعا الواقعة قد تكون سببا آخر في التأخير.
إعلامياً، شهدت قاعة المحكمة حشدا صحفيا قل نظيره، فقد دخل القاعة 44 صحفيا فيما بقي آخرون خارج القاعة بانتظار أخبار المحاكمة ولا يوجد في تاريخ القضاء في ولاية سكسونيا بالكامل قضية أثارت مثل هذا الحشد الإعلامي.
الكاتب: ملهم الملائكة
مراجعة: سمر كرم