تعليم فنون الرقص..دعم تنموي ألماني لتونس!
٢٢ أكتوبر ٢٠١٤عندما التحقت يسرا زوالي مدرسة الرقص العليا في مدينة دريسدن لأول مرة، فإنها شعرت منذ البداية بأنها في المكان المناسب لها وشعرت بأن المكان غير غريب عليها، كما تقول يسرا التي تبلغ 13 عاما من العمر. فرغم أن كل شيء تقريبا في مدينة دريسدن الألمانية يختلف عن مظاهر الحياة في المدن التونسية ، إلا أن كل قاعة رقص تشبه الأخرى في أي مكان كان.
والتونسية الشابة هي إحدى متدربتين أجنبيتين استضافتهما مدرسة الرقص في دريسدن هذه السنة. وتنحدر يسرا من مدينة مهدية الساحلية الصغيرة. وهى ترغب في أن تصبح راقصة محترفة، وذلك رغم أنه لا توجد مثل هكذا مهنة في تونس. ومن يريد ممارسة الرقص بصورة محترفة، يجب عليه أن يتعلم ذلك في الخارج أو من مدرب محلي يجيد الرقص الاحترافي.
مشروع "التعلم من خلال الرقص"
يعود الفضل في تمكين يسرا زوالي من التدرب في ألمانيا إلى مبادرة من معهد غوته في تونس، الذي تبني بالتعاون مع مدرسة الرقص في دريسدن مشروع مشترك لتعليم الرقص تحت عنوان"التعلم من خلال الرقص". فمنذ عام 2011 يدعم المعهد تنفيذ برامج ثقافية تدريبية في دول شمال إفريقيا، التي تسودها أجواء إيجابية منذ الربيع العربي. وعليه يوجد اهتمام كبير أيضا بالفنون، بما فيها فن الرقص. إلا أنه لا يوجد مدربون وأماكن تدريب، لكن هذا الوضع يجب أن يتغير كما ترى الراقصة السابقة ومدربة الرقص مالك سباعي التي اشتغلت سابقا مع فرق راقص معروفة في دول عدة.
وتشارك سباعي، مديرة المشروع المشترك لتعلم الرقص، والتي استضيفت أكثر من مرة من قبل مدرسة الرقص في دريسدن للإطلاع على برنامج التدريب على الرقص الاحترافي. الراقصة التونسية السابقة تقول في هذا السياق إن الأمر لا يعني أن "يتم استنساخ وتطبيق برنامج الرقص الذي تقدمه مدرسة دريسدن كما هو وبنسبة مائة بالمائة، إلا أنه يمكننا أن نستفيد كثيرا منه".
راقصون موهوبون
من جانبه يقول فرناندو كولهو، مدرب الرقص في مدرسة دريسدن للرقص، إن ضيوف المدرسة من شمال إفريقيا موهوبون ويتعلمون بكل حماس، إلا أنهم يفتقرون إلى المعارف النظرية الأساسية حول الرقص وتقنياته. وهذه التقنيات بالذات، تهتم بها سيرين مريم ساسي، التي تدرب يسرا زوالي في تونس. وتجمع كل من المدرِّبة والمتدربة على أنه يمكن الاستفادة كثيرا من احتراف أساتذة مدرسة الرقص في دريسدن.
وقد تعرف فرناندو كولهو وزميل له في هذه الأثناء على الوضع التدريبي في تونس بنفسهما. وأجرى الاثنان بإشراك مالك سباعي محادثات مع ممثلين عن وزارة الثقافة التونسية. فرغم أن تمويل مشروع تعلم الرقص مضمون حتى عام 2016، إلا أنه من المقرر أن يتولى الطرف التونسي في المدى الطويل تمويل المشروع بنفسه. وكما لاحظ فرناندو كولهو وزميله، فإنه لا تزال هناك مشاكل كثيرة بهذا الخصوص، إذ لا يوجد عدد كاف من غرف التدريب مثلما لا تتوفر مناهج تدريبية. ورغم ذلك، فإن كولهو متفائل. وكما يقول، "توجد لدى التونسيين تقاليد كثيرة في مجال الرقص الشعبي يمكن بناء شيء بالاعتماد عليها". ويضيف: "إلا أنه لا يجوز فرض المنهج الأوربي عليهم، وإنما من الضروري أن يبحثوا عن أسلوب خاص بهم".
ويكمن هدف التونسيين في توفير نظام تدريب على الرقص يرتقي إلى المعايير العالمية، و"هذا يتطلب استثمار أموال كافية وقبل كل شيء آخر فترة زمنية طويلة تتراوح بين عشر وعشرين سنة، كما تقول سباعي. وهى تأمل في تخصيص أموال لذلك، وهناك قانون في تونس ينص على تشجيع ودعمها ماليا، وإعفاء الداعمين من دفع قسم من الضرائب. وتضيف "أدت الثورة إلى نشوء مجتمع مدني"، متوقعة أن تكون برامج التدريب على الرقص مجانا في المستقبل.