تونسيون في ألمانيا: لا جنسية للإرهاب ونؤيد ترحيل المجرمين
٢٤ ديسمبر ٢٠١٦تابعت الجالية المغاربية عامة والتونسية خاصة بقلق وترقب كبيرين تداعيات اعتداء برلين الذي ذهب ضحيته 12 شخصا والذي يشتبه في أن شخصا تونسيا، يدعى أنيس عامري هو من نفذه قبل الإعلان عن مقتله الجمعة 23 ديسمبر/ كانون الأول 2016 في ميلانو في تبادل لإطلاق النار.
تجولنا في الحي القريب من محطة القطار الرئيسية في مدينة دوسلدورف الذي تسكنه جالية مغاربية مهمة لاستطلاع أراء التونسيين حول تدعيات هذا الاعتداء عليهم، "كل شخص يتعرض للقتل بغض النظر عن دينه أو عرقه يشعرني بالحزن، ولن أتعاطف مع القاتل حتى ولو كان ابني"، يقول خالد في حوار مع DW عربية.
خبر مقتل المشتبه به الرئيسي أنيس عامري استقبله التونسيون الذين استطلعنا آراءهم بمشاعر مختلفة، فبينما لا يزال يتشكك البعض في كون عامري هو الفاعل الرئيسي في اعتداء برلين في ظل عدم صدور أي حكم قضائي بهذا الخصوص لحد الآن، يقول آخرون إنه يستحق مصيره الذي انتهى إليه، لكونه متورطاً في إزهاق أرواح أبرياء.
حادث برلين أساء للتونسيين
عبد الله وهو شاب تونسي في الخامسة والعشرين من عمره يقول إنه كان يتمنى أن يتم إلقاء القبض على عامري "حتى يتم التحقيق معه بشكل كامل وتتأكد إدانته بشكل أوضح"، ويتساءل: "هذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها الأجهزة الأمنية عن عثورها على أوراق ثبوتية للجاني في مكان تنفيذ الجريمة"، في الإشارة إلى عثور الشرطة الألمانية على بطاقة هوية لعامري في الشاحنة التي استخدمت في دهس الضحايا. مقابل ذلك يؤكد أحمد وهو طالب تونسي جاء إلى ألمانيا قبل ثلاث سنوات أن قرائن كثيرة تتثبت تورط عامري في الحادث، مشيرا إلى أن "المشتبه به كان معروفا لدى أجهزة الأمن بسبب تطرفه".
لكن الأهم بالنسبة للآخرين ليس هو مصرع المشتبه به الرئيسي وإنما الأثر الذي خلفه الحادث على وضع الجالية التونسية والمغاربية بشكل عام، خاصة في ظل توالي الأحداث التي يتهم فيها أشخاص ينحدرون من شمال إفريقيا بجرائم مختلفة. في هذا السياق يؤكد هادي وهو عامل في شركة للسيارات ويعيش في ألمانيا منذ 15 عاما، أن الحادث الذي يُتهم شخص تونسي بارتكابه أثر سلباً عليه شخصياً وعلى محيطه ويقول بهذا الخصوص لـ DW عربية: "أصبح البعض ينظر إلى التونسي أو المغاربي على أنه مجرم ومتطرف، وهذا لم يكن يحدث من قبل" مضيفاً: "يسألني زملائي في العمل لماذا يفعل التونسي أو المسلم مثل هذه الأفعال، وأنا أظل أحاول أن أوضح لهم بأن الإرهاب لا دين له ولا جنسية له".
تسريع إجراءات الترحيل
التقينا بحفيظ الذي يملك محلا للحلاقة في قلب المنطقة المغاربية بدوسلدورف. يقول حفيظ إنه منذ أحداث رأس السنة في كولونيا، تغير الوضع هنا حيث "لم يعد الكثير من الألمان يأتون إلى هذه المنطقة المشهورة بمطاعمها ومقاهيها المغاربية". ويوضح حفيظ ذلك في حديثه لـ DW عربية: "تأثرت كثيرا لما سمعت بحادث برلين وبأن المتهم الرئيسي هو تونسي. للأسف مثل هذه الأخبار تشكل صفعة بالنسبة لنا لأنها تسيء للتونسي والعربي والمسلم بشكل عام. وتضرب كل جهودنا في تقديم صورة إيجابية عن العربي والمغاربي عرض الحائط".
وانطلاقا من ذلك يؤيد حفيظ بشكل كامل قرار السلطات الألمانية الإسراع في ترحيل اللاجئين المنحدرين من شمال إفريقيا الذين لم تقبل طلبات لجوئهم. "فالإبقاء على هؤلاء وقت أطول دون منحهم حق الإقامة يزيد من احتمال حدوث مشاكل أمنية، لأنه يصعب ضبط تحركات هؤلاء ونشاطاتهم". ويضيف: "أنا مع الترحيل السريع، خصوصا للذين تورطوا في ارتكاب جرائم".
الدول المغاربية تتحمل أيضا المسؤولية
أما مُجري خ. وهو تونسي مقيم في ألمانيا منذ حوالي 16 عاما فيقترح بدل من ذلك تسهيل إجراءات التأشيرة للدول المغاربية حتى يتمكن الشباب المغاربي من الدخول إلى ألمانيا بطريقة قانونية، وبالتالي يصبح من السهل على الدولة الألمانية التحكم في الأشخاص الذين يأتون إليها كما يسهل عليها فيما بعد احتوائهم لتوفرهم على كل الوثائق اللازمة.
بيد أن ألمانيا ليست هي وحدها التي تتحمل المسؤولية فيما يحدث، بحسب هادي، وإنما أيضا الدول التي ينحدر منها اللاجئون المغاربيون أيضا، فماذا تفعل سفارات الدول المغاربية لاحتواء طالبي اللجوء الذين ينتمون إليها؟ وما هو دور الجمعيات المدنية والمساجد في تقديم مناعة للشباب المهاجر تحميه من التطرف، يتساءل هادي؟ ويؤكد صاحب الأربعين عاما أن "بعض المساجد في ألمانيا ساهمت في تطرف الكثير من الشباب بسبب خطابات أئمتها التي تدعوهم فيها للتشدد".
وإذا كان هناك اختلاف بين أفراد الجالية التونسية -التي رصدنا أراءها- في تحديد المسؤوليات وإجراءات الحماية من تكرار أعمال إجرامية مماثلة، فإن هناك إجماعاً بينها في نبذ العنف ورفض التطرف حتى ولو كان الفاعل تونسياً مثلهم.
هشام الدريوش ـ دوسلدورف