تقنية تجليد بافارية في اللاذقية السورية
١٦ مارس ٢٠٠٧لم يكن مالك جليكو يحلم يوماً بأنه سيعتمد في مهنته على التكنولوجيا البافارية. قبل أكثر من عشر سنوات بدأ حياته المهنية كمدير لمكتبة صغيرة في مدينة اللاذقية السورية تحمل اسم راميتا وهو الاسم القديم للمدينة. وقد تركز عمله حينها على ترميم بعض الكتب والمجلدات بطريقة فنية تعتمد على اليد دون الآلة. أما نقطة قوته فهي الخبرة التي اكتسبها عند أشهر المجلدين شهرة في المدينة، الأمر الذي مكنه من تقديم خدمته بنوعية وجودة عاليتين.
الحل بالاعتماد على التقنية البافارية
لم يمر وقت طويل حتى بدأ عدد زبائنه يزداد باضطراد. وعلى الرغم من اعتماده على موظفين جدد فإن العمل اليدوي لم يعد يكفي لتلبية الطلب. وهكذا بدأت عملية بحث طويلة عن آلة أو أجهزة تساعده على سرعة الإنجاز كي يواكب النمو الذي تشهده المكتبة. "بحثنا سنوات قبل العثور على ضالتنا لدى شركة بلاناتول Planatol في بافاريا الألمانية"، ويضيف مالك: "بداية قيل لنا بأنه لا يوجد سوى آلات تجليد كبيرة تصلح لمعامل من الحجم الكبير ولا تناسب احتياجات مكتبات صغيرة مثل مكتبتنا". وعندما بدأ يفقد الأمل بالحصول على ضالته أسعفه صديق يقيم في ألمانيا بمعلومة تفيد بوجود آلات صغيرة خاصة بالتجليد الكلاسيكي للكتب، وخلال الجولة الثانية من البحث تبين بالفعل وجود مثل هذه الآلات في بلدان مثل اليابان وفرنسا والهند وألمانيا. غير أنها باستثناء الآلة الألمانية تعتمد في إنتاجها على تسخين المواد اللاصقة قبل استخدامها. ومن مساوئ هذه الطريقة التي يُطلق عليها التجليد الساخن ضررها بالبيئة والصحة بسبب الانبعاثات التي تطلقها. كما إن الكتب والمنشورات التي يتم تجليدها بها لا تتحمل درجات حرارة أو رطوبة عالية كتلك التي يتميز بها فصل الصيف في بلداننا.
أجهزة تجليد ألمانية صديقة للبيئة
وهكذا وقع اختيار راميتا على آلة التجليد الألمانية بيرفيكت بايندر PPLANAX Perfect- Binder II التي تعتمد على التجليد البارد الذي يتحمل حتى درجة حرارة أكثر من 75 مئوية. وتنتج هذه الآلة النصف آلية نحو 200 كتاب في الساعة. ومن ميزاتها صغر الحجم، إذا لا تشغل أكثر من مترين مربعين. ويقول لودفيغ هوخفلتسر مدير التسويق في شركة بلاناتول المنتجة إن هذه التقنية صديقة للبيئة وفريدة من نوعها في العالم. وهي من الشركات العريقة في هذا المجال منذ تأسيسها قبل 75 سنة. وإضافة إلى آلة بيرفيكت بايندر تنتج بلاناتول أجهزة أخرى خاصة بالتجليد وفي مقدمتها جهاز كوبي بايندر 3 Copy Binder المتخصص بالتجليد الحراري السريع للمنشورات والكتب حتى 500 صفحة. ويعتمد هذا الجهاز على أشرطة لاصقة بمقاييس مختلفة. ومن ميزاته وفقاً لما يقوله هوخفلتسر صغر الحجم الذي يزيد بقليل على حجم الآلة الكاتبة. كما أنه سريع الأداء، إذ يمكن تجليد كتاب أو منشور بنوعية عالية وتسليمه للزبون بضع دقائق. وتنتج شركة بلاناتول كذلك المواد اللاصقة من مواد طبيعية بالدرجة الأولى وعياً منها بأهمية الحفاظ على البيئة. ولا يتم استخدام هذه المواد لأغراض تجليد الكتب والمنشورات فقط، بلا لأغراض صناعية متنوعة تشمل صناعة السيارات والبناء والطائرات والأنسجة وغيرها. وبذلك فإن بلاناتول " تقدم أنظمة تجليد بحلول متكاملة بدءاً بالمواد اللاصقة وانتهاء بالأجهزة مروراً بالمعارف والتقنيات اللازمة لذلك"، كما قالت يوليا هاوسر- هيسلمان مديرة العلاقات العامة في الشركة.
تقنية تناسب المؤسسات الصغيرة
تقنية التجليد البافارية هذه تناسب المؤسسات الصغيرة والعائلية المنتشرة على نطاق واسع في سوريا والبلدان العربية كما يقول مدير مكتبة راميتا. ولا يبدو عاملون راميتا من المعجبين بتقنية بلاناتول فقط، وإنما بخدمة ما بعد البيع التي تقدمها من صيانة وتدريب وتأهيل للزبائن. وهو الأمر الذي يقدره مدير التسويق عبدالله عندما دعته الشركة لزيارتها وقامت بتأهيله على أجهزتها وعلى صيانة هذه الأجهزة. وعلى ضوء وجود شريك لها في السوق السورية تنوي بلاناتول دخول هذه السوق والأسواق المجاورة في أسرع وقت ممكن على ضوء الفرص الواعدة لها هناك في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المنتشرة هناك بكثرة. وفي مرحلة لاحقة ستحاول الشركة الألمانية توسيع نشاطها في منطقة الخليج العربي لاسيما وستقوم بتسويق منتجاتها هناك من خلال إمارة دبي في الوقت الحالي. وفي معرض رده على سؤال يتعلق بارتفاع أسعار هذه المنتجات مقارنة بمثيلاتها الآسيوية يقول هوخفلتسر إن المنتج الذي يتمتع بجودة عالية يكون دائماً أعلى كلفة وسعراً من نظيره الأقل جودة، وهو الأمر الذي ينطبق على مؤسستنا وغيرها"، ويضيف هوخفلتسر: " بفضل النوعية استطعنا دخول أسواق صعبة للغاية بما فيها السوق الصينية".
عفراء محمد/ كاتبة سورية